مخاطر شهوة الاستيلاء على السلطة لدى المعارضة
 تاريخ النشر : الجمعة ٢٠ يوليو ٢٠١٢
بقلم: د. نبيل العسومي
في أحيان كثيرة أتساءل باستغراب شديد ما الهدف من كل هذه التجمعات والاعتصامات والمظاهرات والمسيرات المرخصة وغير المرخصة التي تصل في بعض الأحيان إلى ثلاث أو أربع في الأسبوع وأحيانا يومية تعلنها الوفاق وأتباعها، تنتقل من مكان إلى آخر ومن قرية إلى أخرى ومن شارع إلى آخر حتى أصبحت هذه التجمعات والاعتصامات كأنها نشاط يومي يجر إليه الناس جرا من الاتباع الذين يتم حشدهم بالفتاوى الدينية أو التخوين أو بالتهديد المادي أوالمعنوي أتساءل ما الهدف من هذا الحراك الذي تحول إلى ما يشبه العبث اليومي المضحك المبكي في كثير من الأحيان؟
نحن نعلم علم اليقين أن حق التجمع والتظاهر مكفول في الدستور كالعديد من الحقوق الأخرى المرتبطة بالحريات العامة والخاصة ولكن استخدامها العشوائي المتكرر من قبل المعارضة الفاشلة أصبح من دون معنى خصوصا بعد مراهنتها الفاشلة على الانقلاب على الدولة وبعد جهودها المستميتة في دفع المجتمع إلى المواجهة والاقتتال بما يدفع البحرين إلى أن تكون في دائرة النار الخارجية وفي دائرة الاستهداف الدولي وبعد فشلها المقيت في تقسيم المجتمع على أساس إصلاحيين وغير إصلاحيين ديمقراطيين وغير ديمقراطيين، حيث أكد المجتمع البحريني حكومة وشعبا أنه مع الإصلاح وأنه مع الديمقراطية لكنه ضد الانقلاب والعمالة للخارج.
لقد استغلت هذه المعارضة الخبيثة ما تمتاز به القوانين البحرينية من تطور وحضارية وتسامح وتمتاز به السلطة البحرينية من طول بال ونفس طويل لتستغل ما سمح به القانون من ممارسة للحرية من أجل ابتزاز المجتمع وضربه في العمق عن طريق هذه الممارسة اليومية العشوائية المظاهرات التي توازيها بشكل تآمري عشوائي للعنف داخل القرى التي تبدو محمية بشرعية الفتوى على حساب شرعية القانون ومن استهداف لرجال أمننا البواسل، ولنا أن نتساءل إلى أين تريد أن تصل الوفاق وأتباعها بهذا الحراك المتواصل وبهذا العبث اليومي غير المبرر الذي أصبح يؤثر على الحياة الاجتماعية والاقتصادية وحتى البيئة؟ وما ذنب آلاف المواطنين الذين تتعرض حياتهم يوميا إلى تأثيرات سلبية ناتجة عن هذه المظاهرات غير المرخصة العشوائية؟ بل ما ذنب المجتمع البحريني قاطبة سنة وشيعة إذا كان أمثال علي سلمان لا يقبلون بحقوق الإنسان في الحياة ومازلنا نذكر بكل أسف أن زعيم الوفاق أعلنها صراحة في أكثر من مناسبة أنه غير مهتم بالاحتياجات الأساسية للمواطن: الإسكان البطالة الاقتصاد التنمية قالها بالحرف الواحد "كلام ماكول خيره" فإذا كان الاقتصاد والإسكان والصحة والتعليم الوظائف "كلام ماكول خيره" فما هو الكلام المفيد يا على سلمان؟
فإذا كان زعيم معارض يقول مثل هذا الكلام فأي خير يرتجى من هذا الحزب بل هذه المعارضة التي لا يبدو أنها تعبأ بحقوق المواطنين ولا باحتياجاتهم وهنا يأتي السؤال ماذا يريد علي سلمان؟
إنه باختصار يريد السلطة ولا شيء غير السلطة ولا شيء غير الزعامة على حساب المواطن الشيعي قبل السني لا يريد إسكانا لهم ولا يريد صحة ولا وظائف بل يريد لهم فقط أن يكونوا وقودا وحطبا لمعركته التي لا تبقي ولا تذر من أجل أن يكون هو ورفاقه قادة لهذا البلد لا قدر الله وهذه هي منتهى الانانية النرجسية التي تجعل من قادة سياسيين يضحون بكل شيء من أجل طموحاتهم الشخصية والحزبية والطائفية، هذه النرجسية هي ذاتها التي دفعت بعلي سلمان إلى الادعاء في خطابه الشهير المتوتر الموتور بأنه بإمكانه بجملة واحدة أن يخرج الآلاف من الشيعة إلى الشوارع يلبسون أكفانهم يقاتلون طواحين الهواء الوهمية ويقاتلون شركاءهم في الوطن لا يبقون ولا يذرون وهذا منتهى الاستهانة بالإخوة الشيعة الكرام المكرمين الذين يمتلكون من الوعي والإدراك والحس الإنساني والمواطنة الصحيحة ما يمنعهم من الوقوع تحت طائلة هذا النوع من التهريج العلني.
لقد تبين من خلال الأزمة التي عشناها خلال الفترة الماضية ومازلنا نعيش آثارها السلبية أن أساس المصيبة هو هذا النوع من المعارضة البائسة التي استولت عليها شهوة السلطة والتسلط على أي شيء ثانٍ وهي لذلك لا ترى ولا تدرك المخاطر الناتجة عن هذه الشهوة التي يدفع ثمنها يوميا أبناء شعب البحرين المظلوم بهذه المعارضة والتي اصيب بها إصابة كارثية تسعى الدولة والمجتمع حاليا لمعالجتها ومحاصرة آثارها بصعوبة كبيرة ولكن من الواضح أن وعي المواطن البحريني وصبر الدولة وحكمة القيادة قد مكنت البلاد إلى حد الآن من محاصرة هذه العدوانية التي لن تنجح أبدا في تهديم البنيان السياسي والاجتماعي الذي أقامه شعب البحرين سنة وشيعة وقيادته خلال مئات السنين.
.