بديل لمضيق هرمز
 تاريخ النشر : الجمعة ١٣ يناير ٢٠١٢
صلاح فؤاد عبيد
كتبت من قبل وأكرر من جديد أن الظروف الاقتصادية والعسكرية التي تمر بها المنطقة حاليا تستلزم المسارعة إلى إيجاد بديل لمضيق هرمز يضمن استمرار تدفق النفط الخليجي إلى أسواق العالم ويضمن أيضا استمرار حركة الواردات والصادرات لجميع أنواع السلع والبضائع من دولنا الخليجية وإليها بصورة طبيعية من دون أزمات أو تهديدات أو مخاطر، وأن أفضل بديل في هذا المجال هو إنشاء ميناء عملاق على بحر العرب جنوب الجزيرة العربية ضمن حدود سلطنة عمان ووصله بشبكة من الطرق البرية وخطوط سكك حديدية وخطوط أنابيب لنقل النفط تمتد من الكويت شمالا إلى عمان جنوبا مرورا بجميع دول مجلس التعاون، بحيث يصبح من المتاح لدول الخليج استخدام ثلاث وسائل لنقل النفط في وقت واحد، هي شاحنات الصهاريج، وأنابيب النفط، والصهاريج المحمولة على القطارات، وتفريغها في الناقلات العملاقة على بحر العرب، فإذا تعطلت وسيلة واحدة منها أو تضررت من أعمال تخريبية أو غيرها لم يتوقف تصدير النفط مطلقا، وكذلك لضمان استمرار حركة الاستيراد والتصدير لمختلف أنواع البضائع والسلع من دون أي توقف، وبهذا نحمي دولنا وشعوبنا من الآثار السلبية لتقلبات السياسة ولاحتمالات اندلاع أي نزاع مسلح في المنطقة، وخصوصا في ظل التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز، وتزايد احتمالات توجيه الدول الغربية ضربة عسكرية مدمرة للمنشآت النووية الإيرانية تستتبع عرقلة دخول سفن الشحن وناقلات النفط إلى الخليج العربي كله وخروجها منه لمدة طويلة من الزمن.
سلطنة عمان أدركت ضرورة إنشاء مثل هذا الميناء فقامت منذ مدة بالتخطيط لإنشائه على حدودها الجنوبية المطلة على بحر العرب قريبا من صحراء الربع الخالي، وبدأت العمل فيه حتى أصبح الآن في مراحله النهائية، وسيتم إنشاء مطار دولي قريبا منه، ومدينة سكنية للعاملين في الميناء والمطار والمرافق الأخرى التي يتم إنشاؤها هناك حاليا، ما يعني أنه ليست هناك حاجة لبدء مشروع جديد مماثل، بل يكفي توسعة هذا المشروع بتمويل مشترك من جميع دول المجلس ليصبح ذا إمكانات عملاقة قادرة على استيعاب حركة الاستيراد والتصدير الهائلة بين دول المجلس والعالم، أو في حالة تعذر ذلك يتم إنشاء ميناء كبير آخر على البحر الأحمر لاستيعاب نسبة من تلك الصادرات والواردات، مع تمديد شبكة سكك حديدية مماثلة إليه وشبكة من الطرق الواسعة وأنابيب نقل النفط.
لم يعد إنشاء مثل هذه المشاريع ترفا بالنسبة للمستقبل المنظور لدول المجلس وشعوبها، بل بات ضرورة حيوية تحتمها الظروف والمتغيرات والتحديات الإقليمية، حتى لا نفاجأ يوما ــ قريبا ربما ــ بأزمة اقتصادية نعجز عن تحملها نتيجة توقف أو عرقلة تصدير أهم سلعة في العصر الحديث، ما سيتسبب في كارثة تهز العالم بأسره.
إن الفرصة مواتية الآن أكثر من أي وقت مضى لإنجاز هذا المشروع الحيوي، بفضل الفائض الكبير في ميزانيات دول المجلس جراء الارتفاع الكبير في أسعار النفط خلال السنة الماضية، وهو أفضل استثمار لذلك الفائض من حيث توظيفه لضمان مزيد من العائدات بتوسيع إمكانات الاستيراد والتصدير لدولنا الخليجية حتى في حال اندلاع نزاع مسلح جديد في منطقتنا المنكوبة بالحروب والنزاعات المسلحة منذ أكثر من ثلاثة عقود بدءا من الحرب العراقية الإيرانية مرورا بحرب تحرير الكويت وانتهاء بغزو العراق واحتلال أراضيه.
salah_fouad@hotmail.com
.