الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤١٤ - الاثنين ١٩ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٢٦ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


هل تصبح فوزية كوفي أول رئيسة لأفغانستان؟





كابل- من: أورينت برس

بعدما تُركت وهي طفلة رضيعة على قارعة الطريق لكي تواجه الموت المحتمل، دخلت الفتاة الافغانية فوزية كوفي منذ لحظة ولادتها إلى عالم لم يكن يرغب فيها على الاطلاق، لكنها نجت من هذا الاختبار كما ستفعل طوال السنوات التالية... فبعد ساعات من الصراخ تحت الشمس، التقطها احد المارة واعادها إلى كنف والدتها الفقيرة التي تخلت عنها مرغمة، لكنها عادت واستقبلت طفلتها التي تحمل رقم ١٩ في الترتيب العائلي، ووعدت بألا تلحق بها أي ضرر في المستقبل بل اصرت على ان تدخلها المدرسة لتكمل تعليمها.

منذ ذلك الحين، اثبتت فوزية كوفي مرارا وتكرارا أنها ستكون من الناجين. فبعد أن ناضلت سنوات في ظل حكم طالبان، تمكنت من ان تعمل مع اليونيسيف في عام ٢٠٠٢ برتبة ضابط لحماية الاطفال. وبعد سقوط النظام المتشدد في عام ٢٠٠٥، تابعت نجاحاتها من خلال الفوز بمقعد في البرلمان الأفغاني، حيث كانت من بين اولى النساء اللاتي اضطلعن بدور قيادي. وتولت لاحقا منصب نائب رئيس البرلمان المرة الاولى في تاريخ البلاد.

اليوم اعلنت النائبة الشابة ترشحها للرئاسة فهل تنجح في تحقيق المستحيل؟

«اورينت برس» اعدت التقرير التالي:

تعمل النائبة الشابة فوزية كوفي بجهد كبير للحفاظ على ما حققته من انجازات ولاضافة المزيد من البريق إلى مسيرتها السياسية.

كوفي التي تبلغ من العمر ٣٦ عاما، والتي دخلت في ولايتها البرلمانية الثانية، تحدت العشرات من تهديدات بالقتل لتصبح احد اشد المدافعات عن حقوق المرأة، والتصدي للفساد، ومن اشرس منتقدي العودة المحتملة لحركة طالبان إلى الحكم في أفغانستان.

الاصرار على التغيير

في كتابها الأخير، الذى يحمل عنوان «الابنة المفضلة: كفاح امرأة لقيادة أفغانستان إلى المستقبل»، تلقي المؤلفة، وهي أم لطفلتين، الضوء على نشأتها القاسية، وطموحها الجامح الذي تمكن من كسر كل الحواجز والذي اوصلها اليوم لاعلان نيتها الترشح للرئاسة.

عن معاناتها منذ لحظة ولادتها تقول: «اليوم الذي ولدت فيه كان اليوم الذي يجب ان اموت فيه، فلا احد حتى امي تمنى ان احيا والسبب ببساطة هو انني كنت واحدة من مئات المواليد الاناث اللاتي يولدن يوميا في افغانستان ولا يرغب فيهن احد». وتضيف: «كانت والدتي منهكة من قبل ولادتي فهي قد أنجبت ثمانية اطفال قبلي وكانت تشارك والدي مع ست زوجات أخريات، ما كان يريده والدي هو مولود ذكر وعندما علمت والدتي اني انثى شعرت بالفشل كامرأة فتخلت عني للوهلة الاولى».

وتشير فوزية في كتابها إلى عضويتها في البرلمان الأفغاني لثماني سنوات وقبل ذلك في منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة كمسؤولة عن حماية الأطفال، ومواجهتها لحالات لا تحصى من العنف المستخدم ضد النساء وكذلك لحالات لا تحصى من الزواج القهري أو إجبار الفتيات على الزواج. وتؤكد أن الولاية الافغانية التي تمثلها بادخشان هي «إحدى أفقر وأكثر المقاطعات تزمتاً في أفغانستان. كما أن الولاية تملك أعلى معدل عالمي من وفيات الأمهات والأطفال، وهي احصائيات مخزية للأفغان، وللمجتمع الدولي الذي ضخ منذ سقوط طالبان مليارات الدولارات على برامج يفترض أنها لإعادة إعمار وتأهيل أمتي المتهالكة».

اليوم، تريد فوزية كوفي أن تصبح اول رئيسة لأفغانستان، ولا شك ان النقاش حول احتمالات فوزها سيشتد في غضون الاشهر المقبلة. وتعلن كوفي عدم خوفها من طالبان بالقول: «يوماً ما سوف ينجحون في قتلي، وأنا مستسلمة لهذا المصير، لكن طالما بقيت حية فإنني لن أهدأ عن الرغبة في قيادة الشعب الأفغاني بعيداً عن هاوية الفساد والفقر. ولذلك فإنني أعلن ترشحي لانتخابات الرئاسة الأفغانية لعام .٢٠١٤ لقد ولدت فتاة يفترض بها أن تموت لكن إذا أراد الله فقد أموت بعد أن أصبح أول رئيسة امرأة للبلاد التي أحبها، والتي ستشهد في النهاية على أن يولد كل أطفالها، من الذكور والإناث، في سلام وأمن، لا عنف وحرب».

اقرار بالواقع

مع ذلك، لا تعيش النائب الشابة تحت وطأة الأوهام، فقد سبق لعدد من النساء الأفغانيات ان فشلن في السباق الرئاسي في عامي ٢٠٠٤ و.٢٠٠٩ كما أنها تقر بأن المرأة الأفغانية تعتبر من قبل البعض مواطنة من الدرجة الثانية، لكنها في الوقت عينه تصر على أن الأمور في بلدها بدأت تتغير. وهي تستشهد بنجاحات كثيرة حققتها المرأة الافغانية على مدى العقد الماضي، ولاسيما من خلال المشاركة المتزايدة للمرأة في الحياة الاجتماعية والسياسية. لذا فإنها تعتقد أن هذه العوامل تمنحها، بعض التفاؤل بأن بعض قطاعات المجتمع الأفغاني ربما تكون على استعداد لتقبل وجود امرأة على رأس الحكم.

وفي ذلك تقول كوفي: «ان الاعتقاد الشائع في أفغانستان هو أن رئيس الدولة يجب أن يكون رجلا..لكن مازال هناك متسع من الوقت حتى حلول موعد الانتخابات عام .٢٠١٤طبعاً مازال لدينا العديد من المشاكل والعوائق، فأنا لا أدعي عدم وجود العوائق، وبأن كل شيء سوف يحدث بسهولة جدا. ومع ذلك، فإن بعض أجزاء المجتمع الأفغاني ولاسيما المثقفين منهم يريدون التغيير وهم على استعداد لقبول امرأة في منصب الرئيس، ويمكننا أن نبني احلامنا على ذلك».

صعود لافت

لا شك ان وصول فوزية كوفي إلى ما هي عليه اليوم هو امر جلل ولافت للنظر، وخصوصا اذا ما اخذنا بالاعتبار العقبات التي واجهتها عندما كانت طفلة حيث نشأت في مقاطعة بدخشان، وهي واحدة من المناطق النائية والمحافظة في البلاد.

ولدت فوزية لأم جاهلة، وأب يعيش بعيدا وكان لديه سبع زوجات من زيجات متعددة وعشرات الابناء، ولم يكن هناك سبب وجيه للاعتقاد انها ستمثل منطقتها ذات يوم في قاعات البرلمان.

عاشت الفتاة فوزية على هامش العائلة التي توسعت في نهاية المطاف لتشمل ٢٣ طفلا. وهي تذكر ان والدها، الذي شغل منصب نائب برلماني في عقد الديمقراطية في السبعينيات الذي ورثت عنه المصداقية ورفض الفساد، لم يتحدث اليها سوى مرة واحدة فقط.

كانت حياة فوزية في حالة من الفوضى عندما اجتاحت الحرب أفغانستان، وأودت بحياة والدها واخويها. وقد انتقلت للعيش مع أقارب لها خلال السنوات التي تلت الحرب، وأكملت دراستها. في وقت لاحق، وفي ظل الحكم القمعي لحركة طالبان، خاطرت بحياتها لتعليم الفتيات الأخريات. وهي تؤكد انها «لاتزال قوية على الرغم من كل شيء مرت به».

مسيرة سياسية

بدأت فوزية مسيرتها السياسية بعد سقوط نظام طالبان في أواخر عام ٢٠٠١ عن طريق تعزيز حقوق المرأة في التعليم بحملة عنوانها «العودة إلى المدارس».

تكمن قوتها كنائب في هدوئها ومرونتها وهو ما يساعدها على اكمال جهودها لتحسين حياة المرأة الأفغانية، وشن الحملات ضد العنف تجاه المرأة، والزواج القسري، ومكافحة الامية بين الفتيات. وتقدم فوزية دروسا قيمة لابنتيها: شهرة وشهرزاد، عبر كتابها الأول الذى يحمل عنوان «رسائل إلى ابنتي»، وقد نشر في عام .٢٠١١ في كتابها الاخير «الابنة المفضلة»، الذي ترجم إلى الإنجليزية، تذكر فوزية ابنتيها بوجوب التحلي بالقوة مهما واجهتا من صعاب.

عن ذلك تقول: «أحد الأسباب التي دفعتني إلى كتابة هذا الكتاب كان لترك رسالة خلفي إلى ابنتي بعد ان ارحل عن هذه الحياة. والسبب الثاني هو أنه من المهم بالنسبة لي أن ادعو العالم ليتعرف عن كثب قوة المرأة الأفغانية، وهو امر لا يعرف الناس عنه الكثير بل يعرفون الجانب المظلم عن المرأة الافغانية المقيدة والمساء اليها والفقيرة. أردت أن أبين لهم الجانب الآخر أننا نبقى اقوياء رغم كل ما نمر به».











.

نسخة للطباعة

رحيل رمانة الميـزان

بكت مصر كلها البابا شنودة الثالث الذي انتقل إلى جوار ربه أمس الأول.. صلى عليه الجميع المسلمون والمسيحيون.. ... [المزيد]

الأعداد السابقة