مجالسنا الرمضانية منتديات للتواصل الوطني والاجتماعي
 تاريخ النشر : السبت ٢٨ يوليو ٢٠١٢
بقلم : د. عبدالرحمن عبدالله بوعلي
يعود المجتمع البحريني في شهر رمضان المبارك دائماً إلى تلك الأصول والعادات والأعراف التي تكرست في وجدان أهل البحرين، وفي متنهم الاجتماعي الأكثر نقاء والذي لم تمسه السياسة والطائفية والنزعات السلبية. وأعتقد أن أحد أسباب أو مظاهر هذه العودة الى الأصول تتمثل في المجالس الرمضانية التي لا تزال تمثل معلماً رئيسيا من معالم هذا الشهر في البحرين، ومشهدية حيوية متفاعلة من مشهديات رمضان على نحو خاص، كما انها تتحول إلى موضوعات مفضلة للصحافة والصحفيين والاعلاميين الذين يحرصون على رصد هذه المجالس وما يدور فيها من فعاليات تعبر بمصداقية عما يدور في المجتمع وفي السياسة وفي الاقتصاد وكل شئون الوطن وشجونه.
فالمجالس الرمضانية البحرينية شكلت على الدوام بيئة اجتماعية وحاضنات ثقافية تكاد تكون مستقلة عن غيرها من المظاهر والأشكال الاجتماعية السائدة في الوطن. وهي حالة انسانية واجتماعية مميزة وفريدة تعبر في معظم مضامينها عن الايجابية المتبادلة في المجتمع، وما يصاحبها من سمات الاتصال والتواصل بين المواطنين والتعبير المشترك عن المحبة ووحدة الشعب، إضافة إلى ما تشهده هذه المجالس من لقاءات، وندوات اجتماعية وثقافية، وما تمثله من منابر علنية للجميع.
لقد نشأ معظم ابناء جيلي والاجيال السالفة على ثقافة تبجل دور المجالس العائلية والاجتماعية باعتبارها نسقاً اجتماعياً بارزاً وضرورياً لتماسك المجتمع، وباعتبارها أيضاً مشهديات اجتماعية وثقافية تختزل في شمائلها العديد من القيم والسجايا السمحة والرفيعة.. هذا إلى جانب كونها مصانع لغرس القيم الأصيلة والعادات الحميدة المرغوبة في عقول ونفوس الأجيال الشابة والأبناء والاحفاد، والمجالس الرمضانية ايضاً تمتلك كثيراً من المخزون التراثي وحصيلة كبيرة وغنية من المأثورات والمآثر على حد سواء.
ونعم هناك بالتأكيد فروق كبيرة بين مجالس الأمس ومجالس اليوم وعلى مستويات عدة.. ولكن التغيير والتحديث والتطوير هي سنن كونية لا بد من الخضوع لها، ولا بد أيضاً من استيعابها والتماثل معها، وفي نفس الوقت الاستفادة من ألوان التطور والتحديث لما يخدم هذه المجالس ويخدم قضاياها واعرافها ومفاهيمها الثقافية والاجتماعية.. ولا بد من الاعتراف هنا أن عدداً لا بأس به من المجالس المعروفة في البحرين قد أدرك هذه الخاصية وبادر منذ سنوات إلى طرح افكار وأغراض جديدة للمجالس تتناسب مع واقعنا اليومي والسياسي والثقافي.. وهو أمر يؤكد ما نذهب اليه هنا وهو ان هذه المجالس ستبقى ما بقي لها رجال يفكرون في خدمتها وتطويرها وتحديث مذاهبها واغراضها، لتبقى متواصلة مع المجتمع بكل تغييراته وتطوراته.
المجالس الرمضانية منتديات تواصل بين الأفراد والأجيال وبين الثقافات المتعددة في المجتمع الواحد. انه التواصل الايجابي الذي يجسد المحبة واحترام الآخر.. والتواصل الذي تتمثل فيه القيم العليا سواء من وجهة نظر الدين أو المجتمع أو المبادئ السلوكية والأخلاقية العامة.. والتواصل الذي يمكن أن نجد منه الكثير في جنبات مجالسنا الرمضانية المفتوحة قلوبها واذرعها بمحبة للناس جميعا.
في الشأن الوطني: إلى الذين فقدتهم مجالسنا: لكم الرحمة والرضوان
حين تستعرض بعض المجالس الرمضانية بقلبك قبل عينيك فإنك بالتأكيد ستفتقد مثلي رجالاً واصحاباً ورفاقاً كانوا على الدوام نجوما ساطعة من نجوم مجالسنا الرمضانية.. وكان حضورهم يملأ هذه المجالس حيوية ويشحنها جمالاً وانساً ومحبة وصدقا وعفة نفس.. إلى هؤلاء الذين فقدناهم كما فقدتهم مجالسنا الرمضانية نقول: لكم الرحمة والرضوان.
.