ما الهدف؟
 تاريخ النشر : الأحد ٢٤ يونيو ٢٠١٢
* بقلم: نبيل سعيد
إن المستقبل لا يتحسن بالأمل ولكنه يتحسن بالتخطيط، ولتخطيط أي مستقبل فإننا نحتاج إلى أهداف نصبوا إليها فلا السعادة ولا الثروة ولا النجاح هي أهداف نصبوا إليها إنما هي نتائج أهداف نضعها لأنفسنا، فنحن الآن ما نحن عليه وفي الوضع الذي نحن فيه نتيجة للأهداف التي وضعناها لأنفسنا أو إن جاز القول التي فشلنا لأن نضعها لأنفسنا.
فالإنسان يضع لنفسه أهدافا ليقنن ويركز بذلك اهتمامه لينجزها، فعقل الإنسان لن يصبوا إلى الإنجاز ما لم يكن لدى الإنسان أهداف واضحة يصبو إليها. وهكذا تبدأ العملية متى ما وضعنا لأنفسنا أهدافا. فالمهم ليس في أي مكان كنا أو في اي مكان نحن ولكن المهم هو في أي مكان نريد أن نكون؟
وهكذا فالسؤال يجب أن يكون «هل هناك جدوى من الوصول إلى الهدف؟ بدلا من هل بالإمكان أن نصل إلى الهدف؟».
فكما قال البرت أينشتاين «إن إتقان السبل والارتباك في تحديد الأهداف - في نظري - هي سمة عصرنا هذا». وهو في نظري الشخصي لسان حالنا في عملية المصالحة الوطنية التي ترجو الدولة أن تجد من خلالها الحل للمشاكل التي تمر بها البلاد. فهل وضعنا لأنفسنا الهدف الذي نتوق إلى الوصول إليه أم هل إن الخطة هي أن نضع السبل وعلى الله التوكل فالأهداف ستعتني بنفسها.
فمثلاً ما معايير اختيار الجهات التي نرغب أن تكون طرفا في عملية المصالحة الوطنية؟ أم هل تم طرح أسماء الأطراف التي نرجو تواجدها لأنها الأطراف التي سترقص لأي لحن نعزفه؟ علما بأن شريحة كبرى من المواطنين لا يعرفون عن عمليه المصالحة ولا يحسون أن أي طرف من هذه الأطراف يمثلهم أو أن لهم أي انتماء إلى أي من هذه الأطراف.
ثم إن العملية كلها تم وضعها «علشان سواد عيون المعارضة»، نفس المعارضة التي ترفض الجلوس إلى طاولة الحوار أو المصالحة لأنها لا تعترف بشرعية الحكومة. فكيف لنا أن نتصالح مع من لا يعترف بنا أو بشرعيتنا وكيف لنا أن نضع يدنا في يد من قتل رجال الشرطة والأبرياء وأن نثق في من سكب الزيت في الشوارع وأغلقها وهدم اقتصاد البلاد أو من شهّر بالدولة وجعل اسمها يتردد على كل لسان، هذا وقد يأتي غدا بعد انتهاء العملية ويقول «ومن منحكم أنتم حق لم الأطراف ووضع شروط المصالحة» - التي نرجو من الله العلي القدير أن يكون قد ألهم القائمين على المصالحة أن يكونوا قد وضعوها - ففي نظرهم الاتفاق مع من لا يملك حق الاتفاق اتفاق باطل.
فهل المعارضة على استعداد للمصالحة أم هل مازالوا بعنجهيتهم السابقة التي ترفض الحوار ناهيك عن المصالحة. ثم وإن افترضنا أن رضت المعارضة أن تجلس إلى طاولة المصالحة، فهل تم إقرار الجهات الشرعية التي ستمثل بقية طوائف الشعب وبالذات الفئة الصامتة؟ ومن أقر أنها تمثله؟ أهي كما عهدنا في السابق جهات مفروضة علينا حدث وأن تواجدت في المكان المناسب وفي الوقت المناسب وأكبر مؤهلاتها الدكتوراه في «حب الخشوم» والخبرة التي لا تضاهى في ترديد كلمة «تأمر طال عمرك».
إن البحرين تنزف والدم الذي تنزفه هو شبابها الذي بدأ يهاجر إلى الدول المجاورة طلبا للقمة العيش، فقد وصلنا إلى زمان لم نكن نتوقع أن نراه في حياتنا وهو زمن شح الوظائف وشح الموارد وهجرة المواطنين، ومازال حالنا كما كان وبدون أن نصلح أي شيء منه فالفساد بدأ الآن يظهر علناً وكأن الفاسد يقول «أتحداكم فكلهم فاسدون مثلي».
ألم نتعلم مما حل بنا؟ أولم تكن دروس فبراير ٢٠١١ كافية لتوقظنا من سباتنا ولتضعنا على المسار الصحيح. إن هناك الكثير مما يجب أن نصلحه قبل أن ندعوا أحداً إلى أية مصالحة أو أي حوار.إن هناك أساس يجب أن يوضع للموضوع كله. كما إن هناك أمورا لا تحصى يجب أن توضع في نصابها وأن نضع لها الحلول لنتفادى أن تتعلق بها المعارضة أو الدول الصديقة التي نوليها جل اهتمامنا واحترامنا.
نعم إننا لا ندعي أننا المدينة الفاضلة ولكن العيب كل العيب ألا نحاول أن نصلح الأخطاء - التي لا شك إننا نعرفها - وأن نعتبر أن ما حل بنا كابوس سنفيق من نومنا لنرى أنه قد انقشع. إن ما حل بنا هو الواقع والآن نعمل كما يقول المثل الصيني «عندما تستخدم السبل الصحيحة بطريقة خاطئة فإن السبل الصحيحة تعمل بطريقة خاطئة».
* محام ومستشار قانوني
.