الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٢٠ - الثلاثاء ٣ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١٣ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


المشكلة مع السفير الأمريكي في البحرين - ٣





ذكرت في مقال أمس انه لا يجوز الانتظار إلى أن تغير الإدارة الأمريكية مواقفها من البحرين، بل يجب التعامل بحسم وحزم مع تدخلات السفير الأمريكي في البحرين في الشئون الداخلية ومع مواقفه التي لا يكف عن ترديدها والتي لها تأثير تخريبي، ومع الدور الذي يلعبه عموما.

والمطلوب هنا في مواجهة مواقف السفير وتدخلاته ودوره معروف للجميع في الحقيقة. والمسئولية تقع على عاتق الدولة، وايضا على عاتق القوى الوطنية في المجتمع.

ومن المهم هنا الإشارة إلى ثلاثة جوانب أساسية تتعلق بالتعامل مع مشكلة السفير:

الجانب الأول: يتعلق بدور الدولة.

كما هو مفهوم، الدولة تتحمل المسئولية الأساسية في التعامل بالوسائل والاساليب الدبلوماسية والسياسية المتعارف عليها مع ما يفعله السفير ووضع حد له.

الغريب هنا كما يلاحظ الكل انه على الرغم من الغضب الشعبي مما يقوله ويفعله السفير، وعلى الرغم من التنبيه الدائم من جانب الكتاب والقوى السياسية الوطنية والنواب الى خطورة الدور الذي يلعبه، فاننا لا نستشعر ان هناك غضبا رسميا من مواقف وتصرفات السفير.

لم يحدث مثلا ان سمعنا أي مسئول يخرج علنا وينتقد السفير ومايفعله او يطالبه بالكف عن الدور الذي يلعبه. بالعكس، في كل مرة يلتقي مسئول السفير لا نسمع الا كلاما عن العلاقات الطيبة جدا والوثيقة للغاية مع امريكا والاشادة بدور السفير في تطوير العلاقات.

الامر الذي لا شك فيه ان هذا الصمت الرسمي هو في حد ذاته من اكبر العوامل التي تشجع السفير على ان يمضي قدما فيما يقول وفيما يفعل.

وحين اصدرت وزارة الخارجية بيانا في اعقاب المؤتمر الصحفي الذي عقده النواب ونددوا فيه بالسفير ودوره وطالبوا الدولة باتخاذ موقف حاسم، فقد جاء البيان هزيلا للغاية لم يفعل سوى مطالبة البعثات الدبلوماسية عموما بالالتزام بالقواعد الدبلوماسية. ورغم ان البيان صدر تعليقا على قضية محددة اثيرت في الصحف واثارها النواب تتعلق بالسفير الامريكي تحديدا، فانه تجنب أي اشارة على الاطلاق للقضية مما اعطى الانطباع بان الوزارة غير راغبة في فتح هذا الملف.

الموقف الرسمي على هذا النحو له تبعات سلبية للغاية، ويكفي انه يعطي الانطباع للادارة الامريكية بان الذين ينتقدون السفير مجرد قلة متطرفة في مواقفها، وانه على المستوى الرسمي لا توجد مشكلة على الاطلاق.

هذا الصمت والتردد الرسمي في التعامل مع السفير لا يجوز ان يستمر.

والقضية هنا بسيطة ومحددة للغاية. القضية ان من حق الدولة بحسب القوانين والاعراف الدبلوماسية ان تحتج رسميا لدى الادارة الامريكية، وان تطلب بشكل حازم وحاسم ان يلتزم السفير بقواعد واصول العمل الدبلوماسي، وان يكف عن أي شكل من اشكال التدخل في الشئون الداخلية.

هذا موقف لا ينطوي على أي تصعيد مع امريكا، ولا احد يستطيع ان يلوم البحرين عليه.

الجانب الثاني : يتعلق بدور الصحافة وقوى المجتمع الوطنية.

الصحافة واجهزة الاعلام والقوى الوطنية في لمجتمع عليها قدر مهم من المسئولية يجب ان تتحمله.

في الفترة الماضية لعبت الصحافة الوطنية والقوى السياسية الوطنية والنواب دورا مهما بالفعل فيما شهدناه من كشف للدور التخريبي الذي يلعبه السفير والمطالبة باتخاذ اجراء حازم معه.

والمطلوب بالاضافة الى هذا ان تقاطع الصحافة وكل القوى الوطنية السفير نهائيا.

لسنا نفهم في الحقيقة، ما هي الحكمة او المصلحة من ان تحرص بعض الصحف بين الحين والآخر على إجراء الحوارات المطولة مع السفير، وافساح المجال واسعا امامه كي يبث سمومه، وكي يستمتع بالدفاع عن القوى الطائفية، او عن ايران. اعطاء السفير المجال لأن يفعل هذا لا يحقق اي مصلحة، بل بالعكس يؤجج الازمة في البلاد ويحقق ما يريده السفير.

نحن لا نستطيع ان نطالب المسئولين في الدولة بمقاطعة السفير، لكن نطالب الصحافة واجهزة الاعلام وكل القوى الوطنية بمقاطعته. لا بد ان تشعر الادارة الامريكية بان السفير بما يفعله اصبح غير مرغوب فيه من جانب القطاعات الاساسية من المجتمع.

الجانب الثالث: يتعلق بالموقف من القوى الطائفية التي تحتمي بالسفير.

القضية هنا انه بعيدا عن السفير ومواقفه ودوره، فان الدولة مطالبة باتخاذ موقف حازم من القوى والشخصيات الطائفية المسماة بالمعارضة، والتي يلتقيها السفير بشكل منتظم، ولسنا نعلم ما يدور في هذه اللقاءات.

هذه قضية ليست جديدة وطالما اثرناها. والمسألة هنا ببساطة ان الدولة مطالبة بان تضع ضوابط وقيود صارمة على مثل هذه اللقاءات، وان تحاسب من ينتهكها. واذا كانت هناك ثغرات في التشريعات او القوانين بهذا الشأن فيجب سدها.

هذه هي الجوانب الأساسية في التعامل مع مشكلة السفير الامريكي ودوره المستهجن الذي يقوم به.

وفي كل الأحوال، يجب ادراك ان القضية هي على جانب كبير من الخطورة بحيث لا يجوز ان تترك من دون حسم رسمي وشعبي. القضية في نهاية المطاف تتعلق باجندة أمريكية مشبوهة تستهدف البحرين ومستقبلها.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة