أمن الخليج العربي
 تاريخ النشر : السبت ١٩ يناير ٢٠١٢
محمد مبارك جمعة
ما يجري من أحداث ومتغيرات متسارعة على الساحتين الإقليمية والدولية يدعو إلى القلق، وخصوصاً أن منطقة الجذب أو بؤرة العاصفة تتمثل في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والخليج العربي بشكل خاص. مؤتمر الأمن الوطني والإقليمي بمجلس التعاون لم يأت من فراغ، ومستوى الشخصيات المشاركة في هذا المؤتمر يدلل على وجود وعي بأن المرحلة القادمة ستكون دقيقة وحرجة بالنسبة إلى دول مجلس التعاون وأمنها الوطني والإقليمي. وكان قد سبق هذا المؤتمر مؤتمر آخر تناول نفس الأطروحات في العاصمة السعودية الرياض، ومن كلا المؤتمرين خرجت تصريحات مهمة وأفكار ملحة. في مؤتمر الرياض تحدث الأمير تركي الفيصل عن أن المملكة العربية السعودية قد تسعى لامتلاك السلاح النووي، وفي المؤتمر الثاني صرح الأمير الفيصل مجدداً بأن على إيران أن تتوقف عن إصدار التصريحات «العنترية»، وأن دول مجلس التعاون سترد على أي مغامرات إيرانية، - بحسب ما نقله موقع «ميدل إيست أون لاين»- ناهيكم بالطبع عن الإدراك التام والمتبلور لدى المشاركين بأن دول الخليج العربي هي المستهدفة مما يجري.
تساؤلات تطرح نفسها حول بعض الأحداث في المنطقة: هل «التوتر» الحاصل بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران حول تهديد الأخيرة بإغلاق مضيق «هرمز» هو «توتر» فعلي أم شكلي؟ إذا كان فعلياٌّ فإن المنطقة مرشحة لحرب لن تجد دول مجلس التعاون نفسها بعيدة عنها، وقد تكون هي المتضرر الأكبر من أي حرب تشبّ في المنطقة، وهو ما يهدد أمن واستقرار ومستقبل هذه الدول التي تعتبر الوحيدة من بين الدول العربية التي تمكنت من تحقيق معدلات نمو كبيرة ومستوى من التقدم والرخاء المعيشي لمواطنيها. أما إذا كان هذا «التوتر» شكلياٌّ، بمعنى أنه أقرب إلى التمثيلية منه إلى الواقع، وذلك بالنظر إلى الخبرات الجيدة والذكريات الجميلة التي جمعت الأمريكيين والإيرانيين معاً في حربهم على أفغانستان والعراق، فكيف يمكن تفسير زيارة رئيس الوزراء الصيني للمنطقة وقضاء قرابة أسبوع في محادثات وتوقيع اتفاقات، وكان من قبله الياباني، والتدافع على تأمين حصص البترول تخوفاً من سريان عقوبات متوقعة على شراء البترول الإيراني؟ وبماذا يمكن تفسير إرسال حاملات الطائرات الأمريكية والمدمرة البريطانية وعقد صفقات التسلح الخليجية مع واشنطن ودول الخليج وتسريب أخبار عن رسائل سرية متداولة بين «أطراف النزاع» في هذا التوقيت بالذات؟
ما يهم في كل ذلك هو أن تكون دول الخليج منتبهة لهذه المتغيرات، وما قد تؤدي إليه من مشاكل أمنية في المنطقة، وقد كانت البحرين منذ زمن قريب في عمق أزمة كادت تودي بها، والأطراف الدولية المتورطة معروفة، وهي نفسها الأطراف التي تصنع تأزيماً في مياه الخليج اليوم، وتطلق تصريحات من عواصمها من الشرق والغرب في حين أن أفعالها على أرض الواقع تنافي تماماً ما تقوله، بل تدلل على أنها تتآمر على دول الخليج وتستهدف ثرواتها.
.