شكر النّعم وجحودها..
 تاريخ النشر : الثلاثاء ٢٩ مايو ٢٠١٢
إبراهيم الشيخ
خبران مؤلمان نُشرا يوم أمس في الصّحف، حول الحريق الذي أودى بحياة عشرة عمّال آسيويين، والآخر بسقوط عامل تنظيف الزّجاج الباكستاني من الطابق السابع عشر من احدى بنايات المنطقة الدبلوماسية.
تلك العمالة الوافدة، خرجت من أوطانها، وقد فارقت الأمّ والأب والزوجة والأبناء، يغيبون عنهم عشرات السنين، يكدّون ويتعبون ويضحّون بأعمارهم وحياتهم وصحّتهم في سبيل لقمة العيش.
لنتخيّل فقط حال الأب والأم والزوجة والأبناء عند علمهم بفقدان ابنهم! هو ألم الفراق عن بُعد، وهو ألم فقدان من يعولهم بعد ذلك المعيل!
نراهم في الشّوارع يرفعون القمامة، ويعملون في البناء، والشّمس الحارقة تسلخ جلودهم، وكلّ ذلك من أجل الحصول على تلك اللّقمة، يطعمون بها أنفسهم وذويهم.
بعضنا لا يصبر على الحرّ والمكيفات تبرّد له كل زاوية في منزله، والبعض الآخر لا يصبر على تعذيب أولئك حتى في عزّ الظهيرة! حيث يجبرهم على الأعمال الشّاقة سواء في المنزل أو خارجه، ونسوا أنّ الرّحمة متى ما نُزعت من قلوب البشر تحوّلوا عندها إلى وحوش آدميّة.
من البشر من يحرص على وضع ماء عند نافذته لتشرب منه الطيور في هذا الحر، ومنهم من يحرص على إطعام القطط والطيور «الزوّارة»، لنيل الأجر والثواب، بينما هناك فئات تستمتع بتعذيب البشر وإنهاكهم، وكسر خواطرهم، من دون أي مراعاة لحقوقهم الآدميّة!
من البشر من يحصل على لقمته من دون جدّ ولا كدّ ولا تعب ولا نصب، ومع ذلك لا تجد كلمة «الحمد لله» على لسانه! بل تجده يعبث بالنّعمة ويفسق بها، ومنهم من يتغرّب ويتحمّل مشقّة البعد ليعول أهله، ومع ذلك تجده شاكراً حامدا!
حياتنا مليئة بالدروس والعبر، لكن هل عقولنا وقلوبنا تمتلك بصيرة واعية، تتعظ من هذه الحياة، التي تقدّم الى البشر دروسها المجانيّة كلّ يوم!
برودكاست: في الوقت الذي يتمّ فيه نحر الشّعب السوري نحرا، وترتفع أصواتهم هناك لتسليح الجيش الحرّ ليدافعوا عن أنفسهم، تقوم إحدى الدول الخليجية باستضافة المغنيّة الخليعة «مادونا» وتدفع لها ملايين الدولارات لترقُص على جراحنا! وهي التي أعلنت أنّ جزءا من إيرادات حفلاتها سيذهب الى الكيان الصهيوني!! هل هذا وقته؟! وهل هذا من شُكر النّعم؟!
في الوقت ذاته، وبعد أن نهض مجموعة من العلماء بتنظيم حملة جمع تبرعات في دولة خليجية جارة لتسليح الجيش الحر تمّ منعهم! اتّقوا الله في الأمّة!
دماء الشعب السوري سوف تلاحقكم، فقط أعدّوا ليوم السؤال جوابا!
آخر السّطر: قرار هيئة شئون الإعلام وقف بثّ قناة البحرين على قمر العربسات، رسالة موفّقة ومهمة، يجب أن تتواصل من بقيّة دول الخليج العربي.
.
مقالات أخرى...
- زمنُ الفضائح.. وزمنُ الشّعوب - (28 مايو 2012)
- إبادة جماعية مذهبية.. والصّمت سيّد الموقف! - (27 مايو 2012)
- على الدولة أن تبادر.. حتى لا تخسر - (24 مايو 2012)
- مذلّة علاوة الغلاء ما هذا الهراء؟! - (23 مايو 2012)
- فريقان.. - (22 مايو 2012)
- هذه مصر.. لمن لا يعرفها! - (21 مايو 2012)
- أقسمتُ أن يَفنى الأسد.. - (20 مايو 2012)
- الفاضحة.. - (17 مايو 2012)
- من يعوق استقلال السلالطة القضائية؟! - (16 مايو 2012)