الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٢٤ - السبت ٧ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١٧ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


مرض الليجونير يضرب بريطانيا





تكتظ وسائل الإعلام البريطانية هذه الأيام بخبر انتشار مرض الليجونير )eriannoigeL( في بريطانيا، وبالتحديد في مدينة أدنبره )hgrubnidE( عاصمة اسكتلندا، حيث مرض قرابة ١٠٠ شخصٍ، فادخلوا العناية المركزة وغرف الإنعاش لتلقي العلاج السريع قبل فوات الأوان، ولكن اثنين منهما قضيا نحبهما متأثرين بجراح هذا المرض.

فهذا المرض المفاجىء الذي ينزل على الناس بين الحين والآخر، يُعد من أمراض البيئات الداخلية أو البيئات المغلقة بسبب تلوث مصادر المياه بنوعٍ من البكتيريا يعيش وينمو عند وجود مياهٍ راكدة دافئة ولا تتحرك، ولا تتعرض مباشرة لأشعة الشمس، كالمياه التي تتكثف وتتجمع في الأنابيب الخاصة بأجهزة التكييف المركزي، والحمامات، وبرك الجكوزي، وأبراج تبريد المياه. وفي مثل هذه البيئات تتكاثر هذه البكتيريا التي تعرف ببكتيريا اللجينولا )allenoigeL(، فيتعرض الإنسان لقطرات هذه المياه الملوثة، فتنتقل هذه البكتيريا المعدية والقاتلة عن طريق الاستنشاق إلى الأنف، وتستقر في جسم الإنسان لفترة زمنية تصل إلى زهاء عشرة أيام، وبعدها تنكشف الأعراض التي تهدد حياة الإنسان وتشبه الإصابة بالالتهاب الرئوي الحاد، مثل الصداع، وآلام في العضلات والصدر، وارتفاع درجة حرارة الجسم، والكحة المزمنة، والإسهال، وأخيراً الموت، إذا لم يتلق المريض العلاج المناسب وفي الوقت المناسب.

وهذه الحالات المرضية بسبب الإصابة بهذه البكتيريا في ازديادٍ مستمر، حيث أكدت التقارير الصحية المنشورة مؤخراً في بريطانيا، ارتفاع أعداد المصابين بالمرض بنسبة ٦٠%.

وجدير بالذكر أن هذا المرض اكتشف حديثاً، وبالتحديد في يوليو عام ١٩٧٦ في مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا أثناء انعقاد المؤتمر العام لمنظمة الجنود الأمريكيين المتقاعدين في فندق بليفيو ستراتفورد

)letoH droftartS-euvelleB(، حيث أصيب ضيوف الفندق بمرضٍ غريبٍ لم يعرفه الأطباء في ذلك الوقت، فأُدخل أكثر من ٢٢١ شخصاً إلى غرف الطوارئ لإنقاذهم من هذا المرض المفاجئ والغريب، مات منهم .٣٤ ولم تنكشف أسباب هذه الكارثة الصحية إلا بعد أشهر، عندما حَلَّل أحد الأطباء مياه الفندق ووجد فيها نوعاً جديداً من البكتيريا أُطلق عليه اللجينولا إشارة إلى اسم منظمة المحاربين الأمريكيين القدماء)noigeL naciremA ehT(.

ثم بعد هذه الحالة المرضية الأولى، جاءت حوادث كثيرة أخرى في مختلف دول العالم، من آخرها مرض مئات الناس وموت خمسة منهم في مارس ٢٠٠٩ في هونج كونج، وموت ١٩ فرداً في مقاطعة جنوب ويلز في بريطانيا في شهر سبتمبر ٢٠١٠ بسبب التعرض لهذه البكتيريا، وفي ٣ فبراير ٢٠١٢ قضى ثلاثة سواحٍ بريطانيين نحبهم في مدينة فالنسيا )aicnelaV( باسبانيا نتيجة لإصابتهم بالمرض.

وفي الحقيقة فإن هذا المرض الشائع يُلفت انتباهنا إلى قضيةٍ هامة جداً متعلقة بالبيئات الداخلية، كبيئة المنزل، والمكتب، والفندق، والجامعة، وغيرها من البيئات المغلقة التي نقضي فيها جُل وقتنا في اليوم والليلة، وضرورة الاهتمام بها من حيث التعرف على كافة مصادر التلوث الموجودة فيها. فقد أكدت الدراسات التي قُمتُ بها شخصياً أنه في بعض الحالات تكون بيئة المنزل أكثر تلوثاً من البيئات الخارجية، فهناك مصادر للتلوث إذا لم يتم التعامل معها وإدارتها بأسلوبٍ بيئي وصحي سليمين فإنها تسبب مشكلة صحية مزمنة للإنسان. فمصادر التلوث في المنزل كثيرة منها الفرن المنزلي، والبخاخات والإيروسولات بمختلف أنواعها، والسجاد، والأدوات الكهربائية، وحرق البخور والعود، والدهان، وبعض أدوات البناء والأثاث.

فكل هذه المصادر تُطلق ملوثات إلى بيئة المنزل، ولو كانت بنسبٍ منخفضة وتراكيز بسيطة، إلا أن الإنسان يتعرض لها لساعات طويلة من كل يوم فتؤثر على سلامته الصحية، وقد تؤدي إلى موته كما هو في حالة مرض الليجونير.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة