رجال الدين.. كيف يقرأون ما يحدث في الشارع البحريني؟
شيوخ من الطائفتين يؤكدون: المعارضة مدانة شرعا
 تاريخ النشر : الأحد ٨ يناير ٢٠١٢
تحقيق: زينب حافظ وخولة القرينيس
مع ازدياد العنف والتدمير الذي طال كل شيء في الشارع البحريني، دعا المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية إلى وقف الأعمال المخلَّة بالأمن المتمثلة في سد الطرقات، وسكب الزيت لمنع الناس من ممارسة حريتهم في التنقل الآمن، لما في ذلك من صور انتهاك حرمات المسلمين وتعطيل مصالحهم، وتنافيها مع قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) «إماطتك الأذى عن الطريق صدقة»، وقوله: «عرضت عليّ أعمال أمتي، حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق».
كما ناشدت غرفة تجارة وصناعة البحرين رجال الدين من الطائفتين الكريمتين وجميع الشخصيات الوطنية النافذة، أن يكون لهم دور أكثر فعالية في تهدئة النفوس وإعادة أجواء الوحدة والأسرة الواحدة حتى لا تتكرر مثل هذه الأعمال.. ولكن ما رأي رجال الدين فيما يحدث في الشارع البحريني؟ وهل كان دورهم مؤثرا أثناء الأحداث وبعدها؟ وهل يمكنهم إطلاق فتوى تحرّم ما يحدث من عنف واستهداف للمرافق العامة؟
هذه الأسئلة طرحتها «أخبار الخليج» على مجموعة من رجال الدين يمثلون الطائفتين الكريميتين.. ورصدنا إجاباتهم خلال السطور التالية.
في البداية يتطرق الشيخ عبدالرؤوف مبارك جمعة إلى اتهام رجال الدين بعدم وجود دور مؤثر لهم في توعية الناس أثناء الأحداث الأخيرة التي مرت بمملكة البحرين، قائلا: المشايخ بأطيافهم تصدروا الأحداث كلها من بدايتها إلى هذه الساعة، لا ينكر ذلك متابع للأحداث، فكلٌّ مارس التوعية المؤثرة في أتباعه، وتأثيرها واضح غير منكور، كانوا جميعا يمارسون الخطابة في أتباعهم ويرون أنهم يقومون بدورهم في توعيتهم، يشاركهم في ذلك أولو الأمر والحل والعقد عبر القنوات الرسمية، ويتبعهم على ذلك أرباب الفكر والقلم وغيرهم، فالتوعية قد تمت على أتم وجه في تصور كل طرف، وصار الناس واعين لبعضها تماما، ولكن ما يجب بحثه هو: هل التوعية الصحيحة هي توعية الطرف الأول أم الثاني أم الثالث؟
بالنسبة إليّ فإني أرى التوعية المُثلى هي التوعية الموافقة لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تمام الموافقة، والذي لاحظته أن كل طرف من الأطراف أخذ بشيء من هذه التوعية الصحيحة وترك أشياء منها، فما يؤسف له أن التوعية المُثلى ولم تكتمل لدى أحد الأطراف، قال تعالى: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله».. صدق الله العظيمفتاوى متوازنة
- ما هي خططكم التوعوية في الفترة القادمة مع تصاعد أعمال العنف؟
لا علم لي بوجود خطة عامة للمشايخ، ولم يُعلن شيء كهذا بعد، بحسب علمي، وما يتسرب عبر المنابر الإعلامية حتى الآن من كل الأطراف فاقد للتوازن في أغلبه، مع الأسف الشديد، ونتمنى أن نسمع أو نقرأ خطابا متوازنا على مستوى رفيع، وخطة إصلاحية متوازنة تعالج أعمال العنف وأسبابها، قال تعالى: «إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم».
أما عني خاصة فقد خضت تجربة ميدانية استثنائية ومتوازنة تهدف إلى التوعية ونزع فتيل التوتر إبان الأحداث في مارس، كان ذلك في مجمع السلمانية الطبي، وكادت هذه التجربة أن تكلل بالنجاح لولا تسارع الأحداث وفقدان المعونة والمساعدة، ولعلي أتحدث عن هذه التجربة الفريدة في حياتي في وقت لاحق إن شاء الله تعالى، وعلى الرغم من أننا ندفع الآن ثمن إخلاصنا وحسن نيتنا ونتجرع الظلم من جهات بعينها فإننا لن ندخر وسعا في بث المفاهيم الصحيحة والمتوازنة عبر منابر الإعلام الحرة بإذن الله تعالى القائل: «وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه».
وعن ضرورة إصدار فتوى تحرم التخريب لأنه ضد الدين يقول الشيخ عبدالرؤوف: سيكون لهذه الفتاوى أثر كبير، ووقع حسن على مجتمعنا المسلم الملتزم، شريطة أن تصدر عن علماء معتدلين وأن تكون هذه الفتاوى منصفة، قائمة بالقسط، لا ميل فيها، قال سبحانه وتعالى: «وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى»، والتخريب والإفساد محرّم شرعا، لكن التخريب الذي تأباه الشريعة الإسلامية السمحة والذي نعانيه في مجتمعنا له وجوه متعددة وصور كثيرة لا تقف عند حرق إطار أو سد شارع، بل التخريب يتجاوز ذلك إلى أنواع كثيرة أخطر من رمية حجر، فالتمييز تخريب، والواسطة تخريب، وبث الفتنة تخريب، والخروج على ولي الأمر خراب وفتنة، فصور التخريب كثيرة، وإذا لم تراع الفتاوى هذه الموازنة على الأقل في أقرب صور التخريب فلن يكون لها أي أثر يذكر والله تعالى أعلم.
الإفساد في الأرض
ويشير الشيخ محسن العصفور إلى أن مملكة البحرين مرت بفتنة في ظل أجواء الربيع العربي ما أدى إلى انقلاب المعايير واختلاط الأوراق، وعاشت البحرين في رعب لم تعشه من قبل، وساعد على ذلك التحشيد الإعلامي الخارجي الذي فاقم المشكلة بشكل كبير إلى حد أن شيوخ الدين لم تكن لديهم القدرة على مواجهته.
ويؤكد الشيخ العصفور أن مملكة البحرين وقعت في شر أعمال جمعيات مغرضة تدعي الوطنية وهي ضد الوطنية، ولعبة التأزيم والتأجيج الأمني والسياسي تديرها تلك الجمعيات التي تنتمي إلى أجندات أجنبية، والضحية الأولى هو الشعب والوطن، ومبادرة جلالة الملك باستقطاب اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق كانت خطوة حكيمة بامتياز لوضع النقاط على الحروف لحل الأزمة وتداعياتها، على الرغم من كل ما وصلت إليه من انفلات أمني وفتنة طائفية وتشكيل اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ توصيات بسيوني هي أيضا خطوة أخرى تسير في نفس نهج تجاوز الأزمة بكل حكمة وحنكة، واليوم الكل مطالب، مشايخ الدين من الطائفتين الكريمتين، المراكز الإسلامية، والوطنين المخلصين، والوجهاء والأعيان والشخصيات الأكاديمية، بمساندة التوجهات الوطنية الأخيرة، وخاصة في ظل التركيبة الموجودة حاليا بما فيها من تجاذبات حزبية زادت الأزمة أزمة أخرى، لما شاهدناه من تسييس المنابر الدينية والأجندات الحزبية.
وعن رأي الدين في الأعمال التخريبية يقول: هذه الأعمال التخريبية غريبة على المجتمع الإسلامي وبعيدة عن قيمه، وتعد من الجرائم الشرعية الكبرى التي توعدها الشرع بأقصى العقوبات وبأشد الجزاء في الآخرة، لأنها بعيدة كل البعد عن عقيدة المسلم، لأن الإفساد في الأرض محرم تحريما قطعيا، ومغلظ أشد التغليظ ولا يتصور أن يرتكبه المسلم في أي حال من الأحوال وتحت أي ذريعة وهي تمثل مظهر من مظاهر الانسلاخ عن قيم الدين والتمرد على شريعة خاتم المرسلين، وحرب على المؤمنين والشعب والوطن، والتعدي على الممتلكات والترهيب والترويع، وعلى كل من يقف خلف هذه الأحداث أن يكشف عن وجهه الحقيقي المعادي للوطن، وهم لا يستحقون أن يكونوا تحت مسمى المعارضة الشريفة المخلصة، لأن الاختلاف في الرأي وحرية التعبير مكفول بالقنوات الدستورية، وما ننعم به في البحرين من خدمات يجب أن نحافظ عليها، واستكمال النواقص مطروح ومتاح، وخاصة في الفترة المقبلة، السنوات فالعشر القادمة موجهة إلى رفاهية المواطن، ولا بد من تحقيق الاستقرار الأمني أولا، حتى نبدأ في حل المشاكل، وعلى رأسها مشكلة السكن، وبالتالي لا يوجد ما يبرر قيام المعارضة بأعمال التخريب والترهيب بكل صورها، وهي مدانة شرعا وقانونا وعرفا، ولا يقبل بها أحد، ونحن جميعا نشجبها ونستنكرها، وندعو الشباب المنفلت إلى أن يعود إلى منطق العقل، وإعادة الحماية للوطن وان يوجهوا سواعدهم إلى البناء، كي نكون الأفضل في الحاضر والمستقبل وألا نصبح سببًا لتدمير كل الفرص، فما يُنفق في إصلاح ما يُخرب كان يجب أن ينفق في توفير أجواء من الرفاهية ينعمون بها هم ومن سيأتي بعدهم، وقد شاهدنا أن أعمال التخريب لم تجن إلا إزهاق الأرواح، وضرب الاقتصاد، وحرق مكتسبات الوطن، والمتضرر الأول والأخير هم قبل غيرهم، وعليهم أن يعلموا أن من يغرر بهم ويزج بهم في هذه المحرقة هو العدو الأول لهم، إذ لا توجد لديه أدنى غيرة على مصالحهم وحل مشكلاتهم.
استقامة الأحوال
فيما يقول الشيخ ياسر المحميد إن عالم الدين أو طالب العلم عموما لا بد أن يتم لهما أمران لا تستقيم حالهما بدونهما، فقه في الدين ومعرفة بالشرع على وجه الإجمال والتفصيل، والأمر الثاني فقه في الواقع ومعرفة بالأحوال وإدراك للزمان والمكان، ومن دون هذين الأمرين لا يستقيم الرأي وربما أوقع البعد عنهما في الخطأ والزلل.. ومن أجمل ما قيل قول المتنبي:
الرّأيُ قَبلَ شَجاعةِ الشّجْعانِ
هُوَ أوّلٌ وَهيَ المَحَللا الثّاني
فإذا همَا اجْتَمَعَا لنَفْسٍ حُرّة
بَلَغَتْ مِنَ العَلْياءِ كلّ مكانِ
لذا نجد أن الزلل الواقع يرجع إلى قصور في فهم الشرع، أو تقصير في فهم الواقع أو عدم إمكانية التوفيق بين الشرع والواقع، وعودة إلى الحديث الأصلي حول أن الأزمة التي مرت بها مملكة البحرين وتلحقها جميع الأزمات التي اقترنت بها في تلك الفترة لا يمكن أن يقال إن رجال الدين كانوا بمعزل عنها، لأن مواقفهم الصادقة مشهودة وأقوالهم ومنابرهم لا يمكن أن تسد عنها الآذان، ولربما قصرت فئة أو فرد لأسباب كان يظنها حقيقية، ولكن لا يمكن أن يلحقها بالأغلبية الغالبية من أهل الدين والعلم وموقفهم من الأزمة، ولا شك أنها أبرزت مفاهيم متنوعة وتباين في الأقوال، ليس على صعيد أهل الدين فقط بل على جميع الأصعدة، وهذا ليس بمستغرب، فإن الأزمات تحدث ترددًا كبيرًا بين الإقدام والإحجام، ولعل هذا كله ينبغي أن يضبط بضابط المصلحة والمفسدة، لأن الإسلام جاء لتكثير المصالح وتقليل المفاسد، كما جاء بمراعاة المصلحة العليا والبعد عن المفسدة الكبرى، ولربما قام فريق باتهام أهل الدين بالتقصير، وقام فريق آخر في المقابل باتهام رجال الدين بأنهم يجرون الأزمات إلى التفكير الديني والتحليل الشرعي، ولا يمكن أن نتغافل عن واقعنا حيث إنهم في شدائدهم ومحنهم يلجأون إلى الله عز وجل وإلى شرعهم، وأهل العلم هم ورثة الأنبياء، ولكني أريد أن انتقد بعض طلبة العلم، حيث إنهم يشيعون في المجتمع روح اليأس ويخوفونهم من واقعهم، ويغلقون أبواب التفاؤل في المستقبل. كما يتجه فريق آخر إلى التعدي على ولاة الأمر بعدما عجزوا عن حل الأزمة بالطريقة التي يراها هؤلاء مناسبة، ثم يأتي فريق ثالث ويزيد الفتنة فتنة، والبلية مصيبة حيث يغرق في الطائفية، ويتقصد من خلالها إلى تفريق المجتمع وإبعادهم عن التعايش السلمي، والواجب على أهل العلم أن يتصفوا بالحكمة والاجتماع على الكلمة، كما أن الواجب على الدولة أن تنصف الناس وتطبق العدالة.
ويكمل: كما أن العقلاء متفقون قبل أن يتفق العلماء على أن الإفساد والتخريب صفة سيئة يقوم بها المفسد، وقال الله عز وجل «ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها»، بل إن الإفساد في الأرض يعد من الحرابة التي عظم الإسلام عقوبة القائم بها، فقطع الطريق عقوبته أن تقطع اليد والرجل من خلاف وينفوا من الأرض، وهذا يدل على أن التخريب عمل مقزز ينأى عنه أصحاب الفطر السليمة والعقول المستنيرة، وإذا كان الرسول في حال الحرب يحذر أصحابه من قطع الشجر وإحراق البيوت فكيف بالسلم من المجتمع، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.نبذ الخبثاء
ويرى الشيخ عبدالرحمن عبدالسلام أن الإشكالية تكمن في الخطاب المختلف للعلماء من الطائفتين وبعض الخُطاب خطابهم تأزيمي ويثير البغضاء والكراهية وروح العدوانية وهو سبب الفتنة، وهناك خطباء لم يؤججوا الشارع، ونحن نرى حرمة إثارة الفتنة أو الإخلال بالنظام، والعداوة والفتنة الطائفية والتعدي على حرمات الآخرين، وكل ما يضر الإنسان محرما، فلا يجوز الإضرار بالفرد أو الجماعة. وهناك بعض علماء الشيعة يثيرون الفتن في كل مكان، ويجب على العلماء الآخرين أن يشجبوهم، وأن تعاقبهم الدولة وتقف في وجه كل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن، وأعتقد أن هناك الكثير من علماء الطائفتين يؤيدون ذلك، ومن يؤيدون العبث بالأمن قلة، ويجب على الدولة أن تتخذ ضدهم الإجراءات اللازمة، وعلى الصامتين أن يتكلموا، كي يجتمع الرأي على نبذ هؤلاء الخبثاء وإبعادهم عن المجتمع، وحصرهم في زاوية ضيقة، وعلماء السنة لهم دور في تهدئة الشارع السني والابتعاد عن الفتنة الطائفية لأنها خطر يهددنا، ويجب علينا أن نحتاط لهذا الأمر، وعلى علماء الطائفة الشيعية محاربة هذه الفئة الضالة، وان يجتمعوا على قلب واحد لمحاربتهم، وأعتقد أن الكل بدأ يفكر في كيفية لمّ الشمل مرة أخرى وهذا هو دور علماء الطائفتين.
وعن مشاركة رجال الدين في الأحداث الأخيرة يقول الشيخ جلال الشرقي: كانت هناك نوعان من المشاركة، إحداهما سلبية جدا، حيث شارك الكثير من علماء الطائفة الشيعية في تأجيج الشارع الشيعي على الحكومة والوضع العام في المملكة، ولا ننكر أن هناك قلة من علماء الشيعة كان لهم دور ايجابي، واتضح ذلك من خلال الصحافة اليومية وعلى رأسهم الدكتور المقابي ومجموعة أخرى من المشايخ، أما بالنسبة إلى علماء ومشاهير الشارع السني وهم مجموعة كبيرة، فقد كان لهم دور ايجابي في لملمة الشارع وتوحيد الصف والوقوف مع الحكومة بشكل ايجابي، هذا بخلاف تجمع الوحدة الوطنية، ومجموعة أخرى لا يستهان بها من السنة كان دورهم سلبيا، وفي الحقيقة نحن بحاجة إلى ان يخاف عالم الدين من الله سبحانه وتعالى وليس من الناس، نريد علماء أجلاء ينطقون بالحق والقسط والعدل من دون ان يظلموا او يقلبوا طائفة على أخرى ويكون لهم دور واضح في توحيد الصف.
وهناك مجموعة من العلماء من الطائفتين لهم دور سلبي، نظرا إلأى أن السكوت عن الحق وخاصة من قبل الشيوخ مرفوض، ويجب أن يكون لهم دور ايجابي في قول كلمة الحق والإنصاف إرضاءً لله وليس لإرضاء طائفة معينة، وفي الحقيقة مثل هؤلاء العلماء قلة، وكلي أمل أن يوحد رجال الدين صفوفهم وأن يكونوا عامل إصلاح لا عامل هدم، وان يقفوا مع الحق ولو على حساب أنفسهم. واسأل الله تعالى أن يحفظ مملكة البحرين وشعبها.
دماء المسلمين
وعن نصيحته للمخربين يقول: انصح هؤلاء المخربين والإرهابيين الذين سلكوا طرق الشيطان، بأن يعلموا أن دماء المسلمين حرام وتدمير المرافق العامة حرام، ولا يمكن أن ندعو إلى الإصلاح ونحن نستخدم الوسائل المحرمة عرفا وقانونا، ونتمنى من الحكومة ان تقوم بتطبيق القانون على جميع المخربين انطلاقا من قول الله تعالى «ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون» صدق الله العظيم، وذلك حتى يعم الأمن السلام في مملكة البحرين.
ويؤكد الشيخ عبدالناصر المحمود صعوبة تعميم سلبية جميع رجال الدين أثناء الأحداث، لأن بعض العلماء كان لهم دور في منتهى القوة، ولكننا لم نكن نتوقع أن تصل الأمور إلى هذا الحد، نظرا إلى وجود طرف كان يتسبب في زيادة الفتنة حتى وصلت إلى هذا المنزلق، والطرف السني كان له دور في توعية وتثقيف المجتمع، وحثه على وحدة الصف ولمّ الشمل، وعدم الخوض في هذه الفتنة، وتجنب أكبر قدر من السلبية، على عكس الطرف الآخر، وحاليا يجب أن نعمل على توحيد الكلمة والصف للحد من الوضع المتأزم الذي برعت الجمعيات السياسية في تأجيجه وتشجيع زيادة العنف في خطبها، وللأسف المشايخ لا يوجد بيدهم شيء، والحكومة يجب أن يكون لها الدور الأكبر في عملية ضبط الناس وتطبيق القانون.
أما من ناحية تحريم الشريعة للعنف وإصدار فتوى بذلك فيقول الشيخ المحمود: هل ينفع التحريم مع فئة لا تأخذ بتعاليم الدين؟ وهل يجدي مع فئة تفتي بإباحة القتل لأنهم في جهاد ويقاتلون العدو؟ في هذا الحالة المفروض من شيوخهم أن يقوموا بإصدار الفتاوى التي تحرم هذه التصرفات.
أما الشيخ أسامة بحر فيرى أن أغلب رجال الدين كانوا يقومون بأدوارهم، كل بحسب موقعه، وأئمة المساجد كانوا يقولون رأيهم في خطب الجمعة، مما يؤكد ان دورهم الايجابي موجود ولكنه غير ظاهر، ومع ذلك البعض فضل الابتعاد عن الحديث في هذه الأمور، نظرا إلى أن آراءهم لم تكن تسمع، والعقوبات لا تطبق، وهذا الأمر جعل عددًا من رجال الدين يبتعدون عن الأضواء، ويترفعون عن الظهور الإعلامي، ولذلك لم يعد رأيهم الذي يستمدونه من الشريعة يُغطى إعلاميا.
وعما يتلقاه البعض من إيذاء يقول: إيذاء المسلم والاعتداء عليه منعته الشريعة، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز «والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا»، وهنا يأتي دور ولي الأمر فأحكام الشريعة واضحة، ومن يقطع الطريق ويرهب الناس ويعرّض حياتهم للخطر، يطبق عليه حد الحرابة «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ» فالبحرين بلد آمن ولا ندعو إلى الفرقة بل إلى المحبة والألفة ونرجو من كل مسئول في البلد أن يحرص على تطبيق شرع الله حتى يشع الأمن والأمان.
ويعتبر الشيخ موسى العريبي ان ما حدث في البحرين فتنة، مما دفع عددًا من رجال الدين إلى الابتعاد عن التدخل في هذا الأمر وخاصة ان الإفساد فيه قد يكون اكبر من الإصلاح في ذالك الوقت، مشيرا إلى ان المشكلة الحقيقية قائمة بين المعارضة والحكومة، وانقسام الناس إلى قسمين كل منهما يتبع زعيمه، جعل المعارضة التي تمثل عددًا كبيرًا من أبناء الشعب تجزم انها تتحدث باسمهم، وتطرح مطالبهم التي ارتفع سقفها، وبين شد وجذب طالت الأزمة، وعلى رجال الدين دور مهم في تقديم النصح للطرفين الحكومة والمعارضة في وقت واحد، ونقول للمعارضة يجب أن تكون المطالب معقولة وفي الحدود التي تستطيع الحكومة
.