الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٧٩ - الاثنين ١٣ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٢١ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


الجميع مسئول عن الحل





مؤلم جدا أن نرى بلادنا حتى الآن وبعد مرور ما يقارب العام على تفجر الأحداث المؤسفة في بلادنا، وهي لم تستطع معاجلة التداعيات التي أفرزتها تلك الأحداث بما في ذلك التداعيات المجتمعية التي أثرت كثيرا في النسيج الوطني البحريني وخرجت إلى العلن الأصوات الطائفية، فاستمرار الأوضاع على الحالة التي هي عليه الآن لا يعد وضعا صحيا على الإطلاق ومن شأنه أن يضاعف من الأضرار التي تتكبدها البلاد على مستويات عدة أهمها الاقتصادي والأمني والاجتماعي والسياسي أيضا، وبالتالي فإن الحاجة ملحة إلى العمل المشترك من جانب جميع الأطراف للبحث عن السبيل الذي يقودنا لمغادرة النفق المظلم الذي نمر به في الوقت الحاضر، فبلادنا في هذه الظروف أحوج من أي وقت مضى إلى جهود جميع أبنائها لمواصلة مسيرة التنمية والتطور السياسي والاقتصادي.

فالأطراف كلها مسئولة عن المشاركة في إيجاد هذا السبيل، ذلك أن الوطن أمانة في أعناقنا جميعا، وبغض النظر عن اختلاف المواقف السياسية بل تناقضها بين العديد من أطراف العمل الوطني، خاصة بعد أحداث العام الماضي وما أفرزته من مواقف، إلا أن تلك الاختلافات يجب ألا تحول دون البحث المشترك عن مخرج يجنب بلادنا المزيد من الخسائر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فأي خسائر تلحق بالوطن ستكون عواقبها وخيمة على الجميع، فحين يتعلق الأمر بمصالح الوطن، عندها لن يكون هناك منتصر وآخر خاسر، بل ان الجميع هم الخاسرون.

بلادنا تعيش حاليا وضعا سياسيا ومجتمعيا، لا أحد كان يتمنى أن يصل إلى الدرجة التي هو عليها الآن، ورغم صعوبة الوضع وتعقيداته واستمرار وضع العراقيل أمام أي جهد يستهدف المساعدة على الخروج من هذا الوضع، فالمطلوب عدم الاستسلام لهذه العراقيل والصعوبات، بل التمسك بالأمل والقدرة على تجاوز هذه الظروف، فبلادنا ليست الأولى في العالم التي تواجه وضعا سياسيا ومجتمعيا غير صحي أو صعبا، فالكثير من شعوب العالم مرت بأقسى مما نمر به الآن، ومع ذلك تمكنت من التغلب على أوضاعها الصعبة والخروج أكثر قوة وتماسكا منها، فتحقيق ذلك ليس أمرا مستحيلا وإن كان صعبا، شرط التمسك بالأمل ووضع المصلحة الوطنية العليا نصب أعيننا.

لا خيار أمامنا سوى البحث عن مختلف الوسائل التي تساعدنا على تجاوز الوضع الذي نعيشه باعتباره وضعا غير صحي بل غير مقبول أيضا لأنه يتعارض مع المصالح الوطنية ومع طموحنا جميعا إلى النهوض ببلادنا وتطوير مشروعها السياسي الذي اختطته مطلع القرن الحادي والعشرين، وهو المشروع الذي وضع بلادنا على خريطة الدول التي يشار إليها باحترام وتقدير حيث نالت الإشادة من المنظمات الدولية كافة، ومن مصلحتنا جميعا أن تحافظ بلادنا على وضعيتها الدولية المرموقة من خلال مشاركة جميع الأطراف في تطوير مشروعنا الوطني والتكاتف لإخراج بلادنا من الوضع الصعب الذي دخلت فيه منذ تفجر الأحداث المؤسفة العام الماضي.

وبشيء من التفكير والتأمل في النتائج التي يفرزها استمرار الأوضاع على ما هي عليه الآن نجد أنفسنا جميعا أمام استحقاقات كبيرة ربما لن نكون قادرين على دفع ثمنها، وبالتالي ليس من المصلحة الوطنية البتة أن إطالة أمد هذه الأوضاع، فكلما استمر الجمود والمراوحة، تفاقمت الأضرار وتعقدت بحيث يكون الخروج من المأزق الذي نعيشه مكلفا جدا، ومن هنا يجب دعم كل جهد يستهدف تغيير الوضع ومعالجة التداعيات التي أفرزتها أحداث العام الماضي واستمرار حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي والمجتمعي أيضا.

فنحن على ثقة تامة بأن الغالبية العظمى من أبناء شعبنا غير سعيدة باستمرار الأوضاع على ما هي عليه الآن، وإن كانت شرائح واسعة من المجتمع لا تتحدث بأصوات عالية عن ذلك، إلا أن تحرك العديد من الفعاليات الأهلية من أبناء الطائفتين الرئيسيتين، يقدم واحدا من الأدلة على رفض الوضع غير الطبيعي وفي الوقت نفسه يعبر عن التخوف من مخاطر الجمود الذي يعتري العملية السياسية في البحرين حاليا، ومن المؤكد أن هذه الغالبية لن تطيل صمتها أكثر من اللازم خاصة أن الجمود يعطي نتائج سلبية على مجمل العلاقات المجتمعية يوما بعد آخر.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة