الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٢٠ - الأحد ٢٥ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٢ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


المعبرون عن الشعب





المعبرون عن الشعب البحريني هم الكتل البرلمانية الراهنة في المجلس المنتخب، ولا تفيد الكتل خارجه لإحداث تحول نوعي بل تهدر الزمن والجهود.

الكتل الراهنة نتاج شرائح معينة في المجتمع وليست كل الشرائح وخاصة القوى العمالية فالمجلس لا يمثل كل تطلعات الناس، ويتشكل من قوى مذهبية سياسية ومستقلة، وهذا هو خيار الشعب الذي واصل نضاله من أجل مجلس مؤثر قيادي في حياة البحرينيين خلال عقود، وعدم وضع هذا المجلس وتطويره كبؤرةٍ مركزية لهذا البلد هو خطأ مراحل سياسية سابقة وخطأ المنسحبين والمستوى السياسي السطحي الراهن المُفكك والمحدود الوعي.

إذا كان المنسحبون لم يعودوا للناس وانسحبوا بإرادة خارجية فهو أمرٌ معطل لنضال هذا الشعب، حيث لا تُمنع أي أشكال نضالية سلمية خارج هذا المجلس نفسه.

المجلس لا يعجبنا وليس فيه قوى الشعب وطبقاته العاملة وقواه الديمقراطية التقدمية هذا صحيح، ولكن نحن نقبل بالإرادة البسيطة والعادية للناس، آملين أن تتطور وأن يتطور النواب أنفسهم ويعبروا عن قضايا الشعب وحركته التاريخية المتطورة لا أن يتم الجثوم في زاوية ضيقة ثم يمضي الزمن ولا تحل قضايا الشعب المتراكمة ومشكلاته التي تتطلب حلولاً سريعة.

ليس الشعب هو خادم السياسيين المذهبيين بل السياسيون الوطنيون يجب أن يكونوا هم خدماً للشعب.

وبخلاف ما يجري في البلدان الديمقراطية هنا يريد السياسيون أن يخدمهم الشعب، وأن تقوم المؤسسات بخدمتهم ومعالجة أخطائهم الكثيرة الوفيرة، كأن المؤسسات والجماهير وُجدت فقط لمعالجة أخطاء هؤلاء.

كما أننا لا نقبل أيضاً بالسياسات الحكومية ومستواها وأداء النواب كذلك، ونعمل على تنامي الوعي المعارض الديمقراطي الإصلاحي الذي يعرف أين مكامن الخلل ويطورها في حالة وصوله هذا المجلس النيابي المنتخب، وليس عبر القفز على الشرعية الدستورية الراهنة، التي نعمل على تطويرها وتجاوزها في السنين القادمة، عبر توحد شعبي، وليس عبر المغامرات.

إن التراكم الديمقراطي التحديثي في البحرين كبير، والمعارضات والقوى المذهبية الأخرى المؤيدة للنظام لا تقدر أن تطور هذه الديمقراطية الجنينية لكونها جماعات مفككة فكرياً وسياسياً، منفصلة طبقياً، وتحتاج إلى التداخل والتعاون، ولن تتطور إلا بقبولها مبادئ الديمقراطية بتعبيرها عن طبقات لا عن طوائف.

وأزمة الفئات البرجوازية المذهبية أنها تعبرُ عن فئات منفصلة لا عن طبقةٍ يجب أن تتقارب وتعمل معاً. وكل يوم يمضي تتعقد القضية وتتوه الخيوط.

جماعات الطوائف المختلفة تراكم المشاكل السياسية فيما الشعب يريد حل مشكلاته الكثيرة من هبوط للأجور وارتفاع أسعار وتلوثٍ وغياب التخطيط في بناء المدن وفي تطوير الاقتصاد، وكذلك كثافة حضور العمالات الأجنبية المنفلتة والبطالة والتزاحم والكثير الكثير من القضايا.

ومن هنا فإن تحولنا الديمقراطي الصعب البطيء الذي يؤزم القوى الشعبية الضائعة بين صراع الإرادات، وتباين القوى المتنفذة المالية واهتمامها بمصالحها الخاصة على حساب الشغيلة، لا بد أن يعود لتطوير قوانا البرلمانية المنتخبة وربطها بقضايا الناس لا بقضايا التنظيمات وأميتها السياسية، ومساعدتها على التطور، وإزاحتها إذا كانت غير قادرة على التطور وعن التعبير عن مصالح الجماهير الشعبية في معاشها.

نحن لا نملك أدوات أخرى، سوى أدوات تطوير ما هو ممكن ومتاح، وتوحيد جماهير شعبنا التي فصمها وفككها الطائفيون السياسيون، عبر انتهازيات متعددة متضادة.

من يعبرون عن الشعب عليهم أن يتمردوا على كل التبعيات والشموليات والانتهازيات ويقدموا أصواتهم وكلماتهم بل أرواحهم فدى للناس الذين أرادوا أن يعبروا عنهم ويطوروا حياتهم.

ومن يعبرون عن الشعب يتجاوزون أشكالهم الطائفية السياسية وأنانيتهم الاجتماعية ويتمردون عن كونهم دمى وعرائس ويلتحمون بالنضال والمطالب الشعبية ويطورون أداء البرلمان وكل المؤسسات المنتخبة على مدى عقود وليس على مدى بضع سنوات قصيرة فقط.

وإذا رفضهم الجمهور ينسحبون ويعيدون التعبير والصراع والتعاون مع الوزارات الحكومية، وقد يتحولون لوزراء ومسئولين ويكونون عرضةً للاستجوابات والنقد والعزل، وهذا شرف لهم لأنهم اشتركوا في النظام الديمقراطي الذي هو الأساس الذي يكون الوطنية البحرينية.

أما المعبرون عن الطوائف والمقصود هي ثلل من الارستقراطية الدينية والاجتماعية التي تغدو كلمتها في عرفها انها لا تُرد فهي ليست ديمقراطية وإنما شكل محلي من الشمولية.

لتخضع الجماعات والأجهزة في تطور زمننا السياسي الوطني التاريخي لفعل وبؤرة البرلمان وللوعي الشعبي الديمقراطي المتصاعد الرافض صراع الطوائف والقابل صراع وتعاون الطبقات.

ولنصبرَ على بؤرة البرلمان هذه، التي قد لا تعجبنا، وقد لا تتوافق مع طائفتنا، وتياراتنا، وشركاتنا، ولكن لنقبل بها ونصارعها ونحترم قرارتها ونطورها.

نريدُ من قوى المذهبيين السياسيين أن ترتفع للتعبير عن طبقتها المتوسطة الموحدة مستقبلاً، وتناضل من أجل قضايا التجار والصناعيين والحرفيين الكثيرة والعمال، وليس أن تتجمد في مطالب سياسية كبيرة كلية لا يحدث تراكمٌ فيها ولا حلقات وسيطة نحوها، فتعبرُ بهذا عن انفصالها عن الجمهور وزيادة مشكلاته وتأزيم حياته، لأن جدلية الربط بين القضايا الكبيرة والنضال المعاشي هي جوهر الحركات السياسية، أما الفصل فهو هدم لهذه الحركات وابتعاد الناس عنها وتأزيمها المستمر الخطِر للواقع وللناس الذين أرادت أن تعبر عنهم.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة