السيناريو العسكري المحتمل للحرب على إيران
 تاريخ النشر : الأربعاء ٢١ مارس ٢٠١٢
واشنطون - من: أورينت برس
لا تخفي إسرائيل ان الهاجس الأمني الأول الذي يقض مضاجعها وينشئ امامها تحدياً يؤرقها، هو التهديد المحتمل لبروز إيران كقوة نووية تهدد وجودها. انطلاقاً من هنا، تستمر اسرائيل في الحرب الباردة ضد الجمهورية الاسلامية في ايران مع وجود خطط غير خافية بتوجيه ضربة عسكرية محتملة في حال تأزمت الاوضاع، ولعل هذا التهديد هو الذي دفع اسرائيل الى تطوير قدرات الطيران والدفاع الجوي وسلاح الغواصات في السنوات الأخيرة بدرجة متسارعة.
على مدى الاعوام القليلة الماضية، اشترت القوات الجوية الاسرائيلية ١٢٥ طائرة حربية من طرازي إف-١٥ اي وإف-١٦ اي، مع خزانات إضافية للوقود صممت للطيران بهدف قصف أهداف بعيدة، ناهيك عن قنابل متطورة لاختراق التحصينات، وأعداد كبيرة من الطائرات بدون طيار التي طورتها محليا، بينما ركزت تدريبات سلاحها الجوي في المهام الطويلة المدى، وكذلك فعلت مع سلاح الغواصات التابع للبحرية الاسرائيلية.
فكيف ستوجه الضربة القادمة الى ايران، وما هي المسارات المحتملة؟
«اورينت برس» اعدت التقرير التالي:
بالنظر الى تجارب تاريخية سابقة، لدى إسرائيل سجل في توجيه ضربات استباقية ضد أهداف نووية في المنطقة. ففي يونيو عام ١٩٨١ وجهت إسرائيل ضربة جوية للمفاعل النووي العراقي «تموز» بالقرب من العاصمة بغداد. وليس بعيدا في التاريخ، قام الطيران الجوي الاسرائيلي بشن غارة على احدى المنشآت السورية المزعومة في دير الزور في عام .٢٠٠٧
لكن الضربة المحتملة ضد إيران لن تكون مثل الهجمات السابقة بلا شك، اذ ان لدى ايران تحصينات ودفاعات وخططا مقابلة لابد من اخذها بعين الاعتبار.
صعوبات وضغوط
رغم كل الصعوبات التي تعترض تنفيذ ضربة جوية ضد ايران، ورغم الضغوط الأمريكية الراهنة بعدم السير في هذا الاتجاه، تفيد تقارير غربية مختلفة ان اسرائيل سبق أن اعدت الخطة لمهاجمة ايران وان جيشها جاهز استراتيجيا وعسكريا لتنفيذها ما يتم اعطاؤه الضوء الاخضر السياسي بذلك.
بدراسة الطرق الجوية التي يمكن ان تسلكها القوات الجوية الاسرائيلية لاستهداف ايران تبرز احتمالات عدة خصوصاً ان الاهداف الايرانية تعد بعيدة المدى وقد تصل الى أبعد من ١٥٠٠ كيلومتر، ومن الطرق الجوية التي جرى طرحها ان تلجأ القوات الاسرائيلية الى الشمال، فالشرق، على الحدود بين تركيا وسوريا وصولا الى الحدود بين تركيا والعراق، فايران. وهناك احتمال كبير بأن تتمركز الطائرات فوق العراق من خلال اختراق السيادة الجوية لبغداد واستخدام المجال الجوي منصة لمهاجمة ايران خصوصا مع الانفلات الامني بعد رحيل القوات الامريكية، اما الجهة الثالثة فهي جنوبية عن طريق السعودية. لكن هناك مخاوف اسرائيلية حقيقية من ان تقاوم المملكة استخدام مجالها الجوي وتتصدى للطائرات الاسرائيلية وهو امر لا يمكن لاسرائيل المخاطرة به، وخصوصا ان هناك مشكلة مهمة جدا هي التزود بالوقود.
بالنظر الى بعد الاهداف الايرانية لن يكون من السهل على الطائرات الاسرائيلية التزود بالوقود بسهولة في الجو، فالطائرات الإسرائيلية لا تحتاج فقط للدخول والخروج من المجال الجوي الإيراني، ولكنها تحتاج أيضا إلى وقود يكفي لوصولها الى أهدافها حتى لا تقف في منتصف الطريق وتصبح عرضة للانكشاف والضرب.
ومن المناطق المقترحة للتزود بالوقود، المجال الجوي للبحر المتوسط. وتملك إسرائيل نحو عشر طائرات بوينغ ٧٠٧ التجارية لنقل الوقود وتخزينه، لكن السؤال هو هل ستكون كافية؟
جملة مواقع
تعتزم اسرائيل خلال اي ضربة لايران ان تستهدف جملة مواقع، ابرزها المواقع النووية المحصنة تحت الارض ومنشآت تخصيب اليورانيوم، لاحداث اكبر قدر من الضرر بالاضافة الى شل الدفاعات الايرانية، بهدف ايقاف البرنامج النووي الايراني بصورة قاطعة.
وبالتالي، فإن منشآت تخصيب اليورانيوم في مفاعل نطنز جنوب طهران، وفوردو بالقرب من مدينة قم الدينية، ستكون من أبرز المنشآت في قائمة الأهداف الإسرائيلية، وهناك أيضا مفاعل أراك في الغرب، ومفاعل تحويل اليورانيوم في أصفهان.
وليس من الواضح ما إذا كانت إسرائيل ستملك القدرة على ضرب مجموعة من الأهداف الأخرى المرتبطة بالبرنامج الصاروخي لإيران وبرنامج اختبار المتفجرات. ولضرب الاهداف تحت الارض هناك جملة معلومات استخبارية وجغرافية دقيقة على اسرائيل ان تستحوذ عليها لتتمكن من اختراق الطبقات الخرسانية ومن استخدام كمية المتفجرات اللازمة لتحقيق هذا الهدف، والسلاح الرئيسي في الترسانة الإسرائيلية لهذا الغرض هي قنابل جي بي يو ٢٨، التي تزن الواحدة منها أكثر من طنين ويمكن التحكم بها عبر الليزر ويمكن استخدامها مع الطائرات المقاتلة التي يمتلكها سلاح الجو الاسرائيلي، وقد أجريت على هذه القنابل تعديلات منذ أن استخدمتها الولايات المتحدة أول مرة عام .١٩٩١ لكن هناك عوائق كثيرة اذ ان طائرات إف ١٥ اي وهي الوحيدة القادرة على حمل هذا السلاح غير قادرة على حمل أكثر من قنبلة واحدة خلال كل طلعة لكن قنبلة واحدة لا تكفي في حال المنشآت الايرانية العالية التحصين.
كذلك على الهجوم ان يكون من ارتفاع قريب نسبيا من الهدف لضمان الدقة والنجاح في الاصابة والا فإنه لن يحقق الهدف المطلوب منه.
اسلحة مختلفة
وبحسب المراقبين، يمكن لاسرائيل ان تستخدم أي طائرات من دون طيار مثل هيرون وإيتان لتقييم الدمار الذي تسببه أي هجمات، أو لخداع الدفاعات الجوية الايرانية وحملها على ملاحقتها، علما ان الخداع هو جزء من الاستراتيجية الاسرائيلية بلا شك.
اما الدفاعات الايرانية الجوية فهي معروفة، وتستند الى تكنولوجيا روسية بمعظمها، كما تستخدم ايران نموذج «هوك» الامريكي منذ ايام الشاه، وتضم أهم الدفاعات الإيرانية صواريخ ٥-AS الروسية، التي يمكن استخدامها ضد أهداف على ارتفاعات عالية. كما أنها تستخدم نظام teltnuaG ٥١-AS/١MroT المتنقل الذي يشتبك مع أهداف متعددة على ارتفاعات أقل. وقد سبق ان رفضت روسيا بيع إيران نظام ٠٠٣-S الطويل المدى، ولكن يقول الإيرانيون إنهم اشتروا بعض بطاريات الصواريخ الخاصة به من أماكن أخرى.
وتحمل صواريخ إيران الدفاعية أرض جو تهديدا لسلاح الجو الاسرائيلي رغم كونها قديمة، ولن يكون لدى إسرائيل الوقت أو الموارد للقيام بهذه الحملة الجوية وقتا طويلا، لذا فإن عنصر الحرب الإلكترونية في أي ضربة لاستهداف الدفاعات الإيرانية ربما يكون بأهمية إسقاط قنابل نفسها.
تعقيدات الضربة
ويعتقد خبراء أن القوات الجوية الإسرائيلية تتفوق على نظيرتها الإيرانية، التي تمتلك عددا قليلا من مقاتلات اف-١٤ تومكات الأمريكية الصنع وعددا كبيرا من المقاتلات ميغ ٢٩ التي أمدتها بها روسيا. لكن التهديد المحتمل من الطائرات الإيرانية يضفي نوعا من التعقيد على التخطيط الإسرائيلي، ويلزم اسرائيل باستخدام كل ما في جعبتها من اسلحة لذلك ربما تلعب الغواصات الإسرائيلية الصغيرة دورا في العملية عبر اطلاق صواريخ كروز ولاسيما من خلال غواصات دولفين الالمانية التي تملكها، لاستهداف الرادارات الايرانية ومواقع الدفاع الجوي البالغة الاهمية التي من شأنها اعاقة الرد الايراني المباشر. تجدر الإشارة الى أن سلاح الغواصات الاسرائيلي قد لا يمكنه الوجود في مياه الخليج بل قد يطلق صواريخ كروز من مياه خليج عُمان أو بحر العرب.
وفيما تعول اسرائيل على تفوقها العسكري على ايران خصوصا لجهة امتلاكها الطائرات المقاتلة المتطورة والقنابل الخطرة، الا انها تدرك جيدا ان الضربة المحتملة ضد إيران لن تكون مثل الهجمات التي شنتها في السابق ضد الهدفين العراقي والسوري، حيث كانت الضربتان السابقتان موجهتين ضد أهداف فوق الأرض، وظهرت تقريبا بشكل مفاجئ.
فالضربة المحتملة ضد إيران لتدمير البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير يجب أن تراعي مشاكل عدة، منها النطاق، وتعدد الأهداف، وطبيعة هذه الأهداف أيضا.
كثير من هذه المشاكل يمثل صعوبة في حد ذاته، ولكن عند وضعها معا، فهي تزيد من تعقيد التحديات التي يواجهها المخططون العسكريون في إسرائيل وان كانوا يدعون ان بامكانهم تنفيذ الضربة الجوية بمفردهم لكنهم في قرارة أنفسهم يتمنون مشاركة القوات الامريكية بسلاحها العتيد وقواعدها المنتشرة في المنطقة لانها ستسهل عليهم المهمة وتحد من فداحة الخسائر.
.
مقالات أخرى...
- وثيقة الأزهر للحريات.. رسالة تنويرية وحجر أساس للدستور الجديد - (21 مارس 2012)
- في حوار مع الفقيه الدستوري د. ثروت بدوي يؤكد: النظام الرئاسي في مصر يصنع ديكتاتورًا - (19 مارس 2012)
- هل تصبح فوزية كوفي أول رئيسة لأفغانستان؟ - (19 مارس 2012)
- في كتابه الجديد ساري نسيبة يقول: «فات أوان حل الدولتين» - (6 مارس 2012)
- إقامة سوق عربية مشتركة للطاقة.. بين المتطلبات والإيجابيات - (4 مارس 2012)
- «الربيع العربي» يلون شتاء موسكو - (4 مارس 2012)
- الحرب على إيران تثير جدلا مستمرا بين واشنطن وإسرائيل - (3 مارس 2012)
- سفاح أمريكي قتل العراقيين بالجملة.. فكرمته أمريكا وإسرائيل! السفاح المجرم قتل ٢٦٠ عراقيا من الأطفال والنساء والشيوخ - (1 مارس 2012)
- محنة اللاجئين السوريين في لبنان بعد التهجير والخوف - (16 فبراير 2012)