مراكب غارقة
 تاريخ النشر : الخميس ٢٦ يوليو ٢٠١٢
بقلم:الشيخ د. عبدالله المقابي
مساحة التقدم محدودة بحدود التطور ونضج الفكر والوعي وتساويهما مع حجم الإدراك المطلوب لتفعيل قاعدة النجاح في الحياة، فإن لم يكن هنالك إدراك يساوي الوعي فلن يختلف المُخرج عن المُدخل في عملية بدائية وقفت لتحول بين التقدم وكماله.
إن الأقنعة المتعددة من شأنها أن تخلق شخصيات فصامية، والوجوه المتغربة من شأنها أن تقضي على مبادئها وتدمر المجتمع لأنها لا تفرق بين لغة الهدم والدم.
مقومات المجتمع البحريني منذ عام ١٩٩٩م وهو عام الانفراج بعهد الإصلاح الزاهر المتميز بإنجاز الانفتاح بكل معانيه، دوائر انتخابية، مرحلة نيابية، عصر حرية لم تشهده البحرين ذي قبل، أدوات دستورية ودولة المؤسسات القانونية، النمو الاقتصادي، الطفرة العمرانية، انتعاش معيشي، يختلف وما قبل الأعوام الماضية.
رؤى وأحلام كانت في خلد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة حفظه الله نُقشت في أرض الواقع بتجسيد مع الإصلاح وتمكين أطياف المجتمع كافة في مشاركة حقيقية بصنع القرار، انتهت بالتوافق الوطني على ميثاق العمل الوطني، بوابة الشراكة المتميزة بين الحكم والشعب.
في الفترة ما بين ٢٠٠٢ م و٢٠١٠م حُسمت انجازات وطنية وبلغت البحرين مرتبة الشرف في كونها دولة المؤسسات القانونية، وحصدت البحرين أكثر من ١٧ جائزة عالمية، وكرمت ٣ مرات من اليونسكو و٤ مرات من منظمات الأمم المتحدة، لتأخذ طابع الدولة الحديثة وتوصف مثالاً يُحتذى به بين دول العالم.
عزم وإرادة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة حفظه الله تمثلا في انجاح رؤى جلالة الملك، فمن المدهش أن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة أنجز على المستوى الحكومي أكثر من ١٢٠٠٠٠معاملة خلال ٨ سنوات جعلت رئاسة الوزراء تحوز تقديرا عاليا جدا في جودة الأداء والكفاءة الحكوميين، وعائد على الدولة بتقليص مصاريف وأعباء لم تكن مسئولة، في خطوات قننها الأمير خليفة من بحر علمه وفيض فهمه.
ما لا يعلمه الناس مستوى الأداء الحكومي العالي والتقنيات الحديثة استحدثت لراحة الناس وخدمة المجتمع البحريني بكل أطيافه، فالحكومة برئاسة الأمير خليفة بن سلمان أنجزت معجزات لو قُدر لحكومة لغيرها لم تبق، لكن حكومة الأمير خليفة بصمودها وحكمتها عززت مكانتها لتثبت للعالم جدارتها وقوة إدراكها لما يصلح الوطن ويقومه.
الأمر يختلف في تصور الفئات الضالة عن الصواب، والفئات المتسكعة في دول الخارج والتابعة لأجندات غير وطنية، فهي ترى أن الإنجاز الوطني غبار، وترى في الوقت نفسه قدرتها على اكتساب انجازات وطنية كبيرة، بيد أن الأمر لن يعدو في الحقيقة حجم انجازها الحالي وهو هدر المال العام والخاص عبر صناعة الفوضى والتكتلات الحزبية ورصف الصفوف بأشواك الطائفية.
هم مجموعة مخربة ولهت لزيادة الرصيد الشخصي على حساب البسطاء، وأبسط الأمثلة في اختلاف رؤى بعضها بعضا بوجوه شاذة عن المنطقية والعقلانية، فالذهن الناضج يخرج لنا فكرا معتدلا يتسم بالمحبة والإخاء والرحابة والصباحة كما نجد ذلك في قيادتنا الملكية الخليفية العربية، وليس كوجوه تعطيك بالليل صورة وتتقنع بقناع جديد في النهار، اختلاف في المبادئ والقيم وتحويل وتحليل ومواقف متضاربة.
إلى أين تأخذون الوطن؟
إلى الجحيم حيث يرددون في هتافات بين الحين والآخر دائرة انتخابية واحدة، وهم لا يقصدون الدائرة بينما يقصدون ما وراء الدائرة، فما وراءها أحزاب هم المسيطرون، وهم المقننون، وشيئا فشيئا هم يحكمون، أتعلمون لماذا؟ لأن مطلب الدائرة الواحدة تشكيل حزبي يفرض نفسه، وهو ذاته مطلب الحكومة المنتخبة، فالحزب الغالب هو الذي يشكل الحكومة بالتالي هو الذي يستفرد بالسلطة.
وليس بعد فهذا يأخذنا إلى متاهات أخرى: تعديلات دستورية تسحب السلطات من أصحابها الثابتة إلى عراك مستمر، قد يشل المملكة تماما في كل عام، وسحب ثقة، واضراب، ورفض، وتصويت، محنة يريدونها للبحرين وهي بعيدة عنها بفضل حكمة القيادة الرشيدة الملكية الخليفية.
إن مطالب قوى التأزيم وأصحاب الشخوص الفصامية ولابسي الأقنعة المتلونة يريدون للبحرين مراكب تغرق فلا ينجيها أحد، مراكب غارقة لن تنفع في قيام دولة مؤسسات قانونية، ولن يعتمد عليها العالم لويلاتها وكثرة مشاكلها الداخلية، وتعقيد الأمور التنموية والاجتماعية وصناعة الإرهاب بكل أشكاله.
إننا نطالب قيادتنا الحكيمة وحكومتنا الموقرة بأن تصنعا للجيل الحالي حصانة ضد عوائق التنمية البشرية والحياة الكريمة، ونطالبهما بإعانة الشباب المستغلين من قبل فئات التأزيم، فنحن نؤمن بأن قيادتنا قوية وحكومتنا قوية والشعب الصالح قوي.
من هذا المبدأ: صناعة التنمية البشرية وزيادة الحياة مع تطلعات القيادة برفاه المواطن هما الحصن السالم لسلم التعاضد الوطني ودفع الشباب عن وحل الفوضوية بقيادة قوى التأزيم.
إن تحقيق التقدم والنمو للفرد والمجتمع هو الهدف السامي للقيادة، ونحن ندعم هذا الهدف بكل قوة، ونشد باليد على كل الخطوات الرامية لتحقيق هذه الرفعة المستدامة لصالح الشعب والوطن بيد مخلصة وطنية هي قيادتنا الرشيدة العاملة والطموح إلى مثل ذلك.
في الختام، علينا جميعا تفويت الفرصة من جعل الأحداث متتابعة لمصلحة قوى التأزيم، فالشعب أوعى من أن يلتفت لمن يحاول اثارة الأزمات وتعميقها لصالح مصالحه الشخصية.
حفظ الله مملكة البحرين.
.