الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٠٣ - السبت ١٦ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٦ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

الثقافة الأمنية
الاحتيال (٢)





تحدثنا في العمود السابق عن ماهية جريمة الاحتيال وفعل التدليس الذي تقوم به جريمة الاحتيال، والفرق بين التدليس الجنائي والتدليس المدني وسوف نوضح في هذا العمود علاقة الدعاية بجريمة الاحتيال.

لاشك أن جهود رجال الشرطة في مكافحة جرائم النصب يقابلها استخدام تقنيات حديثة ومتطورة في وسائل ارتكاب جريمة الاحتيال، وتعد طرق الدعاية من أخطر طرق الاحتيال الحديثة، لأنها تؤثر في شريحة كبيرة من المجني عليهم، الذين يثقون في مصداقية الجهة المعلنة ويتم تسليم الأموال إلى الشركة التي تمتهن النصب من دون أدنى شك، ذلك لافتراض تأكد جهة الاعلان من أولويات أساسية قبل الدعاية عن المشروع التجاري، حيث إن المنطق الطبيعي للأمور أن الأجهزة التي يتم من خلالها الاعلان، لها من الإمكانيات والخبرة في اختيار الشركات التجارية ذات الثقة المالية والابتعاد عن الدعاية للشركات التجارية التي ليس لها أساس قانوني وتجاري.

وقد يكون المتهم في جريمة النصب عن طريق الإعلان والدعاية شخص وليس شركة وفي هذه الحالة يتم تسليم المال الصادر من المجني عليه إلى الجاني تحت تأثير الغلط الذي أوقعه فيه بناءً على الدعاية والاعلان، فيلجأ المتهم إلى الدعاية حتى يحقق اتصاله بالأشخاص الذين يريد خداعهم والاستيلاء على أمولهم، سواء في المجلات أو الجرائد أو بتوزيع نشرات على الناس من دون تمييز، وفي العصر الحديث أصبحت المجلات التجارية الإعلانية، تتعرض لهذه الألاعيب والحيل، ونرى أيضاً وجود بعض من النصب في القنوات الفضائية، فليس كل ما يتم الاعلان التجاري عنه في كل تلك المحطات حقيقيا وواقعيا، أما الانترنت فيعتبر من أخطر سبل الاعلان للاحتيال، ويتسع المجال للمتهم عن طريق الدعاية كي يدعم أكاذيبه بالحجج ويفرغها في الألفاظ التي يراها أدنى إلى الإقناع فإن في هذه الحالة تكتمل الطرق الاحتيالية.

وتقوم جريمة النصب إذا لم يقتصر نشاط المتهم على نشر أكاذيبه، بل كان النشر واحداً من مجموعة مظاهر رتبها لتدعيم كذبه واستغلال ذكائه أو قلة خبرة المجني عليهم أو رغبتهم في قضاء حوائجهم صعبة المنال وأهم مثال على ذلك من يدعي تأسيس شركة ويتخذ من بناية أو مكتب مقراً لها ويستخدم موظفين وعمالا ويضيف إلى ذلك الدعاية والنشر في الإذاعة أو التلفزيون أو الجرائد، فهنا يكون قد ارتكب جريمة الاحتيال إذا تسلّم هو- أو من عينه لآخذ أموال الناس- أموالا بالباطل والزيف لإثراء ذمته المالية من دون وجه حق والإضرار بأموال المجني عليهم.

ويجب التنبيه إلى وجود بعض النصابين والمحتالين الذين يرسلون رسائل وهمية عبر التليفون المحمول بأن المجني عليه (المرسل إليه) فاز بسيارة فارهة أوبمبلغ مالي ضخم على أن يقوم المجني عليه بالاتصال بالرقم أو بإرسال رسالة نصية عبر رقم هاتف معين تستفيد منه مالياً شبكة الاتصالات والشركة الوهمية ومعظم هذه الشركات وهمية ونصابة، وهذا ما حذرت منه شركة بتلكو للاتصالات، وترصد شعبة مكافحة الاحتيال في إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية، وأغلب هذه الجرائم التي تضر بالاقتصاد الوطني.

وأخيراً، فنشر المتهم أكاذيبه بوسيلة من وسائل العلانية الحديثة يضيف إليها ثقة لم تكن لها، إذ يفترض الناس فيما ينشر على نطاق واسع أنه صحيح، وخاصة إذا كانت وسيلة النشر مشهودا لها بالاتزان والصدق.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة