الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٤٣ - الأحد ٨ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ١٤ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عالم يتغير




العنف والإرهاب حتما يستدعيان المعالجة الأمنية





{ حين تتبنى جمعيات سياسية العنف والارهاب في المجتمع، بعد أن تضع نفسها في خانة المعارضة السلمية، ولا يهمنا سطر هنا أو هناك في بيان افتراضي، فإننا نكون مباشرة أمام خديعة حقيقية، لا يتمايز فيها الكلام السياسي الذي تطلقه تلك الجمعيات عن العملين التخريبي والارهابي، اللذين يتم الدفاع عنهما سياسيا من جانب تلك الجمعيات باعتبارهما أدوات مشروعة للتعبير عن حرية الرأي، وفي هذا خلط فاضح بدوره وخطر، يضع اليوم مجتمعنا البحريني أمام استحقاق كبير لا يخص الدولة وحدها، وانما يخص كل مكونات المجتمع، ويدعوها إلى إيقاف العبث سواء السياسي أو التخريبي والارهابي، واتخاذ موقف من التحريض مثلما من ممارسة الارهاب بعد ان ملّ الشعب البحريني منهما على حدّ سواء.

{ حدث هذا العنف قبل انطلاق المشروع الاصلاحي، وحدث بعد انطلاقه، كما يعرف الجميع، وتبلور في ذروته أثناء أحداث الدوار، ولايزال يتصاعد ليتحول تدريجيا الى ارهاب منظم، فيما (الراعي الرسمي) لما يحدث من محاولات تخريب السلم الاهلي وتخريب المجتمع هو جمعيات سياسية على رأسها حزب الله ــ البحرين وبقية الاتباع، ومعهم المحرضون الآخرون من مرجعيات وجهات غير قانونية وغير شرعية في الخارج، وكلهم في سلة التحريض سواء.

هؤلاء معا - كما قلنا وقال غيرنا - منذ انتهاء السلامة الوطنية، يتحركون على محورين بما يخص العنف والارهاب في البحرين: أحدهما محور قائم على «التحريض»، والخطابات المبطنة بالنفس التحريضي، الذي يتحرك من خلاله أيضا صبية العنف والتخريب ويتحولون الى ضحاياهم، وثانيهما: محور «الدفاع عن المخربين والارهابيين»، حين يطولهم القانون أو حين تتم مواجهتهم أمنيا، باعتبارهم في نظر هذه القيادات يقومون بمهمة مقدسة تحت مسمى (الدفاع المقدس عن النفس) الذي يدخل في اطاره كل الاعمال الارهابية الممارسة يوميا، مثلما يدخل في اطاره المولوتوف والحرق والاعتداء على المدارس وعلى الارواح واستهداف رجال الأمن مباشرة وبشكل يومي وتمييع تطبيق القانون.

{ أكتب هذا الموضوع مساء الجمعة، وقبل انعقاد المؤتمر الوطني الذي دعا اليه تجمع الوحدة الوطنية، ولا أعرف حتى اللحظة ما سيكون عليه موقف مؤسسات المجتمع البحريني من العنف والارهاب باعتبارهما مهددين للسلم الاهلي. الذي أعرفه جيدا حجم التذمر الكبير في الاوساط الشعبية، وفي القطاعات كافة ولدى كل المكونات، من مجريات (التصعيد الارهابي) على أرض الواقع، وسواء كان تحريضا من القادة أو ممارسة يومية له من المخربين والارهابيين، مما أصبح معه السكوت عن الفعلين بمثابة التسليم للوقوع في الهاوية واقتتال طائفي يطل برأسه حثيثا.

{ وإذا كان قادة التحريض لم يملوا حتى اللحظة من ترديد الاسطوانة المشروخة ذاتها، حول حرية التعبير والمطالب وسلمية الحراك، الى آخر تلك القائمة المبتذلة من الشعارات، التي تدل على إفلاس سياسي حقيقي، فإن من جملة ما يجب الدفاع عنه في وجه هؤلاء المتلاعبين بالكلام وبالمصير الوطني، هو ليس فقط الدفاع عن القانون وتطبيقه في حق الجناة والمخربين والارهابيين، وانما الدفاع عن رجال الأمن باعتبارهم أيضا بشرا ومواطنين ولهم حقوق كأي إنسان آخر في هذا البلد، ويؤدون مهمة دفاعية عن الوطن كأي رجل أمن في بلد آخر، ويتعرضون اليوم لأكبر المخاطر، مع تصعيد العنف ضدهم، وتمييع قضيتهم باعتبارهم مرتزقة كما يطلق قادة الارهاب عليهم بل على كل من يقف ضد تخريبهم في الوطن من الشعب البحريني، كأن بتلك الكلمة اللاإنسانية والعنصرية يتم اسقاط حقهم في الحماية والدفاع عن النفس.

{ قادة العنف والارهاب والتحريض، يطلقون مقولة يتم تعميمها بأن «الحل الامني» هو السبب، وهؤلاء لا يرون أن «الحل الأمني» أو المعالجة الامنية هما نتيجة لسبب، وان الجذر الاصلي في المسألة ومنذ سنوات طويلة، هو ممارسة العنف في الشارع الذي تحول اليوم الى ارهاب حقيقي وبكل معطياته والذي يستدعي للحفاظ على أمن الناس، ان تتم معالجته أمنيا. والمسألة ببساطة: (أوقفوا التحريض على العنف وممارسته لتتوقف المواجهة الامنية)، ومن لديه مطالب سياسية فالقنوات سياسية أيضا والى جانب ذلك أوقفوا الاستهداف والاستفزاز لرجال الامن، والشعارات التحريضية والاستفزازية، والسلوكات اللاأخلاقية، لكي يتوقف استخدام مسيل الدموع، الذي به وحده يدافع رجال الأمن اليوم عن أنفسهم في شوارع العنف.

{ في كل دول العالم للقانون حُرمة، ولرجال الأمن حُرمة مماثلة، فإذا ما عملت جهة مجتمعية على اسقاط حُرمة أي منهما، حل الخراب وحلت الفوضى، وهذا ما يعرفه المحرضون والمخربون جيدا، لذلك هم يعملون على استشرائهما، والتلاعب بالكلمات وقلب الحقائق لاستمرارهما، ولعل الفيديوهات المنتشرة حول ما يتعرض له رجال الأمن من استهداف واستفزاز وتعريض حياتهم للخطر، لا يكفي معها القول انها مفبركة، لأن من يقول ذلك فإن حجته مردودة عليه بما يبثه هو نفسه أصلا عن ذلك الاستهداف باسم عملية كرزكان او سترة او غيرهما من القرى، ويتم عرض كيفية استهداف رجال الامن والتفاخر بها باعتبارها عمليات للكرامة، أي ان التخريبيين هم من ينشر تلك الفيديوهات وليس غيرهم حتى يقال انها مفبركة.

{ آن الأوان لايقاف هذه المهازل التي ترتكبها من تسمي نفسها المعارضة، فهذا الوطن للجميع وليس لفئة تريد فرض أجندتها على المجتمع بالعنف والارهاب، بعد ان فشلت في فرضها بالسياسة وحدها.

اليوم ليست الدولة وحدها من هو مطلوب منها مواجهة هذه المهازل، وانما قطاعات هذا الشعب كافة تتحرك للمواجهة، أما إذا رأى قادة العنف والارهاب الاستمرار، من دون وضع اعتبار لرأي وموقف غالبية هذا الشعب الرافض أفكارهم الاقصائية، وتبنيهم الممارسات الارهابية، فإننا لا نقول الا: (وعلى نفسها جنت براقش) فلا يمكن لهذا الحال ان يستمر تحت أي حجة أو تأويل أو تبرير، فذلك من المحال.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة