الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٢٨ - الاثنين ٢ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

زاوية غائمة


أسمر وافتخر





في تقرير لوكالة رويترز أن النساء الخليجيات ينفقن قرابة أربعة مليارات من الدولارات الخضراء على منتجات التجميل والأناقة، ولا أفهم لماذا ينفقن مبلغا ضخما كهذا على الأناقة والوجاهة طالما أنهن - أو معظمهن - محجبات ومنقبات، فالمرأة لا تتأنق وتتزبط فقط لتقف أمام المرآة قائلة لنفسها: ما شاء الله علي.. يا ارض احفظي ما عليك! بل لتثبت لسلوى وسوسن وهدى أنها «مقدرة وفنجرة وعنجرة وبعجرة»، وتمسح ببقية الفتيات الأرض.. وكيف لها ان تنسى يوم زفاف مريم عندما سمعت هدى تهمس: هي ما عندها غير الفستان ده؟ وهناك من تستخدم الأناقة المفرطة كما تستخدم الطيور ريشها الملون للفت انتباه الجنس الآخر! ولا بأس إطلاقا في ان تتجمل المرأة وتتزين، بل ان حسن المظهر مطلوب من الرجل أيضا، فلا يمكنك مثلا ان تفوز بوظيفة بنت ناس اذا ذهبت إلى إنترفيو وهيئتك مبهدلة.. بس ٤ مليارات دولار يا مفتريات؟!

مرة أخرى أقول ان المظهر الجميل مريح للعين والخاطر، ولكن ليس بمنطق من بره هلّا هلّا ومن جوه يعلم الله.. وليس بمبدأ «البس عشان الناس»! أنا شخصيا لا ألبس عشان أي كائن من كان، بل أشتري من الملابس ما اعتقد انه جميل في نظري، رغم ان زوجتي وعيالي يقولون ان ذوقي تالف، ويوافقهم الرأي زملائي وزميلاتي في العمل.. كل ذلك لا يهمني... فالمهم أن يكون مظهري العام نظيفا ومرتبا، وصحيح ان القيمة الإجمالية لملابسي كلها، أقل من قيمة ثوب واحد لزوجتي، التي هي في نفس الوقت عقيلتي وحرمي وقرينتي وبعلتي وهانمي ومدامي وأم عيالي، ولكن «الرك على الشماعة» كما أردد أمامها لإغاظتها.. وذات مرة شاركت في برنامج «على مسؤوليتي» الذي كان يقدمه الممثل السوري دريد لحام على قناة ام بي سي، وداخل الستوديو في بيروت رأيت أسرابا من الحسان فاتصلت بأم العيال هاتفيا، وقلت لها: مستقبلك في خطر! وقبل التسجيل بقليل طلبت مني حسناء ان أتبعها فقلت في سري: مسكينة لم تستطع الصمود أمام الفتنة وتريد تهريبي إلى موقع مريب في كواليس الستوديو، ثم رفعت صوتي قائلا لها انني من عائلة محافظة، ولكنها نظرت إلي باستخفاف، وقالت: بدنا نمكيجك شوي! فقلت لها مكيجني ربي، وأنا راض بما قسمه لي، ولن أضع على وجهي بودرة فتراني أمّي على الشاشة وتتبرأ مني... المهم انهم سلطوا علي نصف كهرباء بيروت، فتصببت عرقا وكانت تجلس قربي الممثلة الكويتية الخفيفة الظل سعاد العبدالله، وطلبتُ وضع صندوق مناديل ورقية قربي، ولكنهم قرروا أن «يدلعوني»، فمع الفاصل الإعلاني الأول جاءت فنية المكياج تلك حاملة قطعة أسفنجية لتجفف العرق عن وجهي، وكانت ترتدي ملابس «زي قلّتها».. يعني ما قلّ ودلّ، فهمست سعاد في أذنها يا بنت الناس كدي الريّال (أي الرجّال وهي كلمة خليجية تعني الرجل فهم يقلبون الجيم ياء وبحمد الله لم أسمع قط خليجيا يناديني: يعفر) المهم قالت لها: كدي الريال يعرق زيادة! وهكذا انسحبت تلك الفتاة تاركة لي فوطتها الإسفنجية وهي تعجب لهذا المتخلف الذي يرفض المكياج، رغم خلقته «المفسألة»، ويتضايق عندما تحاول حسناء ان تجفف عرقه! وأثناء البرنامج تحايلت كي أؤكد اعتزازي بسواد بشرتي، وهأنذا أؤكد ذلك الاعتزاز لكل من «تستعر» من ذلك السواد، فتشتري الكريمات والدهانات حتى تصبح مثل قرد الطلح، وهو نوع من القرود يعيش في السودان في غابات الأشجار المسماة الطلح، وتتميز بألوان غريبة غير معهودة في الحيوانات عموما.. ومن تلافيف قلبي أقول إنني أعتبر أي سمراء تسنفر وجهها وجسمها بالكريمات والمعاجين لاكتساب بشرة فاتحة.. أعتبر ما تقوم به إهانة موجهة إلى شخصي.





jafabbas١٩@gmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة