الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٤٤ - الاثنين ٩ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ١٥ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

زاوية غائمة


عقبال حظائرنا





يواجه البريطانيون حرجا بالغا بعد ان قامت جمعية «بورن فري» وتعني «وُلِد حُرا»، بنشر تقرير يكشف مدى قسوة قلوبهم، وهذه الجمعية معنية أساسا بحقوق الحيوانات المحتجزة في ما يسمى «حدائق الحيوان»، فبعد رصد للأوضاع في تلك الحدائق خلال الأعوام القليلة الماضية لاحظت الجمعية ان معظم الحيوانات تقضي يومها وهي تروح وتجيء في حظائرها، وهي متجهمة مما يعني انها تعاني الملل والاكتئاب، وان القرود والشمبانزي تقضي وقتها وهي «تفلي» بعضها البعض من القمل والبق، لانها لا تجد ما تفعله غير ذلك،.. يعني لا تلفزيون ولا بلاي ستيشن والطعام المكرر والممل: علف للحيوانات النباتية ولحوم عادية لآكلات اللحوم.. يعني لا بيرغر ولا بيتزا ولا آيسكريم!! واكتشفت الجمعية ان معظم حدائق الحيوان في بريطانيا تخالف الميثاق الأوروبي لرعاية الحيوانات في الأَسر، من حيث ضرورة توفير سكن لائق لها، يسمح لها بممارسة سلوكها الطبيعي!! كما لاحظت ان فرس النهر في حديقة لندن الشهيرة يسير يوميا في دائرة منتظمة مما يدل على انه في منتهى «الزهج والقرف»! والحمد لله فنحن في السودان وتقديرا لظروف الحيوانات قمنا بإزالة حديقة الحيوان وبعنا موقعها للمستثمرين العقاريين، ..وأصبحنا البلد الوحيد في افريقيا الذي ليست به حديقة للحيوان عليها القيمة يلف ويدور فيها حول نفسه او حول غيره، وبذلك «طلعنا» من اللوم.. بعبارة أخرى أثبتنا أننا نحترم حقوق الحيوان في التجول والترفيه والتناسل وتركناها في غاباتها! وقبل سنوات كانت قضية الساعة في السودان هي «القرنتية» وهو الاسم الذي يطلقه السودانيون على فرس النهر فقد ضلت «قرنتية» وصغارها طريقها من أدغال وسط إفريقيا، وجنوب البلاد الى الخرطوم، مما يدل على أنها كانت في منتهى الغباء، لأنها لم تنتبه وهي تقترب من وسط السودان الى حركة الملاحة النشطة في النيل الأبيض، وفشلت في استخدام حواسها لتعرف أنها ابتعدت عن موطنها الاستوائي.. وكعادتها فقد عبثت القرنتية بالمزارع وأهلكت المحاصيل في المناطق التي مرت بها، فتم نصب كمين لها على هيئة حفرة مغطاة بحشائش سال لها لعاب القرنتية الغبية فهجمت على الحشائش وسقطت في الحفرة، وبعد ذلك تختلف الروايات حول الكيفية التي لاقت بها حتفها، فالمعارضة تقول ان قوات الشرطة أعدمتها رميا بالرصاص وأكلت لحمها، ظنا منها أنها عضو نشط في المعارضة مكلف بتخريب الاقتصاد السوداني، والحكومة لا تنكر ذلك وتبرر الاعدام بأن القرنتية كانت عضوا في حركة التمرد في جنوب السودان وقدمت الى الخرطوم لقلب نظام الحكم أو في مهمة تجسس، فكان لا بد من التصدي لها بعنف..والحمد لله ان جمعية «بورن فري» لم يبلغها خبر القرنتية وإلا لطالبت بفرض حظر برمائي على السودان، وقد خلد الشاعر السوداني الفذ هاشم صديق القرنتية في قصيدة جميلة حافلة بالرمز تم تداولها عبر عدد من المواقع السودانية على الانترنت، بعد منع نشرها في الصحف السودانية!

تخيل ان جمعية «بورن فري» جاءت الى العالم العربي لتكتب عن حال الحظائر البشرية: آدميون يلفون ويدورون حول أنفسهم طوال سنوات العمر ولا يملكون من أمور أنفسهم شيئا!! أما عن السكن اللائق فحدث ولا حرج!! أمة بأكملها تعاني الاكتئاب الوبائي والامساك والبواسير من فرط انعدام حرية التعبير! ولا جمعية تطالب بفتح الحظائر! ولكن الغشاوة بدأت تنقشع عن الأعين، والحاكم الذي لا يتعظ بما حدث لغيره في تونس ومصر وليبيا واليمن سيكون عظة لمن يعتبر والله اكبر على كل من طغى وتجبر.





jafabbas١٩@gmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة