الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٦٠ - الأربعاء ٢٥ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

في ندوة تجمع الوحدة الوطنية حول

سيناريوهات المرحلة القادمة في البحرين





أقام تجمع الوحدة الوطنية الحلقة الثالثة من البرنامج الحواري «الحديث السياسي» تحت عنوان «سيناريوهات ٢٠١٢»، تحدث فيها كل من عضو اللجنة المركزية بالتجمع مستشار الأمين العام لدول الخليج العربي للشئون السياسية دكتور عادل عبدالله، وعضو الأمانة العامة بالتجمع رئيس دائرة التثقيف السياسي الأستاذ إبراهيم جمعان، بحضور رئيس التجمع الشيخ عبداللطيف المحمود وجمع كبير من أعضاء التجمع والمهتمين بالشأن السياسي، ودارت الندوة حول ما يدور من أسئلة ومخاوف في الشارع البحريني.

وخلال حديثه قال رئيس لجنة التثقيف السياسي في التجّمع إبراهيم جمعان في نظرة متمعنة لأحداث الماضي إن البحرين شهدت تعاقب حقبات استعمارية على مر تاريخ طويل بسبب الموقع الاستراتيجي للبحرين الذي يشكل خاصرة في بحر الخليج العربي، فمنذ سيطرة البرتغاليين حتى الإيرانيين وصولا إلى العثمانيين ثم العمانيون استخلص الجمعان أن الدول كافة التي تعاقبت على حكم البحرين استخدمت الدول الخارجية ذريعة للسيطرة عليها.

وأضاف ان البحرين في عصرها الحديث شهدت حركات نشطة عدة بدءاً من الحركة الإسلامية وصولاً إلى الشيوعية والحركة الطائفية بالتزامن مع خروج ما يسمى الهيئة في الخمسينيات من القرن الماضي، وهذه الهيئة استطاعت أن تحصل على إجماع من الشعب على أحقية البحرين في امتلاك عروبتها.

وأكد أن ما تقوم به حركة الدوار في الميدان حالياً يُعد من السيناريوهات الأخيرة لها لأنها «تستخدم العنف خيارا لن يكون هناك شيء بعده، وبالتالي عند إفلاس هذا الحراك سيرجع أربابه للمطالبة بالحوار السياسي الذي لن يكون إلا بشروط تُفرض عليهم لأنهم أجرموا باللجوء إلى العنف»، مشيراً إلى أن «سقف المطالب عند بعض من يطلق الفتاوى الدينية وجماعات الاحتجاج المتطرفة ارتفع درجةً من إسقاط النظام إلى ضرورة إقامة دولة شيعية في منطقة الخليج العربي»، مستبعداً نجاح هذه المساعي بسبب متغيرات العالم العربي والمنطقة الإقليمية.

وأفاد بأن «من خطط لحركة الدوار رفع شعار استدعاء التدخل الأجنبي منذ بداية الأزمة، بإدعاء أنه لا يوجد نظام لأنه عاجز عن حماية الشعب الذي تُستباح حقوقه، وعليه تعالي أيتها القوى الأجنبية لكي تحققوا ما نريد وهو الانتقال من نظام إلى آخر»، مضيفاً «من خطط لحركة الدوار لم يستطع أن يتنبأ بحركة الفاتح، وخصوصاً بعد ما تمادت بعض قوى ١٤ فبراير في مواجه الطرف الآخر الذي لم يواجه اعتداءً جسدياً فحسب، بل اعتداءً على وجوده».

وشدد جمعان على أن سبل نجاح العمل الوحدوي بالنسبة إلى شارع الفاتح يكون بـ«تبني خطاب وطني قوي جداً وأن تكون هناك تنسيقات وطنية ومشروع وطني يُخاطب الجهات الداخلية والخارجية بشكل واضح، علماً أن هناك تحولاً إيجابياً في النظرة الخارجية يمكن التدليل عليه بمثال منظمة أطباء بلا حدود التي اعتذرت رئيستها لما بدر من المنظمة عن البحرين بسبب استماع أعضائها لطرف واحد»، مواصلاً «الالتزام بالقانون والتأكيد أن وحدتنا هي أحد مصادر قوتنا، ومن الأمور التي ستكون طوق نجاة بالنسبة إلينا هو وجود قوة معارضة حقيقية بحيث يجب أن تكون مع التاريخ الوطني البحريني الذي يقول بصراحة إن هذه الجزيرة جزء من الأمة العربية».

وأوضح «يجب أن نمتلك قدراً هائلاً جداً من إمكانية التحرك، لذلك نطالب بالإضافة إلى صياغة الخطاب الرصين، البعد عن التلاوم والتنافر ويجب أن يكون هناك تعدد أدوار على مستوى الشارع وعلى مستوى الجمعيات، والنقطة الأساسية أيضاً تكون في قضية النزول إلى الشارع، فعندما ندعى إلى الشارع يجب أن ننزل بالآلاف، فبهذا الشارع ومن خلال إعلام قوي نستطيع أن نوصل رسالة مفادها أن غالبية الشعب يقول رأيه الصريح ويبين مطالبه العادلة».

وتابع «الحقائق التاريخية تقول إن الحركات الاحتجاجية إذا انتصرت سُميت ثورة، وإذا فشلت يُطلق عليها حركة تمرد، لكن هناك قاعدة في العلوم الاجتماعية تقول إن ما بين الانكسار وإعلان الانكسار منطقة رمادية وهي التي نعيشها الآن، ففي تقديري أن الانكسار وقع لحركة الدوار، لكن لا توجد حركة على مسار صفحات التاريخ انكسرت وأعلنت انكسارها في ذات اللحظة أو بعد شهر وشهرين»، مشيراً إلى ملامح انكسار الحركة بتعديده لها «صعوبة استعادة الزخم الأول أثناء الأزمة، وهذا الأمر ملاحظ في التجمعات الموجودة، بالإضافة إلى خسائر تحققت لتلك الحركة في مقابل عدم وجود شيء يعوض هذه الخسائر، وأيضاً هناك خلافات داخلية كثيرة بدأ شيء منها يظهر على السطح، وما هجوم حركة ١٤ فبراير على لقاء أمين عام الوفاق المنشور في الصحافة المحلية إلا مثال من الأمثلة، وكذلك الشعور بالتعب والإحباط يؤدي إلى خطاب متأجج، فخطاب الشيخ عيسى قاسم الأخير يُعبر عن الإحساس بالفشل».

وأشار إلى أن «جزءاً رئيسياً من الهدف الذي تريد حركة الدوار الوصول إليه هو ألا يوجد ظل للدولة داخل القرى، وبعد ذلك سيتم التحرك وفق نظام اتبعته الحركة سابقاً في الدوار وهو التحرك من داخل القرى إلى خارجها، وخصوصاً مع وجود معظم القرى في شريط مترابط، لذلك هناك توزيع أدوار بين تلك القوى من ١٤ فبراير التي تُطلق على العملية مسمى التحرير والدفاع المقدس، ومع هؤلاء تأتي شخصيات ذات أجندات خاصة لتلعب دوراً حقوقياً يُرسم لها بحيث يكون صيتها على لسان كبار الشخصيات الدولية رغم أنهم لا يملكون التاريخ النضالي الحقيقي الذي يؤهلهم لمثل هذه المرتبة».

وتطرق جمعان إلى بعض السيناريوهات «في فترة من الفترات كان التدريب في سوريا بمعية حزب الله، والآن انتقلت العملية إلى العراق بسبب الثورة السورية التي وضعت حداً فاصلاً لحزب الله تحديداً في التمويل اللوجستي، ومن مؤشرات هذا الانتقال بروز أصوات مثل أحمد الجلبي الذي دعا إلى توفير خمسة ملايين لما يحدث هنا، علماً أن العراق بيئة صالحة لمثل هذا الاستقطاب نتيجة لوجود المقدسات فيها، وهنا يمكن ملاحظة عملية اللثام المنتشرة في أوساط المخربين والتي لا تُعبر عن سلوك عناصر حزب الله، إنما هو أحد سلوكات حزب الدعوة العراقي، وبالتالي يمكن القول إن الساحة اللبنانية والسورية فُقدت وحلت مكانها الساحة العراقية».

وأشار إلى أن «انتقال الثقل وتبادل الأفكار السياسية بين كتلة الوفاق والجماعة الحقوقيين ومن يساندهم من إعلاميين وغيرهم، ينبئ بوجود صراع في الأدوار نفسها، إذ إنه يمكن رصد مجموعة حقوقيين يدعون على سبيل المثال إلى الاعتصام عند موقع باب البحرين، لكنهم يتغيبون عن التجمعات التي تدعو إليها الوفاق»، مشدداً «نتيجةً لهذه الصراعات، هذه المجموعات اختارت التكتيك من الناحية العنفية، ومن يقف في وجههم الكتلة السنية».

وبيّـن «لست قلقاً من وجود أدوار متعددة عند السنة، دائماً يجب أن ننظر إلى أين يتجه التيار، فقد بدأت تخرج مطالب وطنية ودستورية ومعيشية من التيار السني وهذا شيء إيجابي»، لافتاً «في السابق لم نكن نمتلك زعامات تاريخية، أما الآن فهناك رموز ظهرت مثل الشيخ عبداللطيف المحمود، بحيث أنه لو وجه انتقاد إلى الشيخ في أي محفل لن يتردد المنتمي إلى هذا التيار في عملية الاستشراس للدفاع عنه لأنه حالياً وفق الظرف التاريخي الذي نحن فيه يُعتبر رمزاً يجب المحافظة عليه، وبالتالي حتى لو خرجت كتلة هنا وأخرى هناك فهذا لا يُشكل أي مشكلة لدي لأنها ستكون ضمن منظومة تبادل الأدوار».

وتحدث عن الأبعاد الخاصة بالتغيير في البحرين، فقال «جزر البحرين تشكل خاصرة لجزيرة العرب، فهي موقع جغرافي مهم، بمعنى أن جزيرة البحرين ليست قاعدة فهي لا تُصدر حركاتها إلى الخارج إنما كانت على مدار تاريخها انعكاساً لما يحدث في المنطقة بشكل عام، وبالإضافة إلى ذلك، فإن قلة الموارد البشرية والمادية جعل جزر البحرين دائماً في مكان تأثر من قبل المحيط الذي توجد فيه»، مبيناً «نتيجةً لقلة السكان والموارد المادية، وُجدت علاقة بين السكان ومن يقوم على الحكم في المنطقة، وهذه العلاقة لا يمكن وصفها بالتصادمية الصرفة أو التوافقية الصرفة، بمعنى أن هناك تحولات تحصل وفق تحولات تدريجية سواء بين العلاقة مع الحكم أو العلاقة بين السكان بعضهم البعض، ويمكن التدليل على ذلك بما حصل لطبقة الغواصين، فقبل عام ١٩٣٠ كان عدد هؤلاء ما يقارب ٢٧ ألفاً، وبعد اكتشاف النفط في ١٩٣٢ بدأت هذه الطبقة تتحلل وتنحسر، وهنا ظهرت طبقة العمال التي بدأت تأخذ دورها من خلال الحركة الوطنية التي انطلقت بشكل حقيقي في عام ١٩٢٣ ثم في ٣٨ مروراً بـ٥٦ و٦٥ ووصولاً إلى السبعينيات، والشاهد أنه لم تحدث حالة فراغ من انتهاء طبقة الغواصين، إذ حلت مكانها بشكل تدريجي طبقة العمال».

وتابع عن أمثلة التحولات التاريخية التدريجية في البحرين «من المعروف أن الحوزات العلمية عند الطائفة الشيعية موجودة في البحرين على اعتبارها أقدم الحوزات في المنطقة، إذ يُرجع تاريخ وجودها إلى أكثر من ٦٠٠ عام، ومع ذلك لم نسمع عن أسماء كبيرة جداً استطاعت وهي في البحرين أن يكون لها صدى خارج محيط البلد، وهذا الأمر ينعكس على الحركة الوطنية التي كانت قد ظهرت في محطات تاريخية بدءاً من الحركة الإسلامية في ٢٣ و٣٨، ثم الحركة القومية التي تلتها الحركة الطائفية بعد وجود الثورة الإيرانية، وبالتالي فإن مرجعية الحراك في البحرين كانت من الخارج وليست من الداخل».

وواصل «هناك خصوصية تاريخية لجزيرة البحرين، فهي تعرضت لتعاقب استعمار دول مختلفة من البرتغاليين في ١٥٢١ والإيرانيين في ١٦٠٢ ثم تتالى بعض الولاة العرب وبعدهم جاء العثمانيون ثم العمانيون وبعدهم آل خليفة الذين دخلوا الجزر في ١٧٨٣»، لافتاً الى ان «هناك ملاحظة على هذه الحالات، فمن يستطيع السيطرة على البحرين يأتي دائماً من الخارج، فلم توجد حركة فرضت من الداخل نظامها السياسي في تاريخ البحرين».

وعلى مستوى الإجماع الوطني، قال جمعان «شهد تاريخ البحرين أربعة إجماعات وطنية، الأول هو بالنسبة إلى هيئة الاتحاد الوطني في ٥٤ - ٥٦، والثاني هو استفتاء الاستقلال وعروبة البحرين عام ١٩٧٠، والثالث تمثل في حالة من حالات التوافق بين الشخصيات الدينية وهذا ما حصل في فترة القاضيين الشيخ أحمد بن خلف العصفور والشيخ قاسم المهزع، والرابع كان في ميثاق العمل الوطني»، مشيرا إلى أنه «في سيناريو قريب جداً سيكون هناك الإجماع الخامس عندما تكتمل شروطه من خلال تفكيك الأزمة التي مررنا بها والمحتوية على انفراد تكتل معين بإلغاء الطرف الآخر ومحاولة فرض الأجندة الخاصة، وبالتالي فإن الأحداث التي ستكون في الفترة المقبلة ستحقق إعلان الانكسار ونهاية الانكسار والمرحلة الأخرى التي تتبعها، وذلك بعد تصعيد سيفشل وسيتبعه إعلان اعتذار واضح».

من جانبه قال عضو اللجنة المركزية في التجمّع عادل عبدالله: التركيز في هذه المرحلة على أربعة محاور رئيسية فالبحرين شهدت وعاصرت الثورات التي عصفت بالعالم العربي وغيرت معها المفاهيم التي كانت لدى الناس كجزء من التصور، وخصوصاً أن هذه المفاهيم تدار من قبل وسائل الإعلام أو حتى من القوى السياسية وهي بالذات مؤثرة وترسخ في العقول.

وأضاف أن الأحداث التي مرت على البحرين والعالم العربي العام الماضي، هي أحداث صارمة وتقارن بالحربين العالميتين الأولى والثانية لأنها استطاعت تغيير قوى سياسية مؤثرة على الخريطة، علاوة على تغييرها موازين القوى من دون تدخل حقيقي للقوى العسكرية، ومن المفاهيم التي طفت على السطح هو مفهوم الثورة البحرينية، ولكن في الحقيقة - باعتراف العالم - أن ما حدث في البحرين تمرد على نظام الحكم وليس ثورة لأنها نبعت من فئة واحدة وليس من الشعب بالكامل، وهذا ما ورد أيضا في تقرير بسيوني.

وزاد عبدالله أن الظلم والعدل أصبحا مشهد الواقع البحريني فالإحساس بالظلم أصبح أسلوبا متداولاً لدى شريحة كبيرة واهمة بأنها تعيش حالة الظلم، مما أوقعها في نمط التمرد الاجتماعي على المحيط الطبيعي وهذا ما أثر في منعطف الأحداث خلال السنوات الماضية ليرتفع هذا الإحساس ويعلو سقفه حد الذروة مطلع العام الماضي.

وأردف قائلاً إن الأمن القومي والأمن البوليسي هما مفهومان شاملان ويشملان القضايا المتفجرة في وجه الدولة لجميع المراحل وذلك ما نراه من مظاهر في قلب الشارع فأصبح الجميع لا يعيشون حالة الأمن، ومفهوما التساند والإلحاح ارتبطا بدولة إقليمية تمد ذراعها السياسي على الطائفة المستضعفة التي تتبع ولاية الفقيه في مقابل الشق الثاني الذي لم يجد لديه التساند، مما وضع الشارع البحريني في حالة من الوحدة زادت من مفهوم الفجوة التي يعيشها هذا الشارع.

وأضاف عبدالله موضحا «أن خطط العام الفائت كانت تستهدف عمليات مخططة لاحتلال دوار مجلس التعاون لأكثر أمد ممكن، مما دفع ذلك إلى ولادة تجمع الفاتح الذي استدعاه الموروث التاريخي، مبينا أن غياب نتائج الثورة المزعومة التي كانوا يأملون تحقيقها طبقا للحركة الاحتجاجية التي شهدتها البحرين نمّا شعورا لدى المعارضة بالتعب والإحساس بغياب الأفق وهذا ما دللت عليه البيانات التي أصدرتها الوفاق مؤخراً بالإضافة إلى التحشيد المتصاعد القائم على الطائفية كما أن المليشيات العسكرية التي تم تسريب صورها والهجوم الذي ظهر مؤخراً على الشرطة باستخدام زجاجات المولوتوف هي جزء من غياب الأفق.

ولفت إلى أن «الأحداث التي مرت على المنطقة في ٢٠١١ وتمر عليها في ٢٠١٢ صادمة إلى الدرجة التي يقارنها علماء الاجتماع السياسي بالحربين العالميتين الأولى والثانية، فكلا الحربين غيرت خريطة العالم وموازين القوى، وهذا الوضع الحالي هو تغيير نابع من رجل الشارع»، لافتاً «الخليج مقبل على مرحلة التداول السلمي للسلطة، بمعنى أن المشيخات تعلم أن التحول الذي حصل بغير التدخل الخارجي سيؤدي حتماً إلى أن تعيد الحسابات وترتيب البيت الداخلي لها».

وأكد أن «المعارضة تريد إسقاط الصورة السورية على الوضع البحريني، بمعنى أن القمع الذي يصير في سوريا هو لشعب يُمثل غالبية الـ٩٠% يتحكم فيه ١٠%، وبالتالي فإن هذه الصورة يُراد استنساخ شكلها في البحرين وفق معطيات ودعاية كاذبة بهدف تدويل المشكلة البحرينية».

وعن المفاهيم والمصطلحات التي باتت شائعةً في الأزمة، قال عبدالله «بدأ التركيز على استخدام مفهوم الثورة والتمرد، وهذا الأخير يعتبر حركة غير قابل التحكم بها، أما الثورة فهي تعني تغيراً ثقافياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً وعسكرياً وبعبارة أخرى سقوط النظام، وبالتالي فإننا أمام تمرد لا ثورة وهذا ما بينه تقرير بسيوني»، مضيفاً «هناك مصطلحا الظلم والعدل، فمن خلال مشاهد السنة الماضية أصبح الشارع يعرف الفارق بين المصطلحين جيداً، فهناك مصادرة لحالة المظلومية عند فئة معينة بمقابل شريحة مجتمعية كبيرة تعيش مرحلة الظلم، ولكنها لم تصل إلى مرحلة التمرد، بل أصبح هناك لهذه الشريحة تمرد اجتماعي على المحيط الطبيعي فزاد سقف مطالبها عن الوضع الذي كانت تراه في العشر السنوات السابقة، على عكس تلك الفئة المتمردة التي أرادت الانقلاب على سقف المطالب».

وتابع «هناك مصطلح آخر يكمن في الدولة والسلطة، فهناك فرق بين المفهومين، وما رأيناه خلال الأحداث أن الفاعل هي السلطة لا الدولة، لأن الأخيرة مفهوم كامل يشمل تطبيقات القانون والمؤسسات السيادية ورأس الدولة، وما حصل في الواقع هو تكثف الدولة في السلطة، ما أدى في شهري فبراير ومارس إلى تولي الشعب جزءا من مفهوم الدولة وذلك عندما انحسرت قوى الأمن وأصبح جزء من الشعب يتحكم في جزء وظيفة تلك القوى، كما أن هذا النزاع الذي نعيشه اليوم هو في مفهومي الدولة والسلطة، ولذلك كثيرون يطالبون بعودة الدولة من خلال إعادة القانون وتطبيقه والتجمعات التي تخرج».

وواصل «ومن المفاهيم التي أصبحت متداولة، الأمن القومي والأمن البوليسي، فالأول مفهوم شامل يشمل جميع المراحل التي يدخل فيها أمن وأمان الإنسان في داره، ولكن هذا المفهوم تحول إلى الأمن البوليسي»، مضيفاً «وهناك مفهوما السلم الأهلي وبمقابله ظهر مفهوم الطائفة والطائفية التي أصبحت السلاح المحارب لمفهوم السلم الأهلي».

وأكمل «هناك مفهوما التساند والإلحاق، فالكل يعرف أن هناك دولة إقليمية تمد ذراعها الإعلامي والديني والسياسي والمالي لأجل التغطية على ما يسمى السلاح الأهلي أو الخلايا النائمة أو الطائفة الملحقة، وفي مقابل هذا لا يجد الشارع الآخر مفهوم التساند وبالتالي يشعر أنه يتيم»، مشيرا «هناك مشروعان في المنطقة: الإصلاح والإلحاق لأمريكا أو لإيران أو لأي جهة معينة».

وتحدث عبدالله عن إعادة المحاكمات بقوله «محكمة السلامة الوطنية التي أرجعت القضاء إلى قضاء عسكري أوقع البحرين في أزمة دولية، فالذي حصل هو عسكرة القضاء، وعليه فإن التصور هو صدور حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية الأحكام، ما يترتب عليه إلغاء لنتائجها، ولذلك سبقت الدولة الحكم بما يُعرف بإعادة المحاكمات، وفي الواقع فإن مصطلح إعادة المحاكمات خاطئ، لأن هناك استئنافا للأحكام لا إعادة المحاكمات، وبالتالي يهدف من هذا الإجراء إلى إعادة بنية التكييف القانوني لهذه الأحكام بأن تكون جنائية وفق محاكم عادية لا استثنائية عسكرية».

مداخلات

ثم فتح باب الحوار للجمهور حيث دارت المخاوف حول الخطبة التي ألقاها سماحة الشيخ عيسى قاسم في مسجد الصادق بالدراز يوم الجمعة الماضي، واصفين ذلك بالمنعطف الخطير نظراً إلى تزايد عمليات استهداف رجال الأمن، مؤكدين أن الخطاب التحريضي لدى قاسم كان مخفياً منذ وجوده في برلمان عام ١٩٧٣ وتفجر فجأة بشكل مباشر وصريح من دون أية مقدمات، ومن يتتبع خطابات عيسى قاسم يرى ان خطابه في السابق كان خطابا تحريضيا ولكن بشكل غير معلن، ولكن في الفترة الأخيرة تغير هذا الخطاب ليحتوي على مفردات جديدة تحرض على قتل رجال الشرطة بشكل مباشر، لسبب رئيسي هو الإحساس النابع من الفشل في تحمل حجم الضحايا التي لحقت بالمحتجين منذ فبراير ومارس الماضيين، تصعيد خطاب قاسم جاء تزامناً مع ظهور وثائق جديدة تتضمن مطالب بإقامة دولة شيعية على الضفة الشرقية للخليج العربي.

ومن جانب آخر أكدوا أن تحركات السفير الأمريكي لدى البحرين تثير نوعا من الريبة وتدفع إلى القول إنه لم يأت فقط لتمثيل بلاده في البحرين وإنما لدواع ومآرب أخرى مرتبطة بشكل مباشر بالخطط التي استهدفت إشعال الحروب الطائفية التي جرت في العراق والتي كان هو بمثابة المهندس لهذه الخطط، مشيرين إلى أن السفير يعمل على مبدأ إشاعة الخلافات الخفيفة المحكومة لضمان إبقاء الخلاف الطائفي بين السنة والشيعة.

وأضافوا أن التكتيك الذي عاصر عهد الرئيس الأمريكي ريجان حتى الآن هو تنازع مصالح السفراء اليهود التابعين لإسرائيل في تحقيق أمنها من خلال الابتداع في مجال الدبلوماسية العامة وما شهدته البحرين مطلع العام الفائت من تغير أيديولوجية الولايات المتحدة فجأة إنما هي خطة كانت تستهدف تفكيك الخليج العربي لكي تكون البحرين باب الدخول لسواها من دول الخليج، مدللين على صدق قولهم بحديث السفير آنذاك بلغة المعارضة البحرينية فقط.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة