الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤١٠ - الخميس ١٥ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٢٢ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

في الصميم


خلاف حول إعلان المتورطين





كانت وقفة مجلس النواب إزاء الانحراف والفساد الذي واكب تنفيذ مشروع مستشفى الملك حمد على مستوى فداحة ما جرى.. ذلك أن الأموال التي أهدرت أو نهبت ليست نتيجة سوء إدارة أو تنكب الطريق في تصريف الأمور.. ولكنها أموال شعب له مشاكله ولديه متطلباته التي لم يلب الكثير منها حتى الآن.. والكارثة أن هذه الأموال التي أهدرت هي بعشرات الملايين.. فكما قيل: لو أسند هذا المشروع منذ البداية إلى الشركة الفرنسية من دون الاسترالية لكانت التكاليف قريبة من العشرين مليونا, ولما كانت قد وصلت إلى (١٣٠) مليونا.. ليس هذا فقط بل رغم هذه التكاليف العالية والمشكوك في أمرها فإن المشروع لايزال يعاني من الثغرات والعيوب التي تتطلب بالضرورة المزيد من الملايين.

أبرز أوجه الفساد التي شابت تنفيذ المشروع - كما قيل أثناء الجلسة - هو أن تنفيذ هذا المشروع قد تواصل تنفيذه على مدى عشرة أعوام.. ورغم ذلك لم يكتمل بعد.. بينما مشروع جسر الملك فهد الممتد عبر أكثر من (٢٥) كيلومترا لم يستغرق تنفيذه - بجميع مرافقه - أكثر من خمس سنوات.

وإزاء هذا الذي قيل لابد من وقفة مع طريقة أو أسلوب تنفيذ المشاريع الحكومية لحماية أموال الشعب.. فهذه المشاريع التي تحتاج طريقة تنفيذها أكثر من غيرها إلى إعادة تنظيم أو تقنين.. وإبعاد شبهة (المال السايب) عنها, وبصراحة هناك أنظمة وقوانين توضع لعلاج مسائل أو قضايا ليست في حاجة إليها.. والمشاريع الحكومية وهي مشاريع وطن بأكمله, وأموال المواطنين جميعا تحتاج بالفعل إلى قانون يحدد مسار التنفيذ ومدته ومسئولية كل طرف من أطراف عملية التنفيذ, مع مزيد من تغليظ العقوبات على كل من تسول له نفسه التلاعب في المال العام أو الطمع فيه.

أما من حيث مطلب إذاعة أو نشر أسماء المتورطين في هذه القضية أو إعداد عريضة تحمل هذه الأسماء.. فأنا أرى عدم التسرع في الكشف عن هذه الأسماء أو نشرها قبل إحالة أصحابها إلى النيابة العامة التي تملك وحدها الحق في نشر هذه الأسماء من عدمه.. أقول ذلك احتراما للقاعدة الراسخة التي تقول «المتهم بريء حتى تثبت إدانته».

كل ما أردت قوله إن وضع قانون ينظم أسلوب تنفيذ المشاريع الحكومية أهم ألف مرة من قانون تنظيم مكافآت ممثلي الحكومة في مجال إدارة الشركات التي تسهم فيها الحكومة.. أو في عضوية اللجان.

}}}

المعروف أن المجلس الوطني يمثل قمة الهرم على رأس السلطة التشريعية في المملكة.. وأنه لا يجتمع بغرفتيه إلا عندما تدلهم الأمور.. أو لحسم خلافات بين الغرفتين هذا الخلاف الذي يكون قد احتدم أو وصل إلى نقطة غياب المرونة والتفاهم وعدم الاتفاق.. وأنه لم يعد يتبقى إلا اجتماع الغرفتين معا للاتفاق على كلمة سواء.. وكل هذا لا يكون إلا في القضايا المهمة الشديدة التعقيد.

لذا فإن الخلاف الذي بدأ في النشوب بين المجلسين حول المشروع بقانون بشأن تنظيم مكافآت ممثلي الحكومة في مجلس الإدارة أو اللجان - وهو الذي أقره مجلس النواب ورفضه مجلس الشورى - ليس بالمستوى أو بالأهمية التي تستدعي دعوة المجلس الوطني إلى الانعقاد.

هذا المشروع بقانون بادر به مجلس النواب كاقتراح بقانون ثم أقره المجلس بعد أن وضعته الحكومة في صورة مشروع بقانون ثم أحاله إلى مجلس الشورى الذي رفضه من حيث المبدأ.. ثم أعاد مجلس النواب بحثه وأكد التمسك بقراره السابق الذي يتضمن الموافقة وأعاد إحالته من جديد إلى مجلس الشورى الذي من المتوقع أن يعلن هو الآخر التمسك بموقفه السابق الرافض لهذا المشروع بقانون.. الأمر الذي يجعل الدعوة إلى انعقاد المجلس الوطني بغرفتيه أمراً حتميا.

بصراحة هذا لا يجوز.. حيث إن مثل هذا المشروع ليس من الأهمية التي تقتضي اجتماع المجلس الوطني لحسم الخلاف حوله.. وخاصة أن ممثلي الحكومة قد أعلنوا خلال جلسة الثلاثاء الماضي أنه يجرى الآن إعداد نظام جديد وشامل لهذه المسألة.. وأقصد بها مسألة تنظيم مكافآت ممثلي الحكومة في مجالس إدارة الشركات التي تسهم فيها الحكومة.

لذا أتمنى لو أعاد مجلس الشورى بحث هذا المشروع بقانون من جديد ثم بنى قراره بالرفض على مبررات مقنعة بدلا من رفضه من حيث المبدأ.. فربما تكون هذه الطريقة في الرفض, أي الرفض من أول وهلة وقبل إخضاعه للبحث, هي التي أثارت بعض السادة النواب, الأمر الذي دفع المجلس إلى التمسك بقراره السابق وعدم الاستماع إلى كل محاولات ممثلي الحكومة بتأجيل البت في هذا المشروع بقانون ولو شهرا واحدا.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة