الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٩٨ - الاثنين ١١ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ٢١ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


المدرسـة الصينيــة في التصنيـف الائتمانــــي





ذكر د. سامح النمكي في مقاله الشهير الذي نشرته الدوريات الاقتصادية الدولية مثل )LANRUOJ SSENISUB YEVI( سؤالا جوهريا وهو (هل يمكن لوكالة غير أمريكية أن تقدم لنا الدواء الناجع؟) لقد قامت وكالة (دجونج) الصينية للتصنيف الائتماني بابتكار نمط جديد يختلف عن النظام الذي تبعته وكالات الائتمان الأمريكية. يعتمد أسلوب الوكالة الصينية على قدرة الدولة على إدارة الاقتصاد ثم متانة الاقتصاد والقدرة التمويلية والطاقة المالية ومدى قوة سعر الصرف الأجنبي. يعتمد أسلوب (دجونج) أساسا على أن الدولة توجد «ثروة اجتماعية» تدعم قدرات التمويل الوطني وتشكل النبع الرئيسي لتحمل أعباء الديون. وهناك خمسة عناصر أساسية لتوجيه عملية التصنيف هي:

- يعتمد التصنيف الائتماني السيادي دائما على تقييم يجمع بين الدعم المؤسسي وأسلوب الحكومة المالي.

الوضع المالي هو العنصر الرئيسي الذي يحدد قدرة الحكومة على تسديد الديون.

- قدرة الحكومة على توجيه الموارد المالية يجب أن تكون الأساس الجوهري لتسديد الديون وليست لتمويل الدخل.

- مع تعاظم المخاطر الخارجية والمتكررة التي تؤثر في الائتمان السيادي فإن القدرة الشاملة تلعب دورا حيويا في تأمين استقرار مستويات الائتمان السيادي.

- مصادر البيانات والمعلومات وأسس التعامل مع المؤسسات المالية.

لقد اتخذ الأسلوب الصيني منهجا مغايرا لمنهج وكالات التصنيف الائتماني الغربية في كل من الاتجاهات السلبية والإيجابية. فمن الناحية الإيجابية تقدمت الصين والسعودية وروسيا والبرازيل والهند وعلى الجانب السلبي اختلف منهج (دجونج) بالنسبة إلى تقييم دول عديدة منها الولايات المتحدة وكذلك دول غربية مثل ألمانيا وهولندا وإيطاليا واسبانيا. لقد شمل التقييم الإمارات العربية المتحدة. وتوجد دول توافقت آراء (دجونج) عليها مع تحليلات وكالات التصنيف الأمريكية ويبلغ عدد تلك الدول (٢٣) دولة تشمل النرويج وأستراليا والدنمارك. تتميز تلك الدول بأنها لم تعانِ من تباين في أوضاعها المالية وقدرتها المؤسسية التكاملية.

منهج مختلـــف

يعد التصنيف السيادي قضية معقدة تتجاوز المنهج شبه التقليدي الذي تنفذه وكالات التصنيف الرائدة. فتعتمد عملية التصنيف على عشرات البدائل والمداخلات التي تثمر نتائج مبنية على أحكام شخصية وأخرى موضوعية.

ويمكن تصور أن عملية التقييم مبنية على مداخلات ونتائج وعمليات تحول وآراء نقدية وأخيرا المناخ الذي يحيط بعملية التقييم الائتماني. التصنيف الائتماني السيادي للدولة R = F (مداخلات - نتائج - تحول- آراء نقدية ومناخ) .

فعلينا الآن فحص كل عنصر على حدة:

١-المداخلات والنتائج

تعتمد نتائج النظام إما على نتائج مباشرة وإما على نتائج مرجوة بعيدة المدى. والنتائج المباشرة تعتمد على إجمالي الدخل المحلي أو مؤشرات الاستهلاك )C( والاستثمار )I( والإنفاق الحكومي )G( ثم صافي الصادرات (M - X ). ويمكن لكل عنصر من تلك العناصر واعتمادا على قدرته المطلقة وكذلك معدل التغير النسبي أن يزودنا بمعيار مباشر وواضح لقدرة الدولة الإنتاجية. فيمكن قياس المقومات الرئيسية وفقا لقيمتها المطلقة كما يمكن تحليلها وفقا لمعدل التغير عبر الزمن وما يعادل قوتها الشرائية واستراتيجية ومنهج مقومات إجمالي الدخل المحلي والمكون النسبي لإجمالي النشاط الاقتصادي.

أما التقييم بعيد المدى فيركز على تتابع الفعاليات والتعديل المستقبلي في المستويات الحالية. فيمكن قياس حجم واستقرار المداخلات واستمرارية النتائج فيما يتعلق بالحجم والروابط الداخلية ومستوى المخاطر في النتائج والتنافسية وتأثير التحول التقني ثم الأعراف الاجتماعية والثقافية والخيارات السياسية وكذا التحول المتوقع بالنسبة إلى الدولة بناء على قاعدة الأصول التي تستحوذ عليها.

٢- التحــول والآراء النقديــــة

المحور الأساسي هو قياس كفاءة النظام عند تحويل المداخلات إلى النتائج التي ذكرت مقدما وهي تدور حول محور:

- الكفاءة الإدارية لعمليات التحول

- إنتاجية عملية التحول

- جودة الرقابة والمتابعة

- قياس النتائج الحقيقية في مواجهة النتائج المحتملة

- جودة وسرعة استجابة الآراء النقدية

٣ - المنـــاخ

يرمز المناخ إلى كل العناصر اللاتوافقية التي لا يمكن إدراجها ضمن الإطار الزمني المعاصر مثل:

- تاريخ الدولة بالنسبة إلى التوقف عن سداد التزاماتها المالية.

- الأحداث السياسية التي تؤثر سلبا في الدولة على المستويين الإقليمي والدولي.

الخلاصـــة إن التصنيف السيادي لدولة ما الذي يتعلق بقدرتها الائتمانية أو التزاماتها بسداد ديونها قد يمتد تأثيره لتقويض دعائم الدولة على المستويين الاقتصادي والسياسي إذا ما تدهور الأمر والدليل على ذلك الوقائع الأخيرة التي ارتبطت بتدهور أحوال بعض الدول التي لم تلتزم بالوفاء بتعهداتها المالية (الأزمة الأوروبية الائتمانية وما تعانيه دول مثل اليونان وأسبانيا والبرتغال خير بيان). لا يغيب عن الأذهان أن عملية التصنيف الائتماني السيادي عملية معقدة تتخطى المنهج الشبه تقليدي الذي يطبقه رواد سوق التصنيف الائتماني.

لقد تناول هذا المقال المناهج والتحولات التي ترتبط بعملية التصنيف الائتماني السيادي. وقام المقال بمراجعة المعايير التي تطبقها وكالات التصنيف الائتماني الأمريكية وكذلك معايير وكالة (دجونج) الصينية. لقد أبرز المقال العيوب في النظام الائتماني الأمريكي كما استعرض المزايا التي يوفرها نظام (دجونج) الصيني. وشرح المقال تعديل مناهج التصنيف وفقا للمفاهيم الجديدة المطروحة ألا وهي المداخلات والنتائج في عمليات التحول والرقابة التي يمكن دمجها ضمن العناصر الخاصة بنظام التصنيف الائتماني السيادي مما يؤدى إلى تقييم أفضل للقدرة الائتمانية للدول وتوفير مناخ آمن للاقتصاد والتجارة الدولية.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة