الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٧٠ - السبت ٤ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ١٢ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


قضايا لا تتحمل التأخير..





للمرة الأولى سأتطرق إلى أمرين مختلفين في عمودي الصغير هذا، أرجو أن يعذرني القارئ العزيز، لأنها قضايا لا تتحمل التأخير.

الأمر الأول: يتعلق بمقالي الأخير «الطائفية والانحطاط الأخلاقي»، الذي حصل على تجاوب وتفاعل واسعين، كان مجمله يصب في الاتفاق على كل ما جاء به، حتى جاءني صديق وطني عزيز، أعتز بصداقته، وبما يحمله من حب حقيقي لهذا الوطن، وما يعتمل بداخله من ألم، لا يقل عن ألمي، على كل المظاهر الطائفية التي سادت المجتمع خلال السنة الأخيرة، والتي تنفخ فيها العصبيات الطائفية والتطرف الأخلاقي والسلوكي بمبدأ «عليّ وعلى أعدائي» من دون أدنى اكتراث بمصالح الوطن.

صديقي العزيز ذكّرني معاتباً بأن ما جاء في المقال تنبيه مهم وخطير، ولكنه لم يشتمل على كل أبعاد الحقيقة، لأنه اقتصر على الابتذال الأخلاقي لطرف مذهبي واحد، وتناسى الطرف الآخر، وله كل الحق في عتبه هذا، وعذري له هو انشغالي بمراقبة سلوك طرف طائفي واحد يتجسد أمامي مباشرة، ونسيت ان صديقي (وهو من المذهب الجعفري أيضاً)، الذي لم يأل جهداً في المساهمة في حماية البحرين وبناء صروحها، وأصر رغم كل التهديدات أن يكون عنصراً رئيسياً وصانع قرار في هذا الوطن العزيز، وتشهد له كل مواقفه المهنية الشريفة وإنجازاته الناجحة على مقدار حبه وولائه الوطنيين، وتساميه على كل الإساءات التي لحقت به خلال الأزمة الأخيرة، بما يحمله من سلوك أخلاقي راق وواثق من الذات، صديقي هذا يواجه اليوم الانحطاط الأخلاقي الطائفي من الطرف المذهبي الآخر، ممن أعمت الطائفية أبصارهم وبصائرهم، ولم يتمكنوا من التمييز بين الصالح والطالح.

وإنني إذ أعتذر لكل الشرفاء الوطنيين الذين يعانون اليوم من هذا السلوك الطائفي المبتذل والغريب على مجتمعنا، من الطائفتين، فإنني أؤكد هنا أن الطائفية، بكل مذاهبها، تُصيب أصحابها بعمى البصر والبصيرة، مما يُفقدهم سلاح العقل والمعرفة والسمو الثقافي والوطني، فيصبح الانحطاط الأخلاقي سلوكهم لبث سمومهم في المجتمع.. ولكن سيبقى أمامهم الشرفاء درعاً حامياً لهذا الوطن.

فعذراً صديقي العزيز على خطئي غير المقصود، والاعتراف بالخطإ فضيلة.. كما أشيد بإخلاصكم وأسلوبكم الراقي في تنبيهي وتصحيح الخطأ، وهو ما نحتاج إليه لتكامل الآراء والأدوار وبناء جسور التواصل ما بين الصحافة والمجتمع.

الأمر الثاني: يتعلق بما نُشر مؤخراً من صور جمعت زعماء مثيري الشغب في البحرين مع مجرم الحرب والاحتلال الأمريكي في العراق، والحرامي الدولي، أحمد الجلبي.. تلك الصور المستفزة أعادت إلى الأذهان صورة هذا الخائن عند دخوله بغداد وهو محاط بحماية الدبابة الأمريكية، وعشرات من مرتزقة الأمن الخاص الأمريكان.. وقد نجح هذا الرجل في تنفيذ خطة منهجية لتدمير العراق وقتل شعبه حتى صار رمزاً للشر والخيانة والكذب وكل الانحطاط الأخلاقي (الطائفي) الذي يمكن أن يمارسه أي إنسان.

تلك الصور، التي جمعت رموز الشر والطائفية في البحرين والعراق والكويت، تثبت مدى خطر العراق الجديد على الخليج العربي.. وتثبت أن العراق تحت الحكم الفارسي بات خطراً مباشراً على حدودنا بعد أن كان بمساحته وشعبه وقيادته العربية حصناً يحمي المنطقة من النيران الإيرانية الموجهة ضدنا.. وتثبت مدى عمق الخطأ العربي في التعامل مع الشأن العراقي، السابق واللاحق للاحتلال.. وتثبت أن من صنع أحمد الجلبي لتبرير احتلال العراق، هو اليوم يصنع نماذج جديدة منه في بلداننا لتحقيق مراحل ما بعد احتلال العراق في الخليج.. فكما كان النفط العراقي هدف الاحتلال الأول، فإن النفط العربي، من الخليج إلى المحيط، هو الهدف الرئيسي لمشاريع ما بعد ذلك الاحتلال..

فاحذروا الخطر الجلبي في البحرين، فهو مدعوم بالفساد الأخلاقي والمصالح الأنانية والأحقاد الطائفية.. والأخطر من كل هذا ان الجلبي البحريني منغمس في إفساد الأطفال وتسريبهم من الدراسة ليتحولوا إلى مليشيات قتل وإجرام، تهدد المجتمع البحريني، لتكرار النسخة اللبنانية والعراقية تحت غطاء الدين والعقيدة، وأخيراً الحقوق، التي صارت مسمار جحا في كل قضايانا خلافاتنا مهما كانت متدنية.





sameera@binrajab.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة