الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٣٧ - الأربعاء ١١ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ١٩ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


ما الجديد في محادثات السبت؟!





السبت القادم، سوف تجري جولة جديدة من المحادثات بين ايران ومجموعة ٥+١ حول الازمة النووية الايرانية.

هذه الجولة من المحادثات من المفروض ان تتابعها دول الخليج العربية باهتمام شديد، ليس فقط لأن قضية تهمنا بشكل عام، لكن ايضا لأسباب مهمة سوف اشرحها لاحقا.

من الملاحظ, بداية, في اليومين الماضيين ان الطرفين الاساسيين، أي امريكا وايران، اتخذا مواقف معلنة متشددة قبيل بدء المحادثات.

امريكا والدول الاخرى المشاركة في الاجتماع اعلنت بعض المطالب التي سوف تطرحها في المحادثات، واهمها المطالبة بتجميد نشاط منشآت فوردو النووية، ووقف تخصيب اليورانيوم بنسبة ٢٠% بالاضافة الى تشديد عمليات التفتيش.

وترافق مع هذا، تصريحات سياسية متشددة من المسئولين الامريكيين من قبيل ما اعلنته وزيرة الخارجية الامريكية من ان فرصة الحل الدبلوماسي للأزمة الايرانية ليست متاحة الى ما لا نهاية. ومنها اعلان مسئولين امريكيين ان هذه المحادثات هي الفرصة الأخيرة المتاحة امام ايران للتوصل الى حل دبلوماسي للأزمة. وايضا، اصرار المسئولين الأمريكيين على ان ايران مطالبة في المحادثات بأن تثبت جديتها في حل الأزمة وان تتوقف عن التسويف والمناورات.

بالمقابل، يتخذ المسئولون الايرانيون موقفا متشددا ايضا ازاء هذه المطالب والمواقف الغربية قبل بدء المحادثات. وقد اعلن الايرانيون بالفعل انهم يرفضون مسبقا هذه المطالب ويعتبرونها شروطا مسبقة للمحادثات، وهي شروط غير مقبولة وان ايران لا تريد دخول المحادثات في ظل أي شرط مسبق. في الوقت نفسه يؤكد الايرانيون انهم لن يتخلوا عن حقوقهم في التخصيب او غيره، وان التهديد بفرض عقوبات نفطية جديدة امر لا يعنيهم.. وهكذا.

يمكن القول ان هذا التشدد الظاهر في مواقف الطرفين قبل بدء المحادثات، لا يعكس حقيقة المواقف بالفعل.

مفهوم ان هذا تكتيك تفاوضي معروف في أي محادثات، حيث يبدأ الطرفان في طرح اقصى مطالبهم وشروطهم، من دون ان يعني هذا بالضرورة ان هذا هو الموقف النهائي الذي سيكون مطروحا على مائدة المحادثات.

اغلب المحللين الغربيين الذين ناقشوا هذه المحادثات، توقعوا ان تكون جولة المحادثات هذه مختلفة عن سابقاتها، ويعتقدون ان «تقدما ما» سوف يتحقق هذه المرة.

بعبارة اخرى، يتوقع المحللون ان يكون هناك قدر من المرونة من جانب الطرفين بما قد يتيح تحقيق قدر من التقدم.

والحقيقة ان هذا الرأي له وجاهته لسبب محدد، هو ان الطرفين الاساسيين في المواجهة، أي ايران وامريكا، هما في مأزق اليوم. وقيادة البلدين على وعي بهذا، وبضرورة تحقيق قدر من التقدم يخفف من وطأة هذا المأزق مؤقتا على الأقل.

بالنسبة إلى إيران، مأزقها معروف. هي تواجه تطورات اقليمية غير مواتية وفي غير صالحها، وخصوصا في سوريا. وفي الوقت ذاته، فان وطأة وتأثير العقوبات المفروضة ليست بالأمر الذي يستهان به، وخصوصا اذا تم فرض حظر نفطي عليها.

وعلى الرغم من كل استعراضات القوة الايرانية واظهار عدم اكتراثها بالتهديدات الامريكية و الاسرائيلية، فان إيران تريد بالتأكيد تجنب احتمال تعرضها لضربة عسكرية في الوقت الحاضر او مستقبلا.

أما بالنسبة الى أمريكا، تمر ادارة اوباما ايضا بمأزق صعب فيما يتعلق بالأزمة الايرانية تحديدا.

اوباما، الساعي لاعادة انتخابه، يواجه ضغوطا شديدة فيما يتعلق بطريقة التعامل مع الأزمة الايرانية. كثيرون يتهمونه بالليونة والضعف وعدم الحزم في تعامله مع الازمة. وكثيرون يدقون طبول الحرب ويروجون للخيار العسكري في التعامل مع ايران.

في الوقت نفسه، لا يمكن لأوباما ان يفكر في الخيار العسكري ضد ايران في القوت الحاضر. فهو لا يعرف ما الذي يمكن ان يترتب على ذلك واي كوارث يمكن ان تحل. ومن الممكن ان يقضي التفكير جديا في هذا الخيار او اللجوء اليه الى القضاء على فرص اعادة انتخابه.

اذن، ايران وامريكا في مأزق. وهناك قناعة من الطرفين بالحاجة الى تحقيق انجاز ما في المحادثات القادمة، والى الوصول الى نقطة وسط ما تتيح القول على الاقل بأن هناك خطوة تم انجازها.

المشكلة هنا، أي تنازلات بالضبط من الممكن ان يقدمها الطرفان؟.. وما الجديد الذي يمكن ان يقدمه اوباما بالضبط للايرانيين في سبيل تحقق هذا التقدم المنشود؟.. وهل يمكن ان يكون ما هو على استعداد لتقديمه على حساب دول الخليج العربية؟

هذه قضية جوهرية بالنسبة إلينا في دول الخليج العربية.

في المقال القادم باذن الله سنناقش المطروح في هذا الصدد.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة