سير الزمن وذكريات من الماضي
مقتطفات من سجلات الصحة الدكتور سنو والصدق والأمانة
 تاريخ النشر : الأحد ١٥ يوليو ٢٠١٢
بقلم : خليل بن محمد المريخي
لقد كان لنبأ بناء مستشفى كبير في البحرين (مستشفى النعيم ١٩٣٩) رنة فرح وابتهاج كبيرين بين الناس وخصوصا بين أهالي منطقة النعيم. فقد عمت البحرين من أقصاها إلى أقصاها نبأ عزم حكومة البحرين في تشييد مستشفى للرجال وللنساء والأطفال وذلك لأهالي البحرين (كانت هذه رغبة الشيخ حمد) وعندما اكتمل البناء وجاء ذلك اليوم عن عام ١٩٤١ والذي افتتح فيه هذا المستشفى تزاحمت جموع كبيرة من الناس عند بوابة المستشفى ليستمعوا إلى خطب وكلمات المسئولين إيذاناً لافتتاحه رسميا. وقد غمرتهم الفرحة لهذا الحدث الكبير وهكذا بدأ العلاج في مستشفى النعيم بعد أن فتح أبوابه ولمرضى البحرين بل لمرضى بلدان الخليج من دون تفرقة أو تمييز الكل سواسية في تلقي العلاج، هكذا البحرين في الماضي والحاضر والمستقبل إن شاء الله.
وفي يوم من أيام الأربعينيات رن الهاتف وكان المتصل من ديوان المرحوم بإذن الله الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة (الحاكم) بطلب من الدكتور سنو الذهاب سريعاً إلى فندق البحرين (فندق عبدالنوار البستكي) وخصوصا أن هذا الفندق كان في زمانه الوجهة المطلوبة لضيوف وزوار الحرين وكان المريض الذي طلب من الدكتور سنو علاجه هو أحد شيوخ وضيوف الشيخ سلمان من بعض إمارات الخليج العربي.
كان لمستشفى النعيم باب أو مخرج صغير من جهة الشرق فقد اصطحب الدكتور سنو معه المرحوم بإذن الله محمد رحمة التاجر (المسئول الإداري ذلك الوقت) وممرض ثم خرجوا من ذلك الباب الصغير مشياً على الأقدام حتى فندق البحرين. استمر د. سنو في علاج الشيخ ربما ثلاثة أيام وفي اليوم الأخير وعندما تكامل الشيخ شفاء اخذ فجأة مبلغا من المال وبسرعة وضعه (دسه) في جيب كوت (سترة) الدكتور سنو أمام استغرابه وتعجبه. هنا ضحك محمد رحمة التاجر وقال له دكتور لا تستغرب هذه عادة عند أهل الخليج، هذه تعتبر كهوتك من عند الشيخ نظير ما قمت به من جهد واهتمام ورعاية له، سكت الدكتور سنو وشكر الشيخ على ذلك إلا أنه وعندما وصل المستشفى سلم الفلوس إلى السيد محمد رحمة التاجر وطلب منه أن يضيفها على حساب النثريات وقال له لا يمكنني أن أخذ أي شيء من غير حقي أنا خادم لحكومة سيدي الشيخ سلمان وأتقاضى راتباً شهريا.
التعليق:
أقول لو حصل هذا الحادث اليوم لأخذوا حتى الكحل من عيون الشيخ أو الضيف. وبهذه المناسبة وددت أن أبين للقارئ انه وعندما تقرر هدم مستشفى النعيم وبناء المركز الصحي الحالي محله بكى بعض أهالي المنطقة بل جاءتني رسائل منهم حول الإبقاء على هذا المستشفى وعدم هدمه غير المكالمات الهاتفية، وكذلك وجدوا عند عملية الهدم إن قطع المرمر (الرخام) في أرضية بعض الغرف مثل غرفة العمليات لم يتغير لونها أو شكلها وكأنها جلبت بالأمس من إيطاليا بل انهم وجدوا الأبواب والدرايش (النوافذ) أيضا لم يتغير لونها أو تصاب بالصدأ هي الأخرى، يقولون إن ألواحها من النوع (الساج الأصلي) لكن اللي تغير هو الإنسان وإلا أين نحن اليوم من ذلك الزمن ورجالاته.
.