الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥١١ - الأحد ٢٤ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ٤ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


دعم إسبانيا والاستقرار العالمي





بعد فترة انتظار وترقب قاربت الشهورالخمسة، وافقت إسبانيا على خطة الإنقاذ الأوروبية لمصارفها المتعثرة، وقدرت قيمة المساعدة الأوروبية بنحو ١٠٠ مليار يورو.

وظلت إسبانيا لفترة تنفي حاجتها الى المساعدة، لكنها، وهي التي تمتلك رابع اكبر اقتصاد في منطقة اليورو، أدركت في النهاية أن بقاء نظامها المصرفي من دون دعم سوف تكون له آثاره الوخيمة ليس على البنوك الإسبانية فحسب، بل على البنوك الأوروبية والعالمية التي تتعامل معها هذه البنوك. وهكذا تصبح إسبانيا رابع دولة بعد اليونان وإيرلندا والبرتغال التي تتلقى مساعدة أوروبية.

والهدف الرئيسي من خطة الإنقاذ هذه هو تنقية البنوك الاسبانية التي ضعفت أوضاعها المالية بسبب تعرضها لازمة القطاع العقاري حيث بلغ حجم قروضها المتعثرة وخصوصا القروض التي قد لا تسترجع نحو ١٨٤ مليار يورو بنهاية ٢٠١١.

ووفقاً لأرقام البنك المركزي الإسباني فإن القطاع المصرفي كان يستخدم حتى نهاية ٢٠١١، نحو ٢٤٣ ألفاً و٤١ شخصاً، اي اقل بكثير من عددهم في عام ٢٠٠٨ عندما بلغوا ٢٧٠ ألفاً و٨٥٥. وانخفض عدد الوكالات المصرفية من ٤٥ ألفاً و٦٦٢ إلى ٣٩ ألفاً و٨٤٣، حيث تعتبر هذه الأرقام مؤشرات لخطورة الوضع المصرفي الإسباني.

كما تعيش المصارف الإسبانية منذ ثلاثة أعوام إعادة هيكلة واسعة ترجمت بعدد كبير من شراء مصارف وتقليص عدد صناديق الادخار، وهي كيانات اعتبرت الأكثر هشاشة، من ٤٥ إلى نحو عشرة فقط. وموجة الدمج هذه استهدفت تقليص حجم قطاع مصرفي اعتبر غير متكافئ في إسبانيا.

وتوضح دراسة لصندوق النقد الدولي أن تلك المساعدة يجب أن تدعم إعادة رسملة الجزء الأضعف في النظام المالي الإسباني، وأنها تتماشى مع ما ذكره صندوق النقد حول احتياجات إسبانيا من رأس المال، حيث خلصت دراسة للصندوق إلى أن إسبانيا تحتاج إلى نحو أربعين مليار يورو لدعم قطاعها المصرفي المتعثر، مرجحا إمكانية أنها ربما تحتاج إلى ضعف ذلك المبلغ ليعود نظامها المصرفي إلى كامل قوته.

ولا شك أن المساعدة الأوروبية حظيت بترحيب مصرفي واقتصادي عالمي، وهي بالدرجة الأولى ترسل إشارة بأن الاتحاد الأوروبي مصمم على تفادي الوقوع في شراك الركود الاقتصادي، وخصوصا بعد أن أظهرت بيانات الربع الأول من العام أن هناك بوادر انتعاش اقتصادي وإن كانت بطيئة وطفيفة في منطقة اليورو.

كذلك، فإن المساعدة الأوروبية هي اشارة قوية لحرص كبار الاتحاد ولاسيما ألمانيا وفرنسا على الحفاظ على تماسك الاتحاد من الانهيار وسط مراهنات كثيرة على مستقبله السياسي والاقتصادي، حيث قال كبار المسئولين في البلدين ان الاتحاد الأوروبي سوف يعود قويا وعلى أسس أكثر سلامة.

كما أن المسارعة الأوروبية لتلبية الطلب الاسباني للمساعدة هي خطوة ذكية من الاتحاد الأوروبي لكي يحول دون تعرض البنوك الأوروبية للمزيد من المتاعب والمصاعب وهي تحاول التعافي من مشاكلها الخاصة، وتتضح أهمية هذا الجانب إذا عرفنا أن البنوك الإسبانية تدين بنحو ١١٩ مليار يورو للبنك المركزي الأوروبي وحده.

عموما، ومهما يكن الأمر، فإننا لا يسعنا بدورنا سوى الترحيب بالخطوة الإسبانية والاستجابة الأوروبية، حيث إننا أصبحنا شركاء في عالم كوني مترامي الأطراف. وصحيح أن ديون البنوك العربية للبنوك الاسبانية محدودة جدا، وأن الاستثمارات العربية في أسبانيا تتركز في أنشطة الاقتصاد الحقيقي مثل الطاقة وغيره، فمما لا شك فيه أنه بات واضحا الترابط القوي بين عناصر الانتعاش في منطقتنا العربية ومثيلاتها في الاتحاد الأوروبي ولاسيما عبر قنوات كثيرة مثل أسعار النفط وتدفقات الاستثمار الأجنبي والعمالة العربية في الاتحاد الأوروبي والتجارة والبنوك وغيرها.

لذلك، فإننا نؤكد أهمية الخطة الإسبانية والدعم الأوروبي، ولنتطلع معا الى نجاح هذه الجهود في إضفاء المزيد من الاستقرار على الاقتصاد العالمي.

} رئيس اتحاد المصارف العربية.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة