الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٣١ - الخميس ٥ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ١٣ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


التهديد الأمريكي لأمن واستقرار الخليج





أثناء اجتماع منتدى التعاون الاستراتيجي الخليجي الأمريكي الأول مؤخرا في الرياض، قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون: «ان التزام الولايات المتحدة تجاه شعوب ودول الخليج قوي كالصخرة لا يهتز. علاقتنا التاريخية القوية هي صخرة الاستقرار في المنطقة».

طبعا، هي تقول هذا الكلام ظنا منها انه يطمئن دول وشعوب الخليج العربية حول التزام أمريكا بأمن واستقرار دول الخليج العربية. وهو يبدو كلاما جيدا لأول وهلة.

لكن الحقيقة ان هذا الكلام لا هو كفيل بحد ذاته بطمأنة احد ، ولا هو له معنى أو قيمة حقيقية. هو مجرد كلام للاستهلاك السياسي العام.

لماذا نقول هذا؟

لأن كلام كلينتون هذا يتناقض ببساطة شديدة مع كثير من المواقف والسياسات العملية الأمريكية تجاه قضايا المنطقة، وتجاه دول مجلس التعاون في السنوات الماضية. هناك الكثير من الشواهد والأدلة التي تطعن في مدى صدق هذا الالتزام الصلب الذي تحدثت عنه كلينتون بأمن واستقرار الخليج.

حقيقة الأمر انه ليس من المبالغة القول بأن أمريكا نفسها تمثل ومن زوايا كثيرة مصدرا من مصادر تهديد امن واستقرار الخليج ودوله.

ولنا ان نلاحظ أمرين جوهريين:

١- ان أمريكا تتحمل مسئولية أساسية عن حالة عدم الأمن وعدم الاستقرار التي سادت المنطقة طوال السنوات الماضية. وإذا كنا نعتبر ان ايران تمثل خطرا على استقرار وامن دول الخليج العربية، فأمريكا تتحمل مسئولية أساسية عن تفاقم هذا الخطر.

٢- ان أمريكا بمواقفها وأدوارها المشبوهة من التطورات الداخلية في بعض دول مجلس التعاون في الفترة الماضية، وخصوصا البحرين، أصبحت عمليا طرفا مباشرا في محاولات تقويض الأمن والاستقرار الداخلي.

أما عن الجانب الأول، فليس جديدا القول بداية ان غزو واحتلال العراق وما ارتبط به من تطورات بعد ذلك، كان اكبر عوامل تقويض الأمن والاستقرار في المنطقة حتى اليوم.

والأمر المؤكد انه لولا غزو واحتلال العراق ما كان الخطر الإيراني على دول الخليج العربية سوف يتفاقم إلى هذا الحد، وما كانت الأطماع الإيرانية بالهيمنة على مقدرات المنطقة سوف تتصاعد إلى هذا الحد.

الأمر الذي لا شك فيه ان أمريكا باحتلالها للعراق وبما فعلته في العراق بعد الاحتلال هي المسئولة عن تمكين إيران من مقدرات العراق، وعن تحويل العراق إلى قاعدة ونقطة انطلاق إيرانية كبرى نحو محاولة تنفيذ مشروعها للهيمنة على مقدرات المنطقة.

وأمريكا هي التي رسخت النظام الطائفي في العراق، وهي التي نصبت في العراق نظاما طائفيا مواليا لإيران. وهي بهذا الذي فعلته في العراق مسئولة عن تأجيج الصراعات الطائفية في المنطقة كلها، وهي الصراعات التي أصبحت كما نعلم من اكبر مصادر تهديد امن واستقرار دول مجلس التعاون.

إذن، على ضوء هذا ليس من المبالغة القول ان أمريكا تتحمل مسئولية أساسية عن تفاقم المخاطر على امن واستقرار دول مجلس التعاون في الوقت الحاضر.

أما عن المواقف والأدوار الأمريكية المشبوهة من التطورات الداخلية في البحرين خصوصا ومسئوليتها عن محاولات تقويض الأمن والاستقرار الداخلي، فالقضية باتت واضحة وكتبنا عنها كثيرا قبل ذلك.

والمسألة هنا باختصار شديد، ان أمريكا احتضنت ومنذ وقت مبكر القوى الطائفية المعروفة في البحرين، وتعاطفت منذ البداية مع مشروعهم الطائفي حتى قبل ان تندلع الأحداث الطائفية في مطلع العام الماضي.

ومنذ اندلعت الأحداث الطائفية، والدوائر الأمريكية هي التي تتيح للقوى الطائفية في البحرين مجالات العمل السياسي والإعلامي في الخارج وترعاها، وترعى كل عمليات التحريض الطائفية التي تقوم بها ضد الدولة والمجتمع.

وكما سبق لي ان كتبت من قبل، فإن أمريكا بهذه المواقف المشبوهة تتحمل مسئولية أساسية عن تشجيع هؤلاء على التطرف في المواقف وعلى استمرار اللجوء إلى العنف في الشارع، وبالتالي عن استمرار تهديد الأمن والاستقرار الداخلي في البحرين، ومن ثم في باقي دول مجلس التعاون.

الذي نريد ان نقوله باختصار ان دول مجلس التعاون لديها أسباب كثيرة تدعوها إلى الشك في حقيقة ما تزعمه أمريكا من التزام بأمن واستقرار المنطقة.

هذا من جانب. من جانب آخر ، فإن هناك الكثير من المواقف الأمريكية المشبوهة من الأوضاع الداخلية في دول مجلس التعاون بحاجة الى مناقشة ولا بد ان يوضع حد لها.

ولهذا، وبالنسبة الى منتدى التعاون الاستراتيجي بين دول المجلس وأمريكا، فإنه قبل الحديث عن أوجه تعاون أو عن أي خطوات جيدة مثل ما قيل عن إقامة درع صاروخية أو غيره.. قبل هذا، لا بد بداية من وضع حدود وضوابط استراتيجية واضحة للعلاقات بين الطرفين.

وهذا ما سنناقشه في المقال القادم بإذن الله.



.

نسخة للطباعة

ليس هذا وقته يا سادة!!

تابع الجميع من داخل البحرين ومن خارجها ما جرى في جلسة مجلس النواب أمس الأول.. تلقينا سيلا من الاتصالات والت... [المزيد]

الأعداد السابقة