الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٢١ - الاثنين ٢٦ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ٣ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

زاوية غائمة


تيك إت إيزي مستر «ألي»





أذكر جيدا ذلك اليوم الذي ألقى فيه علينا أستاذنا الكبير علي سيار التحية «صباح الخير» يوم الخميس الماضي «بدون نفس» على غير عادته، أي متجهما بادي الحزن والقرف.. فقد شاء حظه العاثر ان يتابع فقرة في قناة الجزيرة الفضائية، وعدد من الشبان يُسألون عما جرى في الخامس من حزيران فتلعثموا، وكانوا أكثر حيرة من حمار الشيخ الشهير (الشهير هو الحمار) في العقبة.. الخطأ يا أستاذ سيار هو خطأ القناة وليس خطأ أولئك الشبان: لماذا تسألهم عن شيء حدث قبل أربعين أو خمسين سنة وهم «أولاد اليوم»؟.. كنت حزينا يا سيار لأن جيل الشباب لا يعرف شيئا عن «حالة كارثية لم يشهد التاريخ العربي لها مثيلا» على حد تعبيرك.. جيلك وجيلي يا أستاذ كان نكديا وكان يعرف أشياء وأماكن وأشخاصا مثل وهران وحي كريتر في عدن وبنزرت وهانوي وغيفارا وبن بيلا.. أقسم بالله العظيم أنني كنت أشاهد فقرة في قناة دينية تستقبل أسئلة واستفسارات من المشاهدين، يوم السبت ٤ مارس الجاري (٢٠١٢) واتصل أحدهم هاتفيا وسأل: يا شيخنا أنجيلا ميركل دي مستشارة شؤون اجتماعية أم نفسية؟ وابتسم الشيخ وتجاهل السؤال! وحدثني موظف كبير في الحكومة السودانية انه سأل عددا من المتقدمين لوظائف عمومية عما يعرفونه عن «تاج محل»، ولم يجب عن السؤال سوى شخص واحد قال إنه «مطعم في الخرطوم»! ولم يعرف معظم المتنافسين من هو علي عثمان محمد طه رغم انه ظل الرجل الثاني في الحكومة السودانية منذ عام ١٩٨٩! وأنت حزين لأن بعض الشبان لا يعرفون شيئا عن حرب الخامس من حزيران من عام ١٩٦٧؟ بارك الله فيهم لأنهم لم يقولوا إن حزيران منطقة على الحدود السعودية - التنزانية.. وتتحدث عن الجولان؟ دعني أحدثك عن شيوعي بريطاني التقيته مصادفة في تجمع في هايدبارك في لندن لنصرة القضايا العربية، ومن فرط حماس الرجل للقضية الفلسطينية حسبته عضوا في «حماس»، فقد اعتلى المنبر ودعا إلى محو إسرائيل من الخريطة.. وبعد انفضاض التجمع حاورته حول بعض الأمور المتعلقة بتلك القضايا وتحدثت عن الجولان (وتختفي الف ولام التعريف عند ذكر اسم هذه المرتفعات بالانجليزية)، ولاحظت ان علامات استفهام كثيرة جعلت وجه الرجل مجعدا ومكرمشا.. باختصار كان الجولان الوحيد الذي سمع به الرجل هو الأمين العام السابق للحزب الشيوعي البريطاني.. وأقسم بأنه لم يسمع قط بأن هناك أرضا سورية تحمل اسم الجولان تحتلها اسرائيل.. والعتب «مو عليه» يا أستاذ علي، بل علينا نحن لأننا نطرح قضايانا بالقطاعي/المفرق: الأمور شعللت في لبنان؟ انس غزة والفلوجة والأنبار! ألم تلاحظ أنه ما من أحد عاد يتكلم عن الضفة الغربية خلال العامين الأخيرين حتى لتحسب أنها تحررت؟ طالما لم تحسم المعركة «المصيرية» بين فتح وحماس حول من سيشغل منصبي وزير الداخلية والمالية فكل القضايا الأخرى ثانوية، وكل شيء بأوانه! ونيابة عن جيل الشباب فإنني - بعد إذنك - أتحداك يا استاذ سيار إذا كنت تعرف شاكيرا؟ بلاش شاكيرا.. جواد العلي؟ العالم العلامة والحبر الفهامة راغب علامة؟ ولو سألت واحدا من جيل الشباب عن هؤلاء لانفتح كالحنفية موردا سيرهم الذاتية بما في ذلك لون ملابسهم الداخلية.

ثم يا أستاذ، الكوارث عندنا بالكوم: دارفور والصومال والشبيحة وفاروق الفيشاوي، وهالة سرحان ومخيم نهر البارد وهايفة وهبي و...و... و... بلاش، كي لا نروح أنا وأنت في داهية حزيرانية... نفتكر إيه ونخلي إيه؟





jafabbas١٩@gmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة