الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٣٨ - السبت ٢١ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٢ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

الدكتور عبدالرحمن الفاضل في خطبة الجمعة:
جاء رمضان فضاقت المساجد بروادها وتعددت الصفوف في صلاة الفجر









قال الدكتور عبدالرحمن الفاضل خطيب جامع نوف النصار بمدينة عيسى في خطبته ليوم أمس الجمعة:

فيا لها من نعمة كبرى، ومنة عظمى؛ إمتن المولى -عز وجل- بها علينا؛ ذلك بأن بلغنا: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ". فخالص التهنئة للأمة الإسلامية جمعاء إننا فرحون بمقدمه الميمون، فرحون به لما يحمل معه من الخيرات والهدايات؛ انظروا اتروا التغيير المباشر والفوري الذي يحدث للمسلمين حال قدومه؟، يوم أمسِ لم يبلغ صف المصلين في صلاة الفجر النصف في أغلب المساجد، كما هي العادة، بينما اليوم أول أيام الشهر الكريم تعددت الصفوف في صلاة الفجر، وامتلأت المساجد بالمصلين فأين كان هذا العدد أمس؟ وكيف امتلأت بهم المساجد اليوم؟!

وهذا ما هو ملاحظ في شهر رمضان حيث تضيق المساجد بروادها لكثرت الإقبال على الصلاة؛ فتعين مساجد إضافية لإقامة شعائر الجمعة، هذا الإقبال على الصلاة والتعلق بالمساجد في شهر رمضان من جموع المسلمين، يبعث الطمأنينة، والشعور بالارتياح لدى المسلم؛ بأن أمة الإسلام بخير، وإنها على خير - بإذن الله تعالى- ما دامت تهرع إلى نداء ربها وإن كان في المواسم، إنها أمة الخيرية. فمرحباً شهر الصيام، وأهلاً شهر القيام، وحباً واشتياقاً شهر الجهاد والنصر والفتوحات.. فاستبشروا، وبشروا أيها المسلمون بهذا الشهر العظيم، فقد كان السلف الصالح إذا دخل شهر رمضان بشر بعضهم بعضاً، واستعدوا له تأسيا في ذلك بالمصطفى - صلى الله عليه وسلم - عندما يرى الهلال، يقول: "اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله هلالُ خير ورشد".

إنها الفرصة التي قد لا تعود، والأيام التي قد لا تعوض.. وتعلمون انه كم من العباد من كان يؤمل بلوغه ولم يبلغه! وكم من أحبابنا وأصدقائنا كانوا معنا ينتظرونه ويتمنون صيامه غير أن المنية أدركتهم فحالت بينهم وبينه.. فلنحمد الله تعالى على كريم فضله، وكثير منه، وعميم نعمه، وواسع رحمته أن بلغنا شهر رمضان المبارك. إنها فرصة جديدة أتيحت لنا؛ لنستغفر ونتوب؛ ولنرفع من قدرنا ودرجاتنا عند ربنا، إنها والله النعمة التي يجب أن نذكر أنفسنا بها على الدوام، فنشكر الله تعالى عليها في هذا الشهر المبارك أن يوفقنا لكثير من الطاعات.. ولهذا فلنغتنم من الآن ساعاته المباركة، ولنجتهد في أيامه ولياليه قدر الوسع والطاقة تقرباً إلى الله تعالى بموجبات الحسنات، عاملين ومؤملين على أن لا يخرج هذا الشهر الكريم، إلا وقد أعتقت رقابنا بفضل الله تعالى من النار، هذا ما يجب أن نرمي إليه أن ندون في سجل المقبولين الفائزين برضوان رب العالمين، والله سبحانه وتعالى لن يُضَيِّع عبداً تقرب إليه بصدق وإخلاص متبعاً هديه سبحانه وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم، من غير انحراف عن الحق، ولا ابتداع في الدين. واذكر بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه" نريده صوما مقبولا؛ ليكون ذخيرة وسلاحا نواجه به التحديات.

يأتينا هذا الشهر الكريم وأمتنا تمر بتحديات كبرى، وحرب شعواء من كل جهة وجانب، جردت لها فيها أشد أنواع الأسلحة المختلفة فتكا المادية منها والمعنوية.. وهذا أمر لا غرابة فيه فأعداء الأمة يعلمون جيدا قدر هذه الأمة.. يعلمون إمكاناتها.. يعلمون أنها لو عادة إلى سابق عهدها ستعيد الحق إلى نصابه، سترفع الظلم ليس عنها فحسب وإنما عن العالم بأسره!! هذا الظلم الطاغي الباغي الذي يلف معظم دول العالم المستضعفة، والذي تتحقق فيه مصالح دول تعد على أصابع اليد الواحدة، دول عاتية لا تعرف حرمة للإنسان، ولا تلتفت إلا إلى مصالحها من دون مراعاة لحقوق ومصالح الآخرين، وفي سبيل ذلك، لا تتورع عن سفك الدماء البريئة للوصول إلى أهدافها. وأمامكم مواقف دول الكفر كلها منا والأدلة والشواهد على ذلك لا تحتاج إلى شرح ولا تفصيل، فهي تقع بكل شفافية على مشهد منا ومن العالم بالصوت والصورة، يتبين فيها من الدمار والقتل والنهب والسلب وانتهاك الحرمات ما فيها.

ولعلنا في هذا الشهر الكريم نتأمل أن يكون شهرًا فاصلا إن صدقنا مع الله تعالى تتنبه فيه الأمة، لتعيد مجدها، بتحمل رسالتها، وأداء دورها المنوط بها من جديد.

وكأن المعركة الدائرة اليوم في الشام، والتي يُسيطر فيها المجاهدون أروع صور البطولة والفداء فيها من المبشرات للأمة لما فيها، فها هم المجاهدون بعد توكلهم على الله تعالى وحده يمضون بقوة وثبات نحو النصر المبين - بإذن الله تعالى- بعد أن رفعوا شعار التكبير وكلمة التوحيد، فنصرهم الله تعالى على عدوهم، فقتلوا مع بشائر شهر رمضان المبارك عددا من قادة الكفر والضلال، فأوجعوا دولة الفحش والفجور والانحلال، وكسروا بذلك أحلام قيام هلال الرفض الصفوي المؤمل فيه حماية حدود الكيان الصهيوني.

إن النصر سيتحقق - بإذن الله تعالى- مادام الاعتماد فيه عليه وحده سبحانه مصداقا لقوله تعالى: "إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ.." والمجاهدون في سوريا بحاجة بعد الله تعالى إلى نصرتكم ودعمكم بكل أنواع الدعم، وأول الدعم هو أن تخلصوا العبادة لربكم ليستجيب دعاءكم لهم إذا ما رفعت الأكف بالضراعة إلى الله تطلب لهم النصر على الأعداء. والأمر الآخر: أن تكون الأمة على أهبة الاستعداد وفي حالة استنفار تحسبا لخوض المعارك المحتملة بل المؤكدة التي يعد لها أعداء الإسلام، فهذه الأمة هي أمة جهاد، وهي الآن في شهر الجهاد! ولابد أن تشحن في هذا الشهر الكريم بسمو تلك المعاني لتكون قادرة على تلبية نداء التضحية والجهاد في سبيل الله قال عليه الصلاة والسلام: "ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا". وإن إيماننا لراسخ بأن النصر- بإذن الله تعالى- آت لا محالة، ومعطيات الأحداث ومجرياتها، وإن كانت تحمل بين طياتها الكثير من الآلام إلا إننا مؤمنون بسنة الله تعالى في الابتلاء والامتحان، يقول تعالى: "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون".

إن ذكر الله تعالى، ورفع الصوت بالتكبير والتهليل، والدعوة إلى العودة إلى القرآن الكريم، والهدي النبوي الشريف، كل هذا يرعب أعداء الأمة ومنافقيها، ولذا نرى الحملة قاسية شديدة على دعاة الإسلام أصحاب الاعتدال والوسطية، ولكن هيهات ثم هيهات أن تلين للمخلصين قناة، أو ينحني لهم صلب إلا لله تعالى، فمن ذاق طعم الإيمان وحلاوته، تهون عليه الدنيا بما فيها، هذا ما لا يعيه الظالمون المستبدون.

فلقد انطلقت جحافل المؤمنين الصادقين في العالم كله، ولن يوقفها شيء انطلقت توقظ الأمة، وتستحثها على النهوض من غفوتها بعد أن ظهرت بشائر النهضة - بإذن الله تعالى- مصداقا لوعده سبحانه، ووعد رسوله صلى الله عليه وسلم بتمكين هذه الأمة مرة أخرى واستعادتها لسيادتها.

نعم، إن النصر بإذن الله تعالى آت لا محالة ومعطيات الأحداث ومجرياتها وإن كان الكثير منها يحمل الألم بين طياته إلا أننا مؤمنون بأن هذه سنة الله تعالى في الامتحان "إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجونَ..". فليكن لكل واحد منا دورٌ فاعلٌ ومؤثرٌ في نهضة الأمة لنكن صادقين مخلصين وليكن هذا الشهر الكريم عنوانا لنا للمضي قدما نحو نصرة هذا الدين ولنحذر النفاق والمنافقين على جميع المستويات الذين يصدون عن الدين ويشوهون سمعة المتدينين المخلصين بالتلبيس على الناس بالزور والكذب والبهتان المبين فتقربوا أيها المؤمنون في هذا الشهر الكريم إلى ربكم بحسن العبادة واسألوا الله تعالى أن يعيننا على صيامه وقيامه وأن يجزينا فيه خير الجزاء. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي







.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة