المواطن الخاسر الأكبر من العنف اقتصاديا
 تاريخ النشر : الثلاثاء ١٤ فبراير ٢٠١٢
عبدالرحيم فقيري
ما يحدث اليوم في الشارع البحريني، من حراك سياسي متشعب الأطراف والغايات والنوايا، لا يعتبر بأية حال من الأحوال، إلا مؤشرا مدمرا للاقتصاد البحريني الذي يعد أحد أقوى اقتصادات المنطقة بكل المعايير التي تقاس بها قوة الاقتصادات، فليس أدل على ذلك من احتفاظ المملكة لسنوات طويلة، بنسب بطالة تعتبر الأدنى على مستوى المنطقة، فضلا عن نسب التضخم المنخفضة التي تمنح لاقتصادها فرصا ذهبية للانطلاق بثبات إلى تحقيق مدخلات نمو غير مسبوقة سوى في دول قليلة في الشرق الأوسط، في وقت تعاني فيه دول صناعية كبرى من انفلاتات قوية في هذا الصدد، عصفت باقتصاداتها أيما عصف.
استمرار معدلات النمو في الاقتصاد البحريني لم يأت خبط عشواء، أو محض صدفة، بل من خلال تطبيق معايير ومبادئ اقتصادية كبيرة جدا، جعلت رؤوس الأموال الأجنبية المباشرة تتدفق بمبالغ كبيرة ـ قياسا بحجم اقتصاد الدولة ـ على المملكة في السنوات الخمس الماضية، عاكسا صورة مشرقة للمناخ الاستثماري في البحرين، كمنطقة جذب جديرة بأن تتدفق الاستثمارات عليها، وكل ذلك لم يكن ليتسنى لولا أن البحرين درست كل خطوة خطتها نحو هذا الهدف عن كثب وتأن وتؤدة، تحت قيادة الربان الماهر والسياسي المحنك ورجل الدولة والنهضة البحرينية وسببها الشيخ خليفة بن سلمان.
إن استمرار معدلات النمو الاقتصادي حتى في أحلك الظروف الاقتصادية حول العالم، يعد من جانب آخر، مؤشرا ودليلا قويا على قوته ومتانته وعدم تأثره كثيرا بالأزمات المالية والاقتصادية التي جرفت أقوى الدول اقتصاديا حول العالم إلى مزالق الانهيار، وكان لتلك القوة أن تنعكس على مستويات الأجور والمعيشة في البحرين على حد سواء، وهذا ما كان بالفعل، وهو ما يوضحه التقرير الصادر عن مجلة جلوبل فاينانس الاقتصادية لسنة ٢٠١٠، وهو تقرير يتتبع مسار اقتصادات أغنى دول العالم من حيث متوسط نصيب الفرد من قيمة الناتج المحلي الإجمالي خلال ثلاثة أعوام حتى سنة النشر، مستقية بياناتها من صندوق النقد الدولي.
التقرير يشير إلى أن مملكة البحرين احتلت المرتبة الثالثة والثلاثين عالميا، من حيث متوسط دخل الفرد عام ٢٠١٠، كما نال المديرون التنفيذيون في البحرين أعلى زيادة في الرواتب في المنطقة العربية بلغت ٦%، وفقاً لبيانات الرواتب التي أصدرتها مؤسسة (ميرسر) العالمية.
وعلى نقيض ما كان يطيب لأقطاب المعارضة البحرينية على اختلاف توجهاتها ومشاربها ونواياها من ترويج لمبررات الفوضى الأمنية التي تعيد نفسها اليوم في أبشع صورها، على نقيض ذلك، فإن التقرير يؤكد أن البحرين تحتل المرتبة الرابعة خليجيا من حيث متوسط نصيب الفرد من قيمة الناتج المحلي الإجمالي، بعد دولة قطر ودولة الإمارات ودولة الكويت، فيما تأتي كل من المملكة العربية السعودية في المرتبتين الخامسة والسادسة خليجيا، والـ ٣٦ و٣٨ عالميا.
إن الاستقرار الأمني والسياسي دعامتان أساسيتان لتحقيق استقرار اقتصادي، فإذا كانت المعارضة تعتقد أنها قادرة على تحقيق مكانة اقتصادية أقوى مما هي عليها اليوم للبحرين، فإنها مخطئة تماما، لأن معظم قادة المعارضة التي تخوض معركتها شريحة مغرر بها، لهم أجندات خارجية كشف عنها جلالة الملك في حديثه لمجلة (دير شبيجل الألمانية) أمس، ولأن الدولة التي ينفذون أجندتها في البحرين باتت اليوم محاربة عالميا، وليس لها إلا الانجرار خذلى صوب تجرع الهزيمة تلو الأخرى.
إن أي انفلات أمني في البحرين، أو أية تطورات سياسية يخشاها الجميع، سوف يدفع المواطن ثمنه غاليا، لأنه سيكون بالكامل على حساب رخائه الاقتصادي الذي ينادي بالمزيد منه المعارضون تلبيسا وتغطية لنوايا خبيثة باتت مكشوفة لكل المراقبين للأحداث البحرينية على مستوى العالم.
.