الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٢٠ - الثلاثاء ٣ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١٣ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


هل تتدحرج كرة النار إلى إيران؟





عندما تسيطر البراجماتية على السياسة الخارجية لأي دولة بشكل حاد ينتج عنها تذبذب في مواقف هذه الدولة وتجاهل كل القوانين والتشريعات التي تحكمها مع الدول الأخرى، وهذه الحقيقة أصبحت تنطبق تماما على إيران وأصدق دليل على ذلك أنه في الوقت الذي تشجب فيه أغلب دول العالم حرب الإبادة التي يشنها النظام السوري على شعبه تنفرد إيران بموقف مخالف جاء على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست عندما قال: إن الأحداث الجارية في سوريا شأن داخلي، وأدان التدخل الغربي ولاسيما من جانب الولايات المتحدة، ونقول له: وماذا عن تدخل إيران في البحرين في أحداث فبراير؟ الم يكن ذلك شأنا داخليا؟ الم تتدخل سفارة إيران في الكويت أثناء الأزمة في البحرين؟

إن آخر دولة في العالم يحق لها شجب التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى هي إيران، حيث جند الحرس الثوري مئات من رجاله للتدخل في شئون الدول الأخرى وخاصة دول الجوار.

ونقول لإيران: انها بذلك تلعب بالنار وستدفع ثمن سياستها التآمرية ومواقفها هذه التي جعلت قادتها يتركون تصريف كل شئون بلادهم وحل كل قضاياهم ومشكلاتهم الداخلية مع شعبهم والخارجية مع دول العالم ولم يصبح لهم إلا هم واحد فقط هو التعاطي مع ما يجري في الشأن الداخلي للدول العربية، واعتقد أن التمادي في ذلك جاء من منطلق أنهم أصبحوا يعتقدون أن الجو قد صفا لهم أكثر من أي وقت مضى في تنفيذ مخططاتهم التوسعية في الدول العربية وخاصة في ظل المتغيرات السياسية التي تمر بها هذه الدول وانشغالها حكومات وشعوبا في أمورها الداخلية، وبدأ ذلك منذ الغزو الأمريكي للعراق، حيث تعزز نفوذ إيران وأصبحت لها اليد الأطول في العراق عبر حكومة المالكي، وفي لبنان عبر ما يسمى حزب الله، واليوم تحاول التدخل في الشئون الداخلية لمصر عبر نشر المذهب الشيعي الفارسي الذي هو عندها بمثابة قميص عثمان تخفي وراءه أطماعها التوسعية في العالم العربي لتنفيذ هذا المشروع، وهذا في حد ذاته ليس بالموقف الشجاع ولكنه موقف براجماتي يأخذ به الذين يستغلون ظروف الدول لتصفية الحسابات ولتحقيق الأطماع.

ومع كل ذلك نستطيع القول: ان حسابات إيران خاطئة، فالقادة الإيرانيون يبدو أنهم بحاجة إلى دروس في السياستين الداخلية والخارجية، وكان أولى بهم أن يصححوا علاقتهم مع شعبهم ومع الدول المحيطة بهم، بل مع العالم وخاصة أن النار مازالت تشتعل تحت الرماد في إيران ولاسيما بعد الانتخابات المزورة التي جاءت بنجاد ولم تذهب نتائجها أدراج الرياح، وسوف يتحرك الشعب الإيراني آجلا أم عاجلا صاحب الحضارة التي اسهمت بدور ايجابي في تطور الحضارة الإنسانية قديما وعلى مر العصور، وأما حكام إيران الجدد فما هم إلا نسخة قديمة مكررة من ملالي الثورة الإيرانية في أول عهدها التي هجّرت العقول الإيرانية الواعية إلى أنحاء العالم وجعلت الشعب الإيراني تحت ظروف معيشية صعبة. فهل تدرك إيران المتغيرات الدولية والإقليمية؟ هل تعي أن كرة النار سوف تتدحرج إليها إذا ما واصلت تماديها في هذا الطريق؟

هذا ما سوف تجيب عنه الأيام القادمة.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة