الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٠٦ - الثلاثاء ١٩ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٩ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


مبادئ جوهرية في مناقشة قضايا المجتمع





لدينا هنا في بلادنا الجو العام الذي يفسح المجال أمام الرأي والرأي الآخر وأتاح للجميع تتبع ونقد كل شيء في المجتمع وظهر هذا جليا في المناقشات والتداولات في المجالس الخاصة والعامة فأصبح الحوار بين الإفراد والجماعات قوة للوطن والمواطنين وليس مصدر ضعف كما يفسره البعض.

وقد يبدو لبعض الناس الذين يؤمنون بقضية معينة انه يوجد قدر من الشك والضبابية في المعالجات المطروحة للمناقشة إلا أن هذه الشكوك والضبابية يمكن تفهمها على أساس حداثة العهد والإصلاح وحسن النية والرغبة في الوصول إلى الاتفاق للموضوع المطروح في الحوار لذا فمن حق الجميع إبداء الملاحظات أو الانتقادات على ما قد يرونه من تصرفات تستحق المداولة أو النقد. وجدير بالذكر هنا ان السياسي المخضرم الذي يوجه له النقد هو علامة قوة لهذه الرموز ودليل على احترام حقيقي فالسياسي القوي فعلا هو الذي يستطيع الرأي الآخر إن يوجه له النقد وإلا فإن جميع السياسيين والرموز في أوروبا وأمريكا هم ضعفاء والحقيقة إن العكس صحيح فالمواجهة بالحقائق والنقد هي الطريق نحو الاحترام والتقدير.

فالحوار في حد ذاته حق من حقوق البشر عليه أن يتفق أو يختلف في الرأي فهو أي الحوار أساس الحضارة الإنسانية وللحوار الجاد مقومات أخلاقية وموضوعية فهو الحلقة إلى الحياة الآمنة والمستقرة طالما تستأصل منه المصالح الحزبية والعقائدية أو الفكرية وتنتزع منه الشهوات والرغبات حينها وبعد اتفاق جميع الاطراف نستثمر ونحصد معطيات كثيرة في الديمقراطية والاقتصاد والسياسة والحياة المعيشية وعلى الرغم من كل ما حدث فإن الشعب البحريني يريد الأمن والحفاظ على استقرار البلد وحصانة مكتسباته ومقدراته ويحتاج اليوم إلى وقفة جادة من كل وطني غيور يبحث عن مستقبل البحرين وأبنائها ولتحقيق ذلك لابد من خطة عمل واضحة وآليات محددة لتنفيذها وإنجاح عملية الحوار علينا جميعا يدا بيد إن نكون في حالة هدوء واستقرار حتى استصدار المواد المهمة للإصلاح.

فلا يمكن اقامة الحوار من دون القانون وعليه ننطلق جميعا من قاعدة وطنية مبنية على الثقة والعزيمة وان نسير الحوار على مبدأ الإمام الشافعي الذي يقول (رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب) ولبلوغ الحقيقة في الحوار أيا كانت مرة والحقيقة التي تأتي من عدة جهات - الشهود - الأرقام - الوثائق - البحث - التحليل والاستنباط في الموضوع نفسه ثم الحكمة حتى إدارة التنفيذ، فعملية الحوار ليست لليّ الأيدي أو الاصطياد بل في الحقيقة هو رؤية تعالج الشبهات والخروقات غير المسؤولة وحتى نستوثق من كل مادة في الحوار نضعها في الميزان لمعالجتها وطي ملفاتها التي مازالت تحمل أصابعها القديمة ولم تستبدل إلى طريق جديد لحماية اللحمة الوطنية.

من الضروري أن تسند عملية الحوار إلى المثقفين والمتخصصين في السياسة والاقتصاد للبحث والاختيار بامتياز للمواضيع الأساسية التي تقنع الآخرين مع توخي الحذر بالخروج عن صلب المشكلة المطروحة في الحوار والتخلص والابتعاد عن - نحن على صواب وانتم على ضلال - وعلى هذا الصعيد فالحوار الجاد يسهم ايجابيا في كشف ومعرفة ما هو مستور ما بين عقول المتحاورين وكذلك يعطي الحوار الجاد خطوة ايجابية أخرى وهي التنافس في الشفافية والعدالة بين المسؤولين كل في موقعه في تنشيط العقل الإداري لكل متحاور عندما تطرح التساؤلات الأساسية من جديد ومحاولة الإجابة عنها بالسلوك الثيوقراطي ويدعو إلى قيم الشفافية والعدالة والانفتاح على المسؤولية المخلصة للوطن والمواطنين.

وبهذا الحد - لا اعتقد إن أحدا يرضى بالآثار السيئة والضارة التي قد تصيب البلد في الصميم من جراء التعصب الفكري فهي كما ذكرنا عيوبها بالغة الخطورة والأهمية فقد تنزع الثقة فيما بين المتحاورين ثم في الصرح الاستنباطي للموضوع والاقتصادي المحلي باعتباره مركز الثقل هذا إلى حدوث أثار خطيرة هي عرقلة النمو والقضاء على الأهداف في تقديم الخدمات للمواطنين واستثمار وصناعة البحرين.

ففي مواجهة عوامل هذه الفوضى والمخالفات القانونية نرى وللأسف ان هناك المتشددين في الحوارات هم من الذين لا يحتفظون بمقامات اجتماعية داخل وطنهم حتى مع أسرهم فالدوافع لديهم هو التحصيل غير الأخلاقي عند التعامل مع الجهات الأجنبية فهؤلاء النفر ما هم إلا فئة ترازقية تصلها الأموال بسخاء شديد للمشاركة في الفوضى وتعمل في محطاتهم الفضائية على التحريض والفوضى داخل الوطن الأمن - يقولون - كوننا لا نعرف كيف نتفق أصبح شائعا ولكن المشكلة الحقيقية إننا لا نعرف كيف نختلف.

فالاختلاف ظاهرة صحية ولكن المأساة عندما يتحول هذا الاختلاف إلى العداء والقطيعة والفوضى والتخريب والخروج عن النظام والقانون حينها تتضرر الشعوب وينفلت الأمن والاستقرار وتهدر الكرامة وتنخفض مؤشرات الحركة الاقتصادية وتكثر المصائب وتنعدم الوظائف ويعم الفقر والحاجة وتطول كل هذه التصعيدات إلى التعليم والصحة والنظافة والحياة المعيشية.

نحتاج إلى وعي وطني للوصول للحقائق لتعديل كل المسارات الخاطئة ولا يأتي هذا الهدف إلا بالإدراك الايجابي من القائمين على إدارة الحوار وما يبقى ان نراقبه وان نأخذ بالعمل الصادق والمخلص في التعاملات الحوارية وطريقة إدارتها وان نستلهم المضمون ونستخدم زوايا العدالة وموازين الحكمة والشفافية فيما يختص بالمواقف التي يمكن استخلاصها بشق الأنفس في تحقيق النتائج المرجوة لمصلحة الوطن والمواطنين.

نتمنى ان تكون عند المتحاورين ومن عدة أطراف كانت نزعة واعية داخلية تحددها الذات الحرة الشريفة النظيفة وتتوافر معها الشفافية والعدالة وان تحافظ على البحرين وتصون الحقوق والواجبات بطبيعة بشرية قائمة على مبادئ وقيم ديننا الحنيف ووطنيتنا المخلصة لهذا الوطن العزيز- اللهم أمين -.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة