أسئلة النار والجمر الذي نمسك به حبا لهذا البلد وأهله (٢)
 تاريخ النشر : الثلاثاء ٣ يوليو ٢٠١٢
بقلم: حسن عبدالله المدني
صنفت الردود التي وصلت إلي تعليقا على مقال "الشيعة في البحرين أكبر من أن يكونوا لعبة في يد أحد" إلى ثلاثة أقسام، تناولت بالتعليق القسم الأول في المقال السابق، وأعلق على القسم الثاني في هذا المقال وهو رد الفعل الرافض الذي يطرح رؤاه وإشكالاته بقوة، ومن ضمن تلك الردود ردان أحدهما لشخص لم يرد أن أذكر اسمه (وهو من قرية بني جمرة)، ونزولا عند رغبته سأستعير له اسم (علي)، والآخر للوفاقي زميل الدراسة والعمل الأخ سيد أحمد علوي عضو المجلس البلدي في المحافظة الشمالية الذي عاجلني بستة "تويتات" نارية، إلا أنها لم تخرج في مضمونها عما قاله (علي).
كتب لي الأخ (علي)، وأرسل رده عبر الإيميل، قال: "رحم الله الشيخ عبدالله المدني، سلام ورحمة الله وبركاته، (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، العقلاء.. العلماء.. المثقفون.. رجال الدين.. الذين في المناطق التي ذكرتها أنت (البلاد القديم، والمصلى، وجدحفص، والمنامة، وسترة، وعالي، والنويدرات) كلهم سكوت ولم يخرج علينا أحد بتصريح ولا تلميح، كلهم جبناء وأنت الشجاع، كلهم عوام وأنت العالم، كلهم رعاة وأنت المسئول عن رعيته، إذا كنت أنت محق فيما قلت، فهل من الذكاء التصريح والهجوم؟ عموما أتمنى لي ولك التوفيق والهداية ورحم الله أباك الشيخ الجليل العالم الفاهم التقي الذي لم يستعد أحدا، ولذلك بكته البحرين كلها ومازلنا نتألم إذا ذكرناه، إلا أنك يا أباعلي زدت مصابي وجددته علي، كنت أتمنى أن تكون أرجح عقلا. أخوك: (علي)".
وأجبته: "رحم الله أباك، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مع خالص الاحترام لشخصك الكريم والرحمة والرضوان لوالدك الفقيد الراحل خادم أهل البيت عليهم السلام وشاعرهم، أقول لك: كل ما طرحته لا يتعلق بصلب الموضوع، وأقبل نقاشك حتى لو كان علنيا، لكن دع "شخصنة" الأمور وأجبني لو قال أي متعصب من غير الطائفة الشيعية: "إن الشيعة في البحرين مستعدون لمقاتلة جنود وزارة الدفاع وجيوش المنطقة بنصف فتوى فهل كنت تقبل بذلك؟" ثم إن سكوت بعض الناس والعلماء والمثقفين هل يعني صوابية ما يتم على أرض الواقع؟ وهل يعني وجوب السكوت عما يحدث؟ أما عن عدم استعداء والدي رحمة الله عليه لأحد فأقول لك: إن انحيازه لما يعتقد أنه حق استعدى عليه الكثيرين إلى درجة أنهم لم يستحملوا كتاباته ومواقفه في المجلسين التأسيسي والوطني فقتلوه "عداوة"، وبشأن سؤالك: "إذا كنت أنت محق فيما قلت فهل من الذكاء التصريح والهجوم؟" الجواب: نعم التصريح، بدون الهجوم، فأنا لم أتهجم على أحد، وإنما بينت رأيي حتى من دون ذكر أسماء مع أنه من حقي أن أذكرها مادام أصحابها يعملون في الشأن العام ويتحدثون باسم الناس ويدعون الدفاع عن حقوقهم، أما سكوت من سميتهم المثقفين .. رجال الدين .. العقلاء.. العلماء فليس مبررا لسكوتي أو سكوت غيري، بل إنني ما تكلمت إلا لأن الكثيرين سكتوا، ويا أخي ناقشني فيما سكت عنه الآخرون وتكلمت فيه أنا أي "الموضوع"، وأما لماذا سكتوا وتكلمت أنا فهذا موضوع يحتاج إلى مقال مستقل، وما لك تستكثر علي حقا من حقوقي وتنكره علي وهو "حق التعبير"؟ ولكني أسألك: هل مقياس الخطأ والصواب هو ما يسكت عنه الناس أو يتكلمون فيه؟".
فرد الأخ (علي) بالقول: "استغرب أن تقول: إن كل ما طرحته لا يتعلق بصلب الموضوع حيث إنني أنتقد ما كتبته من أكثر من جهة: المضمون،والأسلوب، والباعث".
أولا: المضمون: "أوردها سعد وسعد مشتمل..ما هكذا تورد يا سعد الإبل" حيث تجنيت على الشيخ بما لم يقل، الأخ حسن اسمح لي بأن أبدي بعض الملاحظات في صلب الموضوع، من قال إن الشيخ علي سلمان الذي لم تسمه قال: إننا نستطيع أن نقاتل الجيش بنصف فتوى؟ هذه مغالطة وتزوير راجع كلمته قال "ان نخرج الناس بفتوى"، وليس نقاتل بفتوي فاتق الله يا أباعلي، الشيخ يؤكد أن الخيار هو السلمية فقط فقط، كذلك التجني على الشيخ بأنه يتاجر في الدماء، وأحسبك أنك تتعامل بالظواهر لا بالبواطن؛ فالشيخ يتفق أكثر الناس على إخلاصه وتفانيه وحرصه على دماء الأبرياء.
ثانيا: الأسلوب: ينبغي أن يكون النقد بالحكمة والموعظة الحسنة اللتين لم توفق إليهما في طرحك لا أسلوبا ولا حتى اختيار "مكان النشر"، ثم انك يجب أن تدرأ المفسدة قبل جلب المصلحة وهذه قاعدة شرعية وعقلية أيضا.
ثالثا: الباعث: هل أنت غاضب لله حيث رأيت لزاما عليك بعد سكوت من ينبغي له أن يتكلم أن تأمر بمعروف وتنهى عن منكر؟ أو تدعو إلى الخير؟ إن الدعوة للخير ينبغي أن تكون "من كل الجوانب"، ثم ان الدعوة إلى الخير ئيشترط فيها - وأنت سيد العارفين - أن المدعو إلى الخير يكون غير عارف بالخير الذي تدله عليه، والحال انه يعرف ما هو الخير وما هو الشر، أما إن كنت تأمر بمعروف فهل أنت في حاجة إلى أن تلجأ إلى الجرائد وأنت غني عن ذلك؟ وإن كان نهيا عن منكر فأي منكر وجدته؟ مطالب الناس التي يجمع عليها كل العالم أنها محقة؟ أم تأكيد السلمية؟ أخيرا، ذكرت أباك رحمه الله الذي استهدفه من أظهروا العداوة للدين، وأنت الأعلم بهم، فهو شهيد الدين وليس شهيد التهور، شهيد كلمة الحق وليس شهيد الجهل أو التجاهل، علما اننا لا نختلف أن الشيخ غير معصوم ويخطئ إلا أننا يجب أن نختار الظرفين الزماني والمكاني في معالجة الأمور، وهذه هي الحكمة المطلوبة، ولا تنس أن الدعوة إلى الخير كما أن فيها جنبة عملية فإن فيها أيضا جنبة أخلاقية، وهذه التي جانبتها بتجنيك المشار إليه، وفي الختام أذكرك بما قال أمير المؤمنين عليه السلام: (إياك وما يسبق إلى الناس إنكاره ئوإن كان عندك اعتذاره)، وكلي حب واحترام لشخصك الكريم والعائلة العلمية الموقرة. (علي)".
.