الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٥٠ - الخميس ٢ أغسطس ٢٠١٢ م، الموافق ١٤ رمضان ١٤٣٣ هـ

قضايا و آراء

قانون الأحوال الشخصية







حين يختار فئة من الناس تطبيق قوانين وضعية ترسم صيغة تقليدية كاستنساخ التجربة المغربية والإلحاح عليها مع وجود تجربة ذاتية وهي تجربة الميثاق الوطني بعهد مليكنا الزاهر، هذه التجربة التي تجلت من وحي فكر ناصح من لدن جلالته وبانت بمعالم فتحت أفق التطور في معاني حقوق الإنسان والحرية، هي التجربة الفريدة من نوعها والعميقة في تصوراتها جعلت البحرين بارزة في مصاف الدول المتقدمة، بهذه التجربة النادرة تلقت البحرين أوسمة شرفية علت في مسمياتها لتنجب دانة الخليج العربي على صغر مساحتها.

لم تتمكن مقاييس الفهم والادراك لقوى التأزيم من ترشيد هذه التجربة النوعية بل لم تصل عقولهم إلى فهم معانيها الجلية بما حملته من تعبير واضح يعطي المواطن البحريني قيمة أعلى مما يتصورها وفوق مستوى تطلعه، تجربة العهد الزاهر هي النموذج الفائز ثلاث مرات على التوالي في تصنيف التقدم الدولي لدول الخليج العربي، حظيت البحرين بأعلى مرتبة بتجسيدها مشروع صاحب الجلالة مليكنا حمد حفظه الله.

اللافت للنظر أن القوى التأزيمية أوجدت حواجز وتنشئ المزيد منها عبر الأيام، لا يخفى على أحد آخرها من رفض دعوة وزير الداخلية الأسبوع الماضي إلى جمع كل أطياف القوى لتدبير وتأمين وتحديد مناطق تتناسب وحرية التعبير وتسيير المظاهرات السلمية فيها، يشكر وزير الداخلية لهذه النظرة التي جمعت بين الفطنة والحلم وتحقيق مطالب قوى لا تريد للوطن أن يستقر، ومع أننا نرى أن السماح لهذه الفئة بممارسة الادعاء المزيف بالحق والسلمية إلا أننا من أشد المطبقين للقانون ونحترم رؤية القيادة فيما تراه لصالح الجميع.

لا يختلف هذا المشهد عن مشهد قانون الأحوال الشخصية وهو القانون الذي تتطلع إليه المرأة البحرينية بمشاربها كافة لتأخذ حقوقها كاملة من دون ابتزاز ممن تقع فريسة تحت يدهم أكان الرجل في البيت أم رجل القضاء في المحكمة التي بدأت خفايا دهاليزها أوضح من مستوى منتسبيها.

القضاء الشرعي في البحرين مستقل (استقلالا في محل غير التخصص) وآن للدولة أن تضع حدا لمستوى الاستقلال وتحديد مواطنه (استقلال شرعي) وليس أحكاما لا تتعلق بالتخصص ذاته، وبالخصوص بعد تفشي الفساد في بعض أروقته وتحامل الكثير من النساء جريحا تحت سطوته، وليس المجال اليوم لأن نسكت عن محاصصات تقاذفتها أيدي هي أعلم بالحكم والحجم بها كيلا بمكاييل الحرية، فالأمر فاق التصور في وضع القضاء الذي هو بحاجة إلى رسم خريطة جديدة له.

التجربة المغربية والتجربة المصرية رفضتا وعلى مرأى ومسمع المريدين وما أكثرهم وبالخصوص المرأة التي عانت ولاتزال تعاني! ومع تقديم اقتراحات والجلوس مع أصحاب الشأن إلا أنه لا ساكن بعد الضجة التي قادتها قوى التأزيم نفسها رافضة هذا القانون الضروري الذي يتيح للمرأة إصابة حقها من دون تعرض أو تجريح، أو تطويل في أروقة المحاكم وما يسودها من بعض شبهات معلومة في محل اليقين لا الظن والتهم.

والسؤال بقبول استنساخ التجربة المغربية وغيرها في ظل وجود ما هو أفضل ورفض التجربة الشرعية التي نجحت في كثير من الدول بدعوى عدم وجود ضمانات في دولة اسلامية عربية.

من الواضح أن حياتنا اليومية مستهدفة سياسيا، وشئوننا معقدة بالطرائف السياسية، بينما دول العالم تصعد في التنمية البشرية والعمرانية وتنمية المجتمع بكل أنواع التنمية، فماذا يريد من يقف عائقا في وجه التقدم لمملكة البحرين؟

أعلم جيدا بأن قسما كبيرا ممن يوجه لهم الخطاب يدركون مليا ما يجب ولكن خوفهم على مصالحهم وتسلطهم طمعا في ألا تؤخذ منهم الصلاحيات غير القانونية بالأصل، ونعلم جيدا أن استقلال القضاء الشرعي بالتحديد خارجا عن اطر الشرعية والقانونية بوجهه الأكمل، ما يدعو أصحاب الشأن إلى مراجعة مواقفهم ضد قانون الأحوال الشخصية.

وبحمد الله سوف يكون الدور الجديد على نوابنا المتفهمين لضرورة وجود هذا القانون المهم هو الأكبر بانعقاد المجلس في جلساته الأولى بالدور القادم، ولتضج الأصوات النشاز لتقول: لا، وسنضج باعتدال لنقول: نعم، لحقوق المرأة المسلوبة، نعم، لقانون الأحوال الشخصية، نعم، لوقف أنواع الابتزاز والاستغلال كافة ، ولن تكون ريشة فوق رأس من تسول له نفسه استغلال منصبه لوجه غير مشروع.

من يسمح لنفسه بأن يقف عثرة في وجه الحقوق المشروعة بنص القوانين الشرعية والقانونية لن يسمح بتمرير القوانين الصالحة لتطور المجتمع وتقدمه لأن تمرير المشاريع التنموية تعوق ميوله الحزبية وتغرق خططه الجهنمية.

إن استنساخ المشاريع من دول مازالت تتجرع ألم المحن مستمرة في وضعها المأساوي هو أكبر الأدلة على خلو المستنسخين من الحكمة والحنكة السياسيتين، وهو دليل آخر على وجود مشاريع لا تهدف إلا لتعميق فجوة حرق المكتسبات والإنجازات الوطنية وهو الداعي في الوقت نفسه إلى التسلط وتمرير الدكتاتورية باسم الدين والسلمية.

هم لا يقبلون النقد وهم فوق النقد، يريدون تحقيق إملاءات وتطبيق مشاريع لا تنموية، والأمر في النهاية دمار للحضارة والوحدة الوطنية، في شراكة متصلة بدول أجنبية لتمرير هذه الخطط القديمة، ولو لاحظ الشعب يوما ما تقوم به قوى التأزيم التي لم تعد محصورة في فئة معينة بل تعدت لتشمل قطاعات واسعة وشريحة تخاف من انقلاب المعادلة فتخسر النتيجة التي لا وجود لها إلا في عقلها، فالقضاء المستقيل وأعضاء مجلس الشورى وكبار رجالات وثقت بهم عناية ملكية قد انطلت عليهم تلك المخاوف الوهمية، لتصبح استقالاتهم وصمة عار لن يقبلها الوطن.

مع المصالحة الوطنية والدعوات التي تدعو إلى المصالحة يبقى وطننا ينزف حتى تقف قوى التأزيم لتحويل الماضي لمستقبل مشرق بدل تدمير البنى التحتية لثقافة المجتمع الوطني.

عز الوطن مليكنا حمد قائد النهضة الوطنية، مجد الوطن الأمير خليفة باني الوطن، أمان الوطن الأمير سلمان معزز أواصر التواصل الوطني، نريد من المجتمع أن يقتدي بهذه القيادة لتكون البحرين خيرا مما مضت وأجمل بالأيام المقبلة.

حفظ الله قيادتنا وبحريننا من كل سوء.











.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة