الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٣٢ - الأحد ١٥ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٥ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


الأفعى





يقول الخبر المنشور في صحافتنا المحلية بالأسبوع الماضي نقلاً عن مسؤول حكومي إن عصابات سرية تخطف خادمات المنازل وتجبرهن على الدعارة مبيناً أن هنالك مجموعات آسيوية وراء هذه العصابات لهم رجال في مختلف المناطق والأحياء للإيقاع بخادمات المنازل وإقناعهن بالهرب حتى ولو لم يكن للخادمة أية مشاكل مع كفيلها البحريني وأن نحو (٧٠٠) خادمة منزلية قد هربن من كفلائهن منذ بداية هذا العام، التقرير يتكلم عن هذا العام ٢٠١٢ فقط وابحثوا عن أرقامهن في الأعوام السابقة.

ونقرأ بين حين وآخر أخبار عن جهود مقدّرة ومشكورة تقوم بها وزارة الداخلية تضبط خلالها شبكات ومجموعات وأوكار لممارسة الرذيلة في فنادق وشقق تجري مداهمتها في مناطق معروفة، وليست - للأسف الشديد - خافية على أحد فيُلقى القبض على عدد من المتهمات المتلبّسات بأوضاع مخلّة بالحياء أو قضايا آداب (بحسب التعبير المهذب للفعل الحقيقي وهو زنا ودعارة ونخاسة)، وهنّ من جنسيات آسيوية وعربية. كما يجري القبض على عدد آخر من المتهمين الآسيويين من عمّال ومضيفين وإداريين بهذه الفنادق هم من يقوم بتقديم مهام وتسهيلات الوساطة بين الزبائن والبضاعة (أعزكم الله).

بمعنى أن عمليات المداهمة والقبض والعقوبات والإبعاد إنما تمسّ - تقريباً - على وجه الحصر والقصر مجرّد هؤلاء، آسيويين وآسيويين فقط حتى مستثمر الفندق أو الشقق التي تم مداهماتها يشير الخبر - في الغالب - إلى هروبه خارج البحرين!!

بمعنى آخر؛ يُراد لنا أن نصدّق أن كل هذه العمليات والإساءة السيئة لوطننا العزيز ليست عملية منظمة وإنما هي (خبط عشواء) وأن من يتم جلبهن في هذه الفنادق والشقق والبارات والمناهل من كل حدب وصوب أو تهريبهن من بيوت مخدوميهم، ومن جنسيات عربية وآسيوية وإفريقية معروفة إنما يأتين لوحدهن وبمحض الصدفة أو بإرادتهن، وأن ليس هنالك من يستقطبهن ويستجلبهن ويستقبلهن ويستخرج لهن تأشيرات دخول، وأن ليس هنالك من يتعامل معهن كبضائع وسلع يقوم باستيرادها وتسهيل عمليات دخولها وهروبها وتولي شؤون توزيعها هنا وهناك على أسس تجارية منظمة مدعومة من جهات أو أشخاصاً نافذين يروّجون لهن ويوزعون أدوارهن وأماكن وجودهن و(يعلفون عليهن).

يُراد لنا أن نصدّق أن نشاطاً بهذه الصورة البذيئة والمتزايدة ليس له مدراء فعليين أو حتى فخريين ينظمون صفوفه ومن ورائهم ملاّك حقيقيين يدعمون صموده وانتشاره ويستفيدون من استمراره ويجنون أرباحه وأن هؤلاء المقبوض عليهم من جنسيات آسيوية مجرّد قرابين أو واجهة لهم ضمن العديد من الواجهات والصور تنخر في أخلاقيات وسمعة البلد وتسيء إلى مجتمعنا ولا يستفيد منها إلاّ بضعة أشخاص ضخّموا ثرواتهم بالمال الحرام الذين يجنونه من سوق نخاسة يحرسونها ويدعمونها ويحمونها ويضمنون بقاءها مهما بلغ عدد المقبوض عليهم وعليهن من جنسيات آسيوية من المؤكد أنهم ليسوا المجرمين الحقيقيين.

وبالتالي أي قراءة أو مداهمة أو حملة للقبض على شبكات دعارة ستظل فاشلة وعاجزة عن تحقيق هدفها أو وقف النزيف القيمي والأخلاقي لسمعة البلد طالما أن الملاّك والمؤجرين والكفلاء والنافذين والمتسترين والمنظمين (الإدارة الفعلية) أحرار وطلقاء في منأى عن المحاسبة والمداهمة والعقوبة. وقديماً قال الشاعر أبوأذينة اللخمي:

لا تَقطَعن ذَنَب الأفعى وتُرسِلها ××× إنْ كنت شَهماً فأَتبِع رأسَها الذَنَبا

سانحة:

يُراد لنا أن نصدّق أيضاً أن رواتب الأمريكيين العاملين في البحرين يستلمونها نقداً من خلال حاملي (شنط) حتى لو كانت هذه الرواتب بقيمة (١١) مليون دولار!! لابنوك ولاتحويلات ولا أي تقنية معلومات وحسابات.. يمكن رجعنا إلى عصور التخلف، يمقن!



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة