قضية تخلو من كل أسانيدها!
 تاريخ النشر : السبت ٩ يونيو ٢٠١٢
لطفي نصر
حديث الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة إلى الأستاذ أنور عبدالرحمن الذي نشر مؤخرا يحوي الكثير الذي يستحق الوقوف عنده لتأكيده من ناحية.. وتفنيد معظم ما ورد به من ناحية أخرى.
ما يعنيني الآن هو الجزء الخاص باستخدام الغاز المسيل للدموع في تفريق المسيرات والمظاهرات غير المرخص لها.. أو الخارجين عن قوانينها ونظمها.
هذه القضية ما كان يجب أن تناقش أصلا.. وما كان لجمعية «الوفاق» أن تعترض عليها أو تصعّدها إلى درجة الوصول بها إلى القضاء، أو أن تتجاوز وتدعي وتوجه ادعاءاتها إلى وزارة الداخلية، والقول «بأنها تستخدم غازا ساما لتفريق المتظاهرين في البحرين»، وذلك لعدة أسباب من أهمها أن هذا الغاز مستورد من بريطانيا وتستخدمه كل الدنيا.. وفي مقدمتها الدول العريقة والديمقراطية.. وانه لا يمكن ان يكون ساما لأن أول من يستنشقه هم مطلقوه وهم رجال الأمن، ولذلك وجدنا وزير الداخلية يظهر استياءه من هذا الادعاء لأنه ادعاء يفتقد كل عناصره ومبرراته.. فقد جاء في إجابة الوزير عن سؤال بشأن هذه القضية ما يلي: «... وأما حول الادعاء بأن الغاز المستخدم سام ويؤثر على صحة الناس، بالتأكيد فإنه لا يرضينا بأي شكل من الأشكال أن تكون الشرطة سببا في ازعاج الناس، وان الغاز المستخدم هو غاز مسيل للدموع، وهو نفس النوع المستخدم من قبل الدول الأخرى، وهو ليس بغاز سام لأنه لو كان ساما فإن أفراد الشرطة هم أول من يتضررون به».
والمخجل هو ما كشفه الوزير عن أن نفس هذا الغاز يستخدمه المناوئون والخارجون على القانون بتحريض «الوفاق» وغيرها من خلال إعادة تصنيعه وإدخاله في صنع القنابل والمتفجرات، الأمر الذي يرفع درجة خطورته في إيذاء المواطنين.. فيقول الوزير: أما المتظاهرون فإنهم يستخدمون هذا الغاز من خلال إعادة تصنيعه من مواد مجهولة وتركيبها بطرق غير معروفة، لم يجر التحقق من مدى خطورتها.. واذا كانت الشكوى من الغاز وخطورته، فهل حرق الاطارات واشعال الحرائق في الحاويات لا يشكل تلوثا للبيئة، وإضرارا بحياة الناس عندما ينتشر فوق التجمعات؟.. فلماذا لم نسمع إدانة من الجمعية لمثل هذه الأعمال والشكوى من خطورتها؟
عموما الحديث أو الشكوى من استخدام الغاز المسيل للدموع يَـعُـوزه المنطق.. وكل ما يمكن أن يحمل أو يغري المرء على سماع هذه الشكوى.. ولذلك لم يعد أحد يستمع إلى ما تقوله أو تردده المعارضة إزاء هذه القضية.. بل إن ترديدها أصبح يثير نوعا من السخرية لدى من تصل إلى أسماعهم لسبب بسيط جدا.. ألا وهو أنهم يريدون من رجال الأمن عندما يكونون في مواجهة عبث المخربين ومشعلي الحرائق وسكب الزيوت في الشوارع أو غلقها في وجه مستخدميها.. أن يكونوا عزلا تماما من أي شيء يدافعون به عن أنفسهم وعن الوطن.. وأن يستسلموا لكل عوامل ايذائهم أو الفتك بهم.. وأن يتركوهم يعطلون حركة الحياة على الأرض، وان يعيثوا في الأرض تدميرا وتخريبا.
كان من الممكن أن يُـستَـمع اليهم.. وأن يجدوا صدى متجاوبا مع شكواهم حول الغاز المسيل للدموع أو غيره لو انهم لم يتسلحوا بالمولوتوف، والأسياخ الحديدية، والمتفجرات التي يتم تفجيرها عن بعد، والزيوت التي يسكبونها في عرض الشوارع، والسلاسل الحديدية التي يقطعون الشوارع بها معرضين مستخدمي السيارات لموت مؤكد أو أخطار داهمة.
فهل بعد كل هذا يمكن الاستماع إلى شكاواهم وادعاءاتهم، في الوقت الذي يفتقدون فيه إلى كل ذرة من المنطق، وفي الوقت الذي نسمع فيه بعضهم يرددون: لن نتوقف حتى نفرض ما نريد!
وفي هذا الصدد ومن خلال الحوار الصحفي المشار اليه نفسه يقول وزير الداخلية: «ان استخدام الغاز هو ردة فعل لأعمال الشغب والتخريب، فلماذا يتم التركيز على ردة الفعل، وترك الفعل؟
ثم وجدنا الوزير يقول أيضا معبرا عن قمة ضبط النفس والتحلي بالصبر: «نحن لا ندعي الكمال، فقد تم رصد بعض الأخطاء في استخدام الغاز داخل البيوت أحيانا، وهذا أمر يجري التحقيق فيه، لأنه غير مسموح به أصلا».
أليس ذلك يجسد قمة النقد الذاتي؟.. ليس هذا فقط.. فقد وجدنا الوزير يقول في مقدمة الجواب عن السؤال نفسه: «بداية أود أن اشير إلى أن وزارة الداخلية كانت قد تلقت خطابا من جمعية «الوفاق» بهذا الخصوص. وكنا بصدد الرد عليه، إلا أن الجمعية لم تنتظر ذلك، فبادرت إلى إقامة دعوى لدى المحكمة، مما جعل الأمر بين يدي القضاة، ومع ما أقدمت عليه الجمعية، فإنه تم تشكيل لجنة تحقيق داخلية لبحث الادعاء»!
هذه القضية التي تفتقد إلى كل مقوماتها وحيثياتها وأسانيدها ومبرراتها وحتى الساقين اللتين تسير بهما.. ويبدو ان القضاء لا يستريح اليها.. وهذا جلي من خلال الحكم المبدئي الذي صدر بحقها!
}}}
الأخ الفاضل النائب سلمان الشيخ قدم لفتة كريمة.. فريدة ومتحضرة يوم أمس الأول.. عندما دعا جميع الصحفيين المكلفين بتغطية نشاط وجلسات مجلس النواب إلى مأدبة غداء تكريمية بفندق الخليج.
عبر خلالها عن شكره وتقديره وامتنانه لكل صحفي.. وبعد انتهاء المأدبة كانت له لفتة أخرى أشد كرما عندما قدم لكل منهم درعا تذكارية تحمل عبارات التقدير لمهمتهم الجليلة في إيصال جهود وأداء المجلس إلى الرأي العام في الداخل والخارج.
ويبدو أن دافع السيد سلمان الشيخ نحو هذه اللفتة الكريمة هو شعوره بالخجل من فرط مشاعر ومواقف النواب والأمانة العامة للمجلس المخجلة والمتجاهلة تماما لدور رجال الصحافة.. حيث إنهم لم يقوموا بمثل ما قام به منذ بدء المجلس لمسيرته.. إلى درجة انهم أبوا إلا أن يتعالوا عليهم وفرقوا بينهم وبين الصحفيين حتى في «البوفيه» الذي يتخلل فترة استراحة الجلسة العامة للمجلس.. ويحدث ذلك بمباركة الجميع! فهل يمكن أن يقال إن البحرين بلد يحترم صحافته إذا كان فيه مجلس نواب يتعالى على صحفييه؟!!
.
مقالات أخرى...
- عشنا زمنا يدمر فيه الآباء الأبناء! - (5 يونيو 2012)
- محاكمة القرن... - (3 يونيو 2012)
- من المتهم؟! - (31 مايو 2012)
- هذا الذي أوقعت نفسها فيه!! - (28 مايو 2012)
- هذه الأفراح.. ماذا تعني؟ - (26 مايو 2012)
- مواقف غير حضارية! - (24 مايو 2012)
- تركها تضعف خسارة للجميع - (20 مايو 2012)
- القضية أكبر من طيبة قلبها!! - (19 مايو 2012)
- من هم الذين وقعت أنظارهم على المشكو منه؟!! - (18 مايو 2012)