الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٨٧ - الثلاثاء ٢١ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٩ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


نسأل الله لهم الرحمة





خلال فترة عملي التي امتدت حوالي واحد وعشرين عاما في صحيفة أخبار الخليج عاصرت عددا كبيرا من الأستاذة الكبار ومن الزملاء الأخيار، مازال بعضهم يعمل في مدرسة أخبار الخليج الصحفية الرائدة مواصلا مشواره الصعب في ميدان العمل الصحفي المرهق، بينما انتقل بعضهم إلى وظائف أخرى داخل المملكة أو خارجها، ورحل البعض الآخر إلى الدار الآخرة تاركا خلفه ألما عميقا داخل نفوسنا لفراقه، وذكريات جميلة وعزيزة على قلوبنا لا تمحوها الذاكرة، وآخر هؤلاء هو الزميل الأستاذ محمد عمر الذي فارق الدنيا قبل أيام قليلة، بعد يوم واحد فقط من وفاة زوجته وأم أولاده ورفيقه عمره، وكأنما القدر أبى أن يفرق بينهما في الحياة والموت معا.

حين التحقتُ بالعمل في أخبار الخليج كان الأستاذ محمد عمر يعمل منسقا صحفيا ومترجما للأخبار بين أخبار الخليج وزميلتها الإنجليزية (جلف دايلي نيوز)، ثم أسندت إليه مهمة تحرير صفحة الاقتصاد في أخبار الخليج فكان واحدا من المبدعين فيها، حيث ارتقى بمستوى الصفحة وتميز بها وتميزت به، إذ كان ــ رحمه الله ــ واسع الاطلاع، عميق الثقافة، يتمتع بملكة اقتناص الخبر والسبق به، فضلا عن أنه كان دقيقا جدا ومنظما في عمله، وهذه هي المميزات التي يحتاج إليها الصحفي ليحرز النجاح والتفوق في عمله.

إن الحديث عن الأساتذة والزملاء الراحلين ذو شجون، فلقد ارتبطتُ معهم برباط التلمذة والصداقة والمحبة، وامتدت علاقتي بهم سنوات طويلة، ولا يمكن أن أنساهم ما حييت، وفي مقدمتهم الأستاذ الفاضل (أحمد عبدالغني) الذي كان مدير تحرير أخبار الخليج عند التحاقي بها في أواخر عام ١٩٩٠ ورحل عنها في عام ١٩٩٧ عائدا إلى بلده الأم مصر، حيث انتقل هناك إلى رحمه الله بعد سنوات قليلة، والأستاذ (حسن النعيمي) الذي كان ــ رحمه الله ــ سكرتيرا للتحرير ورئيسا لقسم الإخراج الفني، والأستاذ (وجيه نزال) المصحح اللغوي المتمكن، والأستاذ (مصطفى عامر) الذي كان رئيسا لقسم التصحيح اللغوي والذي تعلمت كثيرا منه ومن الأستاذ وجيه طوال فترة عملي في قسم التصحيح التي امتدت تسع سنوات كاملة، ولا أنسى أيضا الزميلين العزيزين (عادل فهمي) و(محمد إسماعيل) اللذين انتقلا إلى رحمة الله تعالى في بلدهما مصر بعد إنهائهما فترة عملهما في أخبار الخليج بفترة قصيرة. من الصعب على الإنسان أن يفارق من يحب، لكنها سنة الحياة وقضاء الله في خلقه، وكلنا على هذا الدرب سائرون، فالحياة اجتماع وافتراق، ولا نملك إلا أن نسأل المولى عز وجل أن يجمعنا على الخير بأحبتنا الأحياء مادمنا في هذه الحياة، وأن يتغمد الراحلين بواسع رحمته، وأن يرحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، وأن يجمعنا بهم في واسع جناته، إنه سميع مجيب.





salah_fouad@hotmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة