الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٨١ - الجمعة ٢٥ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ٤ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


حفظ الله مصر من كل مكروه





هذه مصر مازالت تقف شامخة قوية بشعبها الأبي وجيشها العظيم، أحبطت كل المؤامرات والدسائس، فهي الأمة برمتها التي يستحال التغلب عليها، واليوم تكتب تاريخا جديدا عندما تذهب الأمواج البشرية لتصوت لقائد جديد يمسك بها إلى المستقبل في تكتل قومي يكون لها دافعا معنويا وعسكريا يدفعها لتطوير عدتها واقتصادها واتحاد كلمتها وعملها المشترك مع أشقائها من الدول العربية، ولتكن مصر سيدة المنطقة فهي العضيدة الأهم لأشقائها العرب، وسند منيع لصد الغزاة والمتآمرين وخصم عنيد للطامعين الذين يريدون شرا للأمة وخاصة الذين يريدون الحصول على المورد الاقتصادى المشروط باتفاقيات مقيدة، فحتى هذه العوامل التافهة التي تلقى اليها وتتناولها من يد أعداء الحرية والسلام لم تسلم من السيطرة والتحكم باستقلالها، وكأن الأمة العربية قد طواها الخوف والموت وغيبتها ظلمات القبور وهي لا شك فتنة من شأنها ان تجرنا إلى فتن، لان قوى الشر مستعدة لشن مثل هذه الغارات غير عابئة مما تجر وراءها من كوارث تتجاوز عواقبها كل تقدير.

وهذا ما يبعث القلق في نفوس أبناء الأمة إذ يخشون الانفجار، فينقسمون أكثر مما هو حاصل اليوم ومما يضاعف القلق هو ما يعلمون عنه وما يرونه من اضطراب الأوضاع في المنطقة والعالم، فقد انتشرت الدسائس الأجنبية والفتن المستوردة مهما كانت جنسيتها فهي تحرض بكل الوسائل على إشعالها وتمولها بأدوات الشر من أجل ذلك بكل طريقة لتخريب ولتعطيل عجلة التقدم والازدهار.

أتساءل: أين نحن من حقوق الجيرة والقرابة والدم والدين ان نترك بعضنا بعضا عرضة للاحتلال والابتزاز لقوى الشر والهيمنة الاستعمارية أيا كانت جنسيتها؟ ولكن أي عذر نلتمسه لزعماء الأمة وقد وقفوا من القضية موقفا متداعيا حتى كبر الخطر واستقوى الجيران ونحن في سبات عميق؟ ففي دولنا اليوم الكلمة والقوة والثقة كلها معطلة حتى الموارد والأموال والقوة البشرية وكذلك الأرض العربية، وشبابنا وثقافة الانترنت جعلتهم يتسكعون في المقاهي والمجمعات والسيارات فأصبحوا لا يميزون المصلحة القومية من المصلحة الأجنبية، تنقصهم الوحدة والقيادة التي تسلك لهم طريق الكفاح الشاق الذي فقدناه وعمل علي تأخرنا عشرات السنين للوراء، لقد كانوا في غفلة من جراء السياسات المجرمة التي لعبتها قوى الشر من خلال الإعلام والفضائيات والانترنت، فقد أساءوا إلى المبادئ والقيم ولعبت تلك القوى المشبوهة في عقولهم ودست الأفكار المسمومة المستوردة حتى انها دخلت في بيوتهم وحالت بهم إلى هذه الحالة ولاتزال تلاحقهم ولاتزال تلتف حول أعناقهم وتعوقهم عن الحركة والتفكير الوطني واستدرجوا إلى الهاوية فكبلوا بالأفكار الاستسلامية والمهزومة والانبطاحية، لبسوا ثوب التوكل على قوة الأجنبي الصديق الذي يضع دائما مصلحته فوق مصلحة الأمة، فتغلغل الكسل والخنوع، وكيف لا يكونون كذلك وزمام أمرهم في يد الأسياد؟ في حين الحكومات العربية لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا ولا تستطيع ان تفعل شيئا الا إذا وقعت الفأس في الرأس، ألست ترى ان الزيارات والمحادثات والمفاوضات التي تدور حول العالم تهدر كل دقيقة بقيمة هذه الأمة؟ ومشاكل الأمة مازالت معلقة على رفوف الأمم المتحدة ودول عدم الانحياز ومؤتمر الدول الإسلامية والجامعة العربية ومنها محاوله العمل المشترك والاتفاق على بناء القوة العربية العسكرية وفي وحده الكلمة وتهيئة الظروف لتكون الأمة العربية سيدة الموقف والارض والبحر والسماء في الشرق الأوسط. بكل أمانة وطنية نريدك يا مصر قوية بقائدك القادم وشعبك العظيم وبجيشك المغوار.

لم نتحمل أكثر، آمالنا وطموحاتنا كثيرة ولن نسمح لمكتسباتنا ان تهدر وتنتزع منا بين الشد والجذب، فالسياسيون عندنا يصوغون الكلمات والتصاريح الإنشائية بطريقه يشغلون بها أنفسهم ويخدعون الشعوب بينما الخطر جاثم في أراضينا والطامعون يتربصون من حولنا وفوق أجوائنا، انهم يريدون هذه المنطقة لا رحمة ولا إشفاقا لشعوبها كما يقولون، ولكن لأهدافهم وأطماعهم التوسعية، فها هي دول الأمة تعيش في قلق دائم لا تستطيع مع هذه التحديات الظالمة ان تباشر الإعداد لإنشاء الوحدة القومية في جو هادئ مستقر، بل ساعدت الأزمات المتكررة المصطنعة على تفتيت وتضليل الثقة بين دول الأمة، فتحملها العرب أنفسهم وأصبح الطامع يتغلغل من خلال الثغرات الطائفية والمذهبية والعقائدية تلك هي السياسة التي يرسمها الطغاة وينفذها الخونة.

إن الحل في أيدي زعماء الأمة وشعوبها ولم تحل إلا بالإجماع وبصناعة القوة العربية الكبرى ومصر هي الأمل وهي القوة التي تصونها، فيجب هنا دعمها بالمال والاعتماد على خبراتها في كل المجالات.. هذا هو الطريق الصحيح للمحافظة عليها وعلى قوتها وثقافتها ومكانتها فنرجو الا يضيع الوقت أكثر مما ضاع وما حدث معه من مصائب.

«وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة» ولا تغرروا بأحد من امتنا فالقضية لا تتحمل كل هذه السياسة وهي اما القوة العربية الكبرى وان نكون أسياد الشرق الأوسط وإما الاستسلام، فكان الأمل يأخذنا إلى الوحدة العربية الكبرى ولو في بناء القوة العربية المسلحة، فهذه كانت ومازالت أحلام العرب فمنذ قيام الحرب العالمية الأولى، نعتز ان هناك أمجادا مرت على هذه الأمة وتعددت المحاولات لتحقيق هذه الآمال بإقامة تكتل عربي تستطيع به مواجهة التطورات العالمية والإقليمية ولكن هذه المحاولات ذهبت عبثا، وتحطمت على صخور السياسة الأحادية لكل دولة عربية وكذلك للتفتت والفرقة اللتين صنعتهما أيادي الاستعمار القديم ورأينا كيف مرمرت قوى الأطماع والشر دولا عربية كثيرة، ثم جاءت الجامعة العربية واختفت الخلافات العربية العربية في أركان مظلمة من قلوب المتخاصمين، ذلك ان الاستعمار القديم والجديد لا يواجه الشعوب مواجهة واضحة ولكنه يسايرهم لامد محدود، ويحولون دفتها لتسير في ركابهم وتخدم مصالحه مثلما وجدت الجامعة العربية فهناك تكتلات عربية أخرى قامت حين كان الأجانب في حاجة إلى قيامها، وهذا هو موضع العبرة كالمهندس المعماري الذي يعرف مواطن الضعف في البناء الذي يقيمه ليستغله في الهدم بعد سنوات وهذه نظرية المستعمر القديم ويرعى مصلحته في هدمه، ولقد مر على هذه التكتلات العربية أوقات ظننا فيها اننا أصبحنا كتلة قوية، وأننا نستطيع ان نباشر في صناعة القوة العربية العسكرية الموحدة والسيطرة على المنافذ والأرض، فهذه السماء سماؤنا وكل هذه الخيرات هي من حق شعوبنا ،ونستطيع ان نصون الحقوق ويخسأ من يحاول الاعتداء على شبر من أراضي الأمة، ولكن المهندس المتربص لم يكن ليسمح لها - أي الامة - بالامتداد وصناعة القوة والاتفاق في الكلمة والوحدة والعمل المشترك ،فكان موجودا على الساحة بالجواسيس والخونة والعملاء يخوّف هذا ويهدد ذاك، ويستغل ويضرب ويفكك حتى جُرح الجسد الواحد وأصبحنا اليوم ندفع الفاتورة بعد الأخرى. من هنا فالأمة اليوم بحاجة إلى مصر العروبة حتى يكون المصير المشترك والعمل على صناعة القوة العسكرية هدفا استراتيجيا، تحيا بها الأمة العربية العظيمة ؟ حفظ الله مصر .



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة