الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٨١ - الجمعة ٢٥ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ٤ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


عندما اعتذرت شركة أزياء معروفة للرأي العام





شركة هنز وميرتز السويدية العالمية، والمعروفة بشركة إش أند إم )M&H( للأزياء، والمتخصصة في تصميم وبيع أحدث أنواع الموضة والأزياء للنساء والأطفال والرجال، تُقدم اعتذاراً رسمياً نُشر في الصحافة العالمية.

فقد جاء هذا الاعتذار رداً على الانتقاد الشديد اللهجة الذي وجهته الجمعية السويدية للسرطان من خلال أكبر صحيفة سويدية هي )retehyN snegaD(، بسبب نشر الشركة صوراً دعائية للعارضة البرازيلية «السوبر مودل» المعروفة إيزابلا فونتانا )anatnoF ilebasI( وهي ترتدي ملابس السباحة، وجلدها مصبوغ كلياً باللون الذهبي أو اللون البرونزي الغامق واللافت للنظر، حيث نص اعتذار الشركة على ما يلي: «نحن نعتذر إذا كُنا قد أزعجنا أحدا بسبب حملاتنا الدعائية الأخيرة لملابس السباحة، فلم يكن في نيتنا تقديم أنموذجٍ محدد، أو تشجيع سلوكيات خطرة... لقد أخذنا في الاعتبار الآراء المقترحة وسنواصل مناقشتنا داخلياً في الحملات الدعائية المستقبلية».

فما علاقة جمعية السرطان بصورة امرأةٍ ترتدي ملابس السباحة؟

إن الذي أثار غضب هذه الجمعية الطبية هو لون جلد العارضة البرازيلية، وهو اللون البرونزي، مما يعني أن شركة إش أند إم للأزياء والموضة، بقصدٍ أو بغير قصد، تُروج لمعايير محددة للجمال والأناقة، وتسوق وصفة خاصة لمن يريد أن يلحق بركب الموضة العصري المتحضر، وهو لون الجلد البرونزي، أي أن الشركة تُقدم دعاية لعملية صباغة الجلد أو العملية التي تعرف بـ «التانينج»، وهذه العملية التجميلية خطرة جداً، وتتمثل في تعرض الإنسان طوعاً للتلوث الإشعاعي، وبالتحديد الأشعة فوق البنفسجية، ولذلك فهي تهدد حياة الذين يقومون بها بسرطان العين والجلد، وبالتحديد الملانوما )amonalem(، وهو من أشد أنواع سرطان الجلد ضراوة وفتكاً بصحة الإنسان.

ولذلك فنشر صورة امرأةٍ عارضة للأزياء تعتبر قدوة للمرأة العصرية، وتؤثر بشكلٍ مباشر على سلوكيات وعادات الناس، فكل ما تلبسه أو تقوم به، تقلده النساء، وبخاصة المراهقات. فظهور هذه المرأة بالجلد البرونزي يؤدي إلى تشجيع الناس، من الرجال والنساء، وحثهم على تقليدها والعمل بما تقوم به، فهذه الدعاية تعني إذن إصابة المزيد من الناس بسرطان الجلد القاتل، وتقدم أنموذجاً مميتاً للناس، ووصفة سريعة للموت المبكر.

فالمجتمع الطبي يُجمع على خطورة عملية التانينج، والدراسات تصب في الرأي الذي يفيد بأن هذه العملية تسبب سرطان الجلد، بل تؤكد دراسات نفسية طبية أن عملية التانينج تسبب الإدمان، أي أن الإنسان الذي يقوم بهذه العملية عدة مرات فإنه يدمن عليها ولا يستطيع أن يتجنبها.

فعلى سبيل المثال، قررت منظمة الصحة العالمية، واستناداً إلى توصية الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، أن تضع «أسرة التانينج»، أو تُصنِّف عملية التانينج بأنها «مسرطنة للإنسان».

وانطلاقاً من نتائج الأبحاث العلمية والطبية حول أضرار التانينج الصحية، وتوافقاً مع توجهات منظمة الصحة العالمية، قامت بعض الدول باتخاذ إجراءات تشريعية لمنع أو تقنين استخدام هذه العملية. فولاية كاليفورنيا، وولاية نيو جيرزي، ومدينة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية قررت منع المراهقين الذين تقل أعمارهم عن ١٨ عاماً من استخدام أسرة التانينج. كما قامت مقاطعة ويلز البريطانية بفرض غرامة مالية على كل من يقوم بعملية التانينج من دون إشراف، إضافة إلى أنها ألزمت محلات التانينج إلى وضع لوحات تثقيفية تبين الجوانب الصحية السلبية المتعلقة بها، ومنعت الذين تقل أعمارهم عن سن الـ ١٨ عاماً من استخدام أسرة التانينج. أما البرازيل فقد منعت هذه العملية بشكلٍ كلي.

ولذلك أدعو الجهات المعنية بالصحة العامة، سواء أكانت حكومية أو جمعيات طبية، إلى دراسة مدى انتشار هذه الظاهرة في البحرين، ثم سن التشريعات والأنظمة اللازمة لمنعها أو الحد من استخدامها.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة