«كلِّ حاجَه تمام يافندم»!!
 تاريخ النشر : الأربعاء ٦ يونيو ٢٠١٢
إبراهيم الشيخ
سقوط الطائرة التابعة لطيران الخليج في أغسطس عام ٢٠٠٠، انقطاع الكهرباء عن جميع مناطق البحرين في ٢٠٠٤ و٢٠٠٦، سيول جدة الأوّل والثاني ٢٠٠٩ و٢٠١١، حرق الإطارات في الكويت، وحريق فيلاجيو بدولة قطر هذا العام.
كوارث مفجعة خلّفت مئات الضحايا والمنكوبين والمفجوعين، وتسبّبت بجروح غائرة في ذاكرتنا لم تندمل بعد، لكنّنا لم نسمع بمحاسبة من أجرم، أو على الأقل استقالةٍ يتم رفضها بعد ذلك، «منشان عيون الضحايا»!
دول آسيوية قريبة، ودول غربية بعيدة، سمعنا فيها عن استقالات ومحاكمات، بالرّغم من أنّنا لم نسمع عن كوارث كالتي حدثت عندنا تتكرّر عندهم!
وزير ياباني استقال بعد ثلاثة أيام من تولّيه منصبه، والسبب: احتجاجاً على تقاعس الحكومة عن سن تشريع حول إصلاح البريد!
وزير العدل الياباني استقال قبل سنتين أيضا، بسبب زلّة لسان اعتبرها البعض استخفافاً بالبرلمان!!
وزير التجارة الياباني استقال العام الماضي بعد تسلّمه منصبه بأسبوع، والسبب مزحة اعتبرت تصرّفاً غير لائق منه!
لنترك اليابان التي اشتهرت بالوزراء المستقيلين بل وحتى المنتحرين! ولنتوجّه إلى ألمانيا، حيث قرّر الرئيس الألماني التنحّي عن منصبة قبل أشهر، بسبب تهم فساد تلاحقه، ليخرج بتصريح يقول فيه: إنّ ألمانيا بحاجة إلى رئيس يحصل على ثقة الغالبية الساحقة من المواطنين، وليس الغالبية فقط!
ولكم أن تتذكّروا استقالة وزير الطاقة والتغيير المناخي البريطاني قبل أشهر بسبب مخالفة سرعة!!
في دولنا، يفرح الوزير والمسئول بعد حصول أي كارثة أو مصيبة، لأنّه يتيقّن أنّه سيحصل على مكافأة، وسيتم تكريمه، بل انّه على الأقلّ سيتم تتويجه في الإعلام المزيّف، وإظهاره بصورة البطل الذي استطاع الحد من كارثة أبشع!
في دولنا، لا تستغرب في اليوم التالي للحادثة، وحتى قبل أن تنتهي ثلاثية العزاء للمفقودين، أن تقرأ إعلانات التهنئة للوزير المسئول عن تلك الكارثة!!
عقلية «كلّ حاجَه تمام يافندم» تشبّعت بها جميع الأجهزة الحكومية، وبجميع اللهجات العربية، بل وأصبحت عنواناً للمرحلة!
المفسدون يراهنون على النسيان، والإعلام يتفنّن في تحويل «حثالة الفساد» إلى أبطال قوميين، تنحني أمامهم قامات الإصلاح عبر التاريخ!!
ختاما، لذلك كلّه نبقى دائماً على هامش صفحات التاريخ، بل دائماً نختار أن نكون أبطال حكايات ما قبل النوم، التي تروى لأطفالنا على الأقلّ، هروباً من أسئلة أطفالنا لأنّهم ناعسون، كما هي الأمّة التي تنتظرهم!!
برودكاست: حتى لا أنشر الإحباط، وخلافاً لما هو منتشر في ثقافة الشعوب، من أنّ الشّعب السوداني شعب كسول جدا!
تخرج لنا النماذج من هناك، حيث استقال الوزير المهندس عبدالوهاب عثمان من منصبه قبل أشهر، بسبب تأجيل افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض، وهو موقف جدير «بتعظيم سلام».
آخر السّطر: بما أنّني ضعيف في مادة الرياضيات، التي كنت أنجح فيها متعلّقاً بنصف الدرجة التي تحميك من الدائرة الحمراء فإنّني أترك لكم حساب الكوارث التي حلّت بنا، وتمّ على إثرها مكافأة من تسبّب بها، أو قيّدت ضدّ مجهول، أو حُفظت في أدراج مغلقة، أو تمّ تلبيسها «فرّاش الوزارة»، حتى لا تقيّد ضدّ مجهول!!
.
مقالات أخرى...
- وماذا عن الأسوأ؟! - (5 يونيو 2012)
- عجزتم عن هذا ومرّرتم ذاك! - (4 يونيو 2012)
- من يُدير هذا التناقض؟! - (3 يونيو 2012)
- قطع الرّأس.. - (31 مايو 2012)
- عجز الثّقات.. - (30 مايو 2012)
- شكر النّعم وجحودها.. - (29 مايو 2012)
- زمنُ الفضائح.. وزمنُ الشّعوب - (28 مايو 2012)
- إبادة جماعية مذهبية.. والصّمت سيّد الموقف! - (27 مايو 2012)
- على الدولة أن تبادر.. حتى لا تخسر - (24 مايو 2012)