الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٨٩ - السبت ٢ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ١٢ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين


«السنة» وأمريكا.. كان صرحا من خيال فهوى





بعلم الدولة وترحيبها دخل نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي البلاد، وبعلم الدولة جاءت زيارته بشكل رسمي، وبعلم الدولة وصمتها التقى -علنا وليس سرا- مع ممثلي جمعيات حقوقية وشخصيات بعضها له مواقف طائفية من الدرجـــــة الأولى، وبعــــــلم الدولة ورغم إرادتها تم اقصاء الغالبية العظمي من الشعب في اللقاء، وبعلم الدولة وتقديرها فإنها ليس باستطاعتها إرغام المسئول الأمريكي على من يجتمع ومع من لا يجتمع، وبعلم الدولة وشفافيتها تم السماح بحرية التحرك واللقاءات للمسئول الأمريكي مع من يشاء.

ولكن مما لا تلقى له الحكومة الأمريكية بالا ولا اعتبارا، ومما لا تعلمه الدولة ولا تحسب له حسابا مع تراكم الأيام واللقاءات والتحركات، في ظل تكرار بالونات وتسريبات «الحوار» التي أصبحت مثارا للسخرية والسخف، هو موقف «السنة» في البحرين وخصوصا والعالم العربي والإسلامي ذي الغالبية السنية، من تصاعد حدة الرفض والكراهية للمواقف الأمريكية، في ظل دعمها الدائم والمستمر للمعارضة الطائفية وتهميشها وإقصائها المتعمد للمكون الرئيسي في العالم العربي والإسلامي والمنطقة الخليجية والمجتمع البحريني.

بالتأكيد للحكومة الأمريكية مواقف داعمة ومساندة «للسنة» في مناطق عربية وإسلامية أخرى، وحقهم في المشاركة في اللعبة السياسية والديمقراطية، والأمثلة كثيرة، ولكن ذلك ليس حبا في «السنة» وإيمانا بالحقوق الشعبية، بقدر ما هي لعبة مصالح أمريكية كنهج ثابت وراسخ، بحسب كل دولة ومجتمع.

ربما كان من المفيد للسياسة الأمريكية وفي ضوء حرصها «المعلن» للمصالحة والإصلاح في البحرين، وهي بعيدة كل البعد عن تمني الخير والنفع لصالح البحرين ومستقبلها، أن تدرك جيدا أن موقفها المستمر في دعم المعارضة الطائفية وتهميش المكون الرئيسي في المجتمع البحريني هو أحد أسباب استمرارية الوضع في البلاد، ولو كانت الإدارة الأمريكية صادقة وجادة في نوايا الإصلاح والمصالحة لقامت بمد الجسور والتواصل وعقد اللقاءات والاجتماعات مع ممثلي المكون الرئيسي في البحرين بدلا من النهج الإقصائي لهم مع تقريب الطائفيين، وفق مصالح استراتيجية أمريكية في المنطقة واتفاق إيراني غير معلن. ما لا تدركه الإدارة الأمريكية، ولربما تدركه جيدا ولكنها تتعمد المضي فيه، هو أن أسلوبها هذا يزيد من مشاعر الاحتقان للمكون الرئيسي ليس ضد المعارضة الطائفية فحسب ولكن ضد الإدارة الأمريكية كذلك بالطبع، ولربما هذا الأسلوب يدفع البعض لمناصرة كل القوى «السنية» في العالم العربي والخليجي التي تعمل ضد مصالح أمريكا، وقد تدفعها لتهديد مصالحها في الداخل والخارج، وتقديم كل أشكال الدعم لأي جماعة «سنية» مهما كان توجهها تسعى لضرب المصالح الأمريكية في أي بقعة من بقاع العالم، وهذا أمر لا يقبله المواطن الأمريكي ودافعو الضرائب، وهو خطأ استراتيجي توغل الإدارة الأمريكية في استعماله وتكراره منذ أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١م.

تعويل الإدارة الأمريكية على أن دعمها لجماعة الإخوان المسلمين «السنية» وغيرها من الجماعات في مصر وتركيا وغيرها، وإن كان في دعم حقها في المشاركة السياسية في دولها، من شأنه أن يشتت الموقف السني العام في العالم العربي والإسلامي، وبالتالي غض النظر والطرف عن تجاوزاتها في البحرين وانحيازها مع المعارضة الطائفية، يمكن أن يسهم في تشكيل موقف «سني» عالمي مؤيد لأمريكا فهذا ضرب من الخيال، لأن «السنة» المكون الرئيسي للعالم العربي والإسلامي لديه ثوابت راسخة من ثوابت الأمة في أن «السنة» جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له كل الأعضاء بالدعم والمساندة والمناصرة، وهذا حاصل حاليا مع «سنة» العراق وسوريا وغيرها من بلاد العالم.

علاقة «السنة» مع أمريكا في ظل استمرارية الخطأ الاستراتيجي للإدارة الأمريكية ستظل علاقة صرح من خيال سرعان ما سيهوي ويسقط.. والتاريخ خير شاهد.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة