... من بين كل الاقتراحات بقوانين
 تاريخ النشر : الأربعاء ٢٨ مارس ٢٠١٢
لطفي نصر
من بين السادة النواب من يعترف بصراحة ببروز ظاهرة إساءة استغلال آليات نيابية عديدة.. وعلى رأس هذه الآليات المساء إليها, ويجري الاستخفاف بها و«مرمطتها» بند الأسئلة الذي يشوبه الإسراف الظاهر إلى درجة أن الجمهور أو القراء أو المتابعين لجلسات وأعمال مجلس النواب لم يعودوا يكترثون أو يهتمون بما يدور من حوارات من خلال طرح الأسئلة بين النواب والوزراء أثناء الجلسات العامة.
هذا الاستخفاف - للأسف الشديد - امتد إلى بند الاقتراحات بقوانين.. حيث رأينا مؤخرا كيف تقدم بعض النواب باقتراحات بقوانين لا ترقى حتى إلى أن تكون مجرد اقتراحات برغبة!
أما عن ظاهرة الاستخفاف بآلية الاقتراحات برغبة والمسارعة إلى استخدامها في «الفارغة والمليانة» فحدث ولا حرج.. لكن ليس معنى ذلك أن كل ما يقدم أو يطرح من أسئلة أو اقتراحات بقوانين أو اقتراحات برغبة لا وزن ولا قيمة له.. بل إن بعضه يأتي في منتهى القوة والأهمية.. كما يجيء محمولا عبر الحاجة الملحة إليه, وملبيا لمتطلبات المصلحة العامة, ومعالجا لمشاكل قد تكون مستفحلة أو مستعصية, أو أنها مغفول عنها!!
من بين هذه المقترحات بقوانين التي أرى فيها الجدية والتلبية لحاجة ملحة, وأطالب السادة النواب بالوقوف عليها ودعمها والمسارعة في خطوات إخراجها إلى حيز الوجود هذا الاقتراح بقانون الذي تقدم به مؤخرا النائب القدير الدكتور علي أحمد عبدالله وعدد من السادة النواب الاقتراح بقانون بإنشاء صندوق تحسين الوضع المعيشي للمتقاعدين يتبع الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي ويخضع لإشراف وزير المالية.
ويجيء هذا الاقتراح بقانون حاملا في طياته كل مقومات نجاحه وبجدارة, وخاصة أنه يحل مشكلة تمويلات أو ايرادات الصندوق.. حيث الاقتراح باقتطاع دولار أمريكي واحد من سعر كل برميل نفط خام يزيد سعره على ٤٠ دولارا.. ثم يرتفع هذا الاقتطاع إلى دولارين عندما يزيد سعر البرميل الواحد على ٨٠ دولارا.. مع النص على عدم جواز خفض هذه النسب المقتطعة أو حتى زيادتها أو التصرف في حصيلتها – لغير العمليات الاستثمارية لصالح الصندوق – إلا بقانون.
لا أريد أن أخوض في تفاصيل النصوص المقترحة لهذا الاقتراح بقانون أو هيكل الصندوق أو قواعد تشكيل مجلس إدارته أو اختصاصاته أو حقوق موظفيه, أو فئات المتقاعدين المنضوين تحت مظلته.. أو غير ذلك من المسائل.. فهذه كلها من الضروري سوف أتناولها في مقال آخر قادم بإذن الله.. ولكني أريد أن أقول إن هذا المشروع يعد واحدا من أهم المشاريع التي قدمت حتى الآن من أجل إنصاف المتقاعدين.. وهذا ليس بغريب أو بجديد على الرجل الذي دعا إلى إنشاء هذا الصندوق أو إلى فكرته.. فهو النائب الذي يطلق عليه الجميع «نصير المتقاعدين».. وهو الذي عمل كثيرا من أجلهم.. صحيح أن جهوده المستميتة من أجل رفع الظلم عن جميع المتقاعدين لن تثمر عن الكثير.. ولكن كفاه وكفاهم أنه قدم بكل إخلاص أقصى ما يستطيع تقديمه.. ويكفي جدا نضاله المستميت من خلال اللجان والجلسات العامة لمجلس النواب.
أريد أن أقول إن هذا الصندوق إن قدر له الظهور إلى حيز الوجود وكتب الله له النجاة من غدر المعرقلين ومثبطي الهمم والمناعين للخير فإنه سيقدم خدمة كبيرة إلى العمل الإنساني وإلى فئة المتقاعدين.. وأوكد أن الجميع يعلمون علم اليقين أن الحال قد وصل ببعض المتقاعدين وأسرهم إلى اللجوء إلى وزارة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية طلبا لإدراج أسمائهم في قوائم الأسر المستحقة للإعانات الاجتماعية الشهرية.. كما يلحظ الكثيرون التزايد المستمر في نسبة المتقاعدين الذين يراجعون المستشفيات العامة والمراكز الصحية ويقفون في صفوف الانتظار.. ليس لأنهم قد كبرت أعمارهم أو حاصرتهم الأمراض من كل لون ونوع.. ولكن لأنه لم يعد يبقى من معاشاتهم الضئيلة ما يواجه به أسعار الأدوية والعلاج في القطاع الخاص الذي قد يجنب البعض معاناة مراجعة المستشفيات العامة وعذاباتها وتفشي البيروقراطية في أساليب تعاملاتها مع المرضى.. وعدم احترام إنسانية الإنسان في حالات أخرى.. ناهيكم عما قد لحق بالمتقاعدين في الآونة الأخيرة من تجاهل ونسيان أوضاعهم المزرية وإصابتهم بظلم بيّن.. وأبسط دليل على ما نقول هو ما حدث لهم عندما حرموا من زيادة الـ ١٥%.. بعد أن كانت الفرصة قد داعبت قلوبهم المرهفة وعندما وعدوهم وقالوا لهم «لا فرق بين موظفين ومتقاعدين فكلهم مواطنون».. ثم كانت الصدمة المروعة!
.
مقالات أخرى...
- أهم شيء يفتقده تجمع الوحدة الوطنية - (26 مارس 2012)
- الأهم.. مصلحة الوطن! - (24 مارس 2012)
- استقبال المحبة والولاء.. والمبايعة - (22 مارس 2012)
- صَدَقَ شمطوط!! - (19 مارس 2012)
- تغييرات مثلجة للصدور تلوح في الأفق.. - (17 مارس 2012)
- خلاف حول إعلان المتورطين - (15 مارس 2012)
- وسام الشهامة.. ونصيب العاملين في الأرباح - (13 مارس 2012)
- مكافآت ممثلي الحكومة في مجالس الإدارات - (11 مارس 2012)
- كلمة فيما وراء الجلسة التاريخية للنواب - (9 مارس 2012)