الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٣٨ - السبت ٢١ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٢ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أسئلة البحرينيين في مجلتي (المقتطف) و(المنار) المصريتين منذ مائة عام







عرف المواطن البحريني الصحافة اعتباراً من العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر الميلادي، ومن بين أقدم المجلات العربية التي تعرف عليها المواطن البحريني مجلة "المقتطف" ومجلة "المنار". وشارك المواطن البحريني بطرح أسئلة ذات معنى فيها منذ ما يقرب من مائة عام.

وتدل الأسئلة التي طرحها على سعة اطلاعه وتعرفه على بعض القضايا التي اشتهرت في (العالم) وفي التاريخ مثل قصة (حي بن يقظان)، والموناليزا، والقضايا الدينية، والاجتماعية التي كانت مثار جدل بين المتعلمين آنذاك، كما تدل تلك الأسئلة على بداية حركة التنوير في البحرين في فترة كانت الأمية منتشرة، وكانت الخرافات والمعتقدات الخاطئة متفشية بين الناس. فقد ساهمت مجموعة من المتعلمين البحرينيين بطرح أسئلة في مجلة "المقتطف" في نهاية القرن التاسع عشر، وتعد تلك البدايات الأولى للتعرف على الصحافة العربية والاحتكاك بها. ومن بين من ساهموا بطرح أسئلة في وقت مبكر الشيخ حسين مشرف الذي طرح سؤالاً عام ١٨٩٩م على مجلة "المقتطف" حول النطق الطبيعي متأثراً بقصة حي بن يقظان، جاء فيه: "ما قولكم في ابن آدم إذا ولد في الفلاة وترك حتى بلغ سن التمييز، أكان يؤدي به الطبع ليعرب إعراب الإنسان بالنطق أو يبقى أبكم كالحيوان لممازجته إياه من زمن الاستهلال؟".

من بين الأسئلة التي طرحت في مجلة "المقتطف" سؤال عن الموناليزا قدمه عبدالله بن عثمان الشارخ قال فيه: "أكثرت الجرائد من ذكر صورة الجوكندا وسرقتها. فما هي هذه الصورة وما هو تاريخها؟". ويتضح من هذا السؤال أن المواطن البحريني أخذ يتتبع أخبار العالم من خلال اطلاعه على بعض الصحف والمجلات الصادرة آنذاك.

طرح المواطن البحريني أسئلة كانت محيرة بالنسبة إليه وكانت تتمتع بالجرأة وتتعلق بالحرية الشخصية وحقوق الإنسان. فقد طرح سؤالا في عام ١٩١٠م من قبل ناصر الخيري جاء فيه: ما قولكم في بيع الرقيق أفضيلة هو أم رذيلة؟ فإن كان الأول فلماذا يصادره الغربيون؟ وإن كان الثاني فلماذا لا يقول بتحريمه رجال الدين في الشرق؟ يقول الغربيون إن علة هذا الداء الإسلام والمسلمون، فهل هذا صحيح؟ وإن لم يكن كذلك فما سبب تأصله حتى صار يصعب قطع جرثومته من الشرق؟

زخرت مجلة "المنار" بمساهمات المواطنين البحرينيين من خلال طرحهم أسئلة متنوعة. والملفت للنظر أن الأسئلة التي تم طرحها في "المنار" تأخذ صبغة الأطناب. فقد جاء في عدد "المنار" الصادر في شهر مارس ١٩٢٢م سؤال عن التدخين طرحه علي إبراهيم كانو. وكان سبب طرحه السؤال جدل دار بين من يرى جواز التدخين ومن يحرم التدخين، جاء فيه: "إلى حضرة الأستاذ العالم العلامة السيد محمد رشيد رضا صاحب مجلة المنار. بعد رفع جزيل السلام اللائق لمقامكم العالي ورحمة الله وبركاته على الدوام. لا يخفى عند جميع الناس اشتغالك بالعلوم والمعارف الدينية النافعة وإرشاداتك المفيدة المنشورة بمجلتك لأبناء جلدتك في جميع البلدان - لذا كلفني بعض أصحابي الذين هم من أهل السنة والجماعة أن أوجه إليك هذا السؤال وهو: ضمني وجماعة من الأصحاب مجلس جرى فيه البحث في التذكير على المنائر قبل العشاء وقبل صلاة الفجر وفي شرب الدخان (التتن) واستمر الجدال ساعات ولم يقدر أحد الفريقين أن يقنع الآخر برأيه.. ولا عجب لسؤالنا لأن علماءنا وتعصبهم لا يقفون عند حد، واحد يُجوّز والثاني يحرم، ولا ندري أين الصواب لنأخذ به. واسترضى الجميع أن نرسل إليك هذا السؤال لترشدنا من فنون علومك وآرائك الحرة الناضجة وتبين لنا الخطأ من الصواب لنعتمد عليه والله يحفظك(٢١)".

وأرسل خليل الباكر سؤالاَ إلى مجلة "المنار" نشر في عددها الصادر في ٢٧ أغسطس ١٩٢٧م في باب فتاوى المنار، يعبر بصدق عن سعة أفق السائد واطلاعه، هذا نصه: هل يقال إن شيخ الإسلام ابن تيمية أعلم من الأئمة الأربعة أحمد ومالك والشافعي وأبي حنيفة. وهل يجوز للعامي ألا يتمسك بمذهب من المذاهب الأربعة وألا يقلد إماما من الأئمة الأربعة وأن يكون مذهبه مذهب من أفتاه. وأن يلقب نفسه محمدياً، ويوما يسأل عالماً شافعياَ ويعمل بقوله، ويوماً يعمل بفتوى مالكي، ويوماً بفتوى حنبلي، ويتبع الرخص في مسائل العبادات.

وهل يجوز له إذا أفتاه عالم من المسلمين من الفقه أن يقول ما أقبل الفقه أقبل الكتاب والسنة فقط. أفتونا في ذلك ولكم من المولى جزيل الثواب.

وبعث ناصر مبارك الخيري رسالة إلى "المنار" نشرت في العدد الصادر في شعبان ١٣٣١هـ طرح فيها أسئلة كانت تحيره حول مناسك الحج، مبيناً أن في الحج بعض الأعمال التي لا يعرف الحكمة منها وكانت أسئلته تتمتع بالجرأة وبعد النظر. ولو طرحت هذه الأسئلة في هذه الأيام لاتهم صاحبها بالكفر، ما يعني مدى التسامح الذي كان يعيشه المسلمون في تلك السنوات. وهذا نص الأسئلة:

- ما هي الحكمة من تقبيل الحجر الأسود إذا عرفنا انه حجر عادي؟

- ما الحكمة في رمي الحجارة (الجمار) في مزدلفة؟

- ما الحكمة في الهرولة بين المروتين؟

- ما المقصود من ذبح الذبائح على كثرتها، ودفن لحومها في منى؟

- لماذا أقاموا دون عرفة بناءين عن اليمين وعن الشمال تعرف بالعلمين، وكل من لم يكن خلف هذين البناءين ليس مقبول الحج؟

- نرى كثيرا من علماء الأمة الإسلامية ومرشديها المصلحين منهم من عاش ومات ولم يحج مع أنه رحل في سنته مرتين أو ثلاثاً إلى أوروبا أو غيرها من البلاد. فما هي الأسباب؟

- نرى أن جميع ملوك الأمم وأمرائها وأغنيائها لا يحجون، ولا نرى الحجاج سواهم إلا من فقراء الهند والصين وروسيا وجاوا وبلاد العرب كمصر وتونس وسوريا والعراق وغيرها.. فما هو السر في ذلك يا ترى؟

















.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة