محللون إسرائيليون يدعون إلى التريث قبل توجيه أي ضربة عسكرية إلى إيران
 تاريخ النشر : الأحد ١٥ أبريل ٢٠١٢
بيروت - من: «أورينت برس»
بعد انتشار أنباء على صعيد واسع من احتمال حدوث هجوم استباقي ايراني على الدولة العبرية تحسباً من اي ضربات عسكرية تخطط لها تل ابيب ضد المنشآت النووية الايرانية، تحاول حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أن تطمئن الاسرائيليين إلى انها قادرة على ان تهاجم إيران وتستوعب ردها الصاروخي بأقل قدر من الضحايا المدنيين في اسرائيل.
لكن هذه الرسالة التي تحاول الحكومة ان تذيعها، تتناقض على نحو صارخ مع تحليلات بعض الاستراتيجيين والمحللين الاسرائيليين المطلعين على الشأن الايراني وعلى عملية تطوير إيران للصواريخ الباليستية وللبرنامج النووي خاصتها. ويقول هؤلاء انه من الغباء الاعتقاد ان إيران أضعف من أن تهدد بهجوم مضاد فعال ضد اسرائيل ولاسيما في ظل الردع الصاروخي الذي تعد له إيران والقادر على إحداث أضرار كبيرة ضد أهداف إسرائيلية في حال وقعت الحرب.
«أورينت برس» أعدت التقرير التالي:
أظهر سكان إسرائيل في الاشهر القليلة المنصرمة قلقا جديا من احتمال نشوب حرب مع ايران، وينجم جزء كبير من هذه المخاوف من خطر الصواريخ الإيرانية المتطورة التي يعتقد انها قادرة على تدمير احياء اسرائيلية برمتها والوصول إلى اهم الاهداف الاقتصادية والإدارية في قلب الدولة العبرية الغاصبة.
ضرورة التريث
ومن المحللين الاسرائيليين الذين يعتبرون انه لابد من اخذ قوة إيران درعها الصاروخية بعين الاعتبار والقلق، المحلل يوسي ألفر، وهو مستشار وكاتب متخصص في القضايا الاستراتيجية والمدير السابق لمركز جافي للدراسات الاستراتيجية في جامعة تل أبيب. ويرى الفر: «ان الخطر الايراني الداهم الذي يصورونه ليس كبيراً إلى هذه الدرجة، وهو ليس بخطورة التفجيرات الانتحارية التي عمت البلاد في مرحلة ما لذلك لابد من التريث قبل اعلان الحرب وخصوصا أن السيناريوهات التي تنطوي على مثل هذه الحرب هي غامضة جدا في نظر الجمهور الذي يتوجس منها شرا».
أما عوزي روبين، الذي كان مسؤولا عن نظام الدفاع الصاروخي في إسرائيل بين عامي ١٩٩١ و١٩٩٩، وترأس برنامج «آرو» لتطوير نظام درع صاروخي مضاد للصواريخ، فيرى انه «عندما ننظر إلى قدرات إيران العسكرية سنحمل اخبارا سيئة إلى اسرائيل، فمن شأن اي ضربة اسرائيلية لايران ان تدفع الاخيرة إلى الرد باستخدام الصواريخ الباليستية الدقيقة في اصابة اهدافها، وبالتالي انزال خسائر فادحة باسرائيل. ففي غضون فترة زمنية قصيرة جدا، تحسنت دقة الصواريخ الايرانية وباتت تحسب على بعد امتار قليلة من الهدف بعدما كانت في السابق تقع على بعد بضعة كيلومترات».
ورأى ان هذا التحسن من شأنه أن يعطي إيران القدرة على ضرب البنية التحتية لاسرائيل، وان يشل مفاتيح البلاد ومنشآتها الاقتصادية والإدارية. وتابع بتهكم: «أود أن أسأل أصدقائي العسكريين كيف يشعرون واسرائيل تخوض حربا من دون محطات كهرباء في حال قصفها الإيرانيون؟»، في اشارة إلى ان إيران ستضرب مؤسسات الكهرباء والمياه وغيرها من المرافق الحيوية في الدولة العبرية في حال نشوب اي حرب ضدها كخطوة اولى ولاسيما انها قادرة على ذلك.
ويعتقد روبن ان عواقب الضربات الصاروخية الايرانية على الاهداف الإدارية يمكن أن تكون أكثر خطورة، مشيرا إلى انه «اذا انهارت الحكومة المدنية فالجيش سيجد صعوبة في اكمال الحرب».
أهداف سهلة
أما قلق روبن الابرز فهو في مجال آخر، اذ يعتبر انه في حال تحسنت دقة الصواريخ الإيرانية بشكل اكبر، وهو «امر لابد ان يحدث في المستقبل القريب» برأيه، عندها، ستكون إيران قادرة على تنفيذ هجمات ضد القواعد الجوية الإسرائيلية التي تتركز في أماكن قليلة فقط من اسرائيل مما يجعلها اهدافا سهلة، وبالتالي قد يشل حركة سلاح الجو.
وفيما اقترح بعض المحللين الاسرائيليين ان تقوم اسرائيل أولاً بضرب الصواريخ الإيرانية بشكل استباقي لمنع الجمهورية الاسلامية من استخدامها، يقول روبن ان اسرائيل لم تعد قادرة على الاعتماد على فكرة أنها تستطيع ضرب الصواريخ الإيرانية قبل إطلاقها. فلطالما كانت صواريخ إيران طويلة المدى معروضة على منصات محمولة ومتنقلة، وبالتالي فالرسالة كانت واضحة للعالم اجمع وهي ان قوة إيران الصاروخية متحركة بشكل كامل، وبالتالي، ليس من السهل القيام بضربها استباقيا. واعترف روبن، الذي طالب بتخصيص المزيد من الاموال والابحاث لتطوير نظام «آرو» الاسرائيلي المضاد للصواريخ ان هذا النظام بامكانه ان يحد من عدد الصواريخ الايرانية لكن ليس بمقدوره ان يمنعها كلها. وقد لفت إلى ان نظام «آرو» اصاب النجاح في صد أكثر من ٨٠ في المائة من الصواريخ في اختبارات مختلفة على مدى السنوات الماضية، لكنه اوضح ايضاً ان مثل هذه النسبة ليست كافية في اي معركة وان نسبة العشرين في المائة المتبقية قادرة على احداث ضرر كبير.
نظام جديد
وكانت الولايات المتحدة واسرائيل قد بدأتا في عام ٢٠٠٩ باستحداث نسخة جديدة من نظام الدفاع الصاروخي آرو يسمى بالعبرية «رشيف ٣»، أو «السهم ٣»، الذي يهدف إلى اعتراض الصواريخ الإيرانية ما فوق الغلاف الجوي، وابعادها بعيدا عن الاراضي الاسرائيلية. ويستطيع النظام الجديد المضاد للصواريخ تغيير مسار الصاروخ الدفاعي وخداعه. ولكن حتى شهر نوفمبر الماضي، لم يكن من المتوقع أن يصبح نظام «السهم ٣» قيد التشغيل قبيل عام .٢٠١٥ وقد اعتبرت هذه الاجندة طموحا جدا من قبل وكالة الصواريخ الدفاعية الامريكية التي اشارت إلى ان مثل هذا النظام قد يحتاج إلى وقت اطول لتطويره واختباره كما يجب قبل ان يصبح قيد الخدمة لذلك فربما يستغرق عشر سنوات.
ولكن وكالة انباء شينخوا الصينية الرسمية، ذكرت في نوفمبر الماضي أيضاً أن مسؤولي سلاح الجو الإسرائيلي قد قالوا انهم يتوقعون بدء العمل بنظام «السهم ٣» في منتصف عام ٢٠١٣، مختصرين سنوات عدة من العمل.
دقة كبرى
يذكر انه في ديسمبر ٢٠٠٨، تحدثت مصادر استخباراتية غربية عن ان إيران تنتج نسخة محسنة من الصاروخ الباليستي «شهاب ٣»، وانه يعتقد أن إيران ستكون قادرة على انتاج ٧٥ صاروخا من هذه الصواريخ المحسنة سنويا.
وفي نوفمبر ٢٠٠٩، قال الجنرال جابي اشكنازي، رئيس هيئة الاركان آنذاك، امام وفد زائر من الكونجرس ان إيران لديها بالفعل ٣٠٠ صاروخ قادر على ضرب أهداف إسرائيلية، وذلك وفقا لبرقية مسربة من وزارة الخارجية الامريكية نشرها موقع ويكيليكس.
هذه التقارير تشير إلى ان إيران لديها الآن ما يقرب من ٤٥٠ صاروخا قادرا على الوصول إلى إسرائيل، وان نصف هذه الصواريخ هي نماذج محسنة بدقة أكبر. وبرأي الخبراء «حتى لو تمكن واحد من اصل خمسة من هذه الصواريخ من اختراق الدفاعات الصاروخية لإسرائيل، فيمكن أن تصاب المدن الإسرائيلية بما لا يقل عن ١٠٠ صاروخ في حال نشوب اي حرب، وهي في معظمها قادرة على ضرب الأهداف بدقة كبيرة».
في هذا الاطار، سعت حكومة نتنياهو إلى الحد من المخاوف الاسرائيلية من اي رد ايراني انتقامي محتمل، مشبهة اي حرب مقبلة مع إيران بحربها مع «حزب الله» في لبنان ومعركتها ضد الصواريخ الفلسطينية المنطلقة من قطاع غزة في الآونة الاخيرة التي أسفرت عن خسائر قليلة نسبيا من المدنيين الإسرائيليين.
تلك كانت الرسالة التي نقلها مسؤولون عسكريون اسرائيليون إلى وسائل الاعلام الاسرائيلية بعد تصاعد العنف بين الجيش الاسرائيلي والجماعات الفلسطينية في غزة في وقت سابق من هذا الشهر.
وتكهن بعض الخبراء بأن حكومة نتنياهو تقصدت التصعيد في غزة واستفزاز الحركات والفصائل الفسلطينية من اجل اثبات نجاح نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي والمعروف باسم القبة الحديدية، وطمأنة المدنيين الاسرائيليين، لكن الجميع يعلم ان الصواريخ التي يطلقها الناشطون الفلسطينيون لا تقارن على الاطلاق بما في جعبة إيران من صواريخ بعيدة المدى.
.
مقالات أخرى...
- الانتخابات الرئاسية المصرية وأبرز المرشحين في دائرة الجدلانتقادات للإخوان المسلمين بسبب قرارهم بالترشح لانتخابات الرئاسة - (13 أبريل 2012)
- مخاض الإسلاميين الجزائريين ينتظر الانتخابات التشريعية - (12 أبريل 2012)
- أسراب الطائرات المقاتلة بلا طيار ستغزو سماءنا تطوير أجيال جديدة من طائرات حربية مقاتلة بلا طيار - (12 أبريل 2012)
- ما الذي يمنع التدخل العسكري في سوريا؟ - (11 أبريل 2012)
- بين التحكمات الداخلية والخارجية: مصير العراق.. هل يحدده البعثيون؟ - (11 أبريل 2012)
- هل يبدأ سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط؟ - (9 أبريل 2012)
- بعد فوز موفاز بزعامة «كاديما».. ليفني كتبت نهايتها السياسية بيدها - (5 أبريل 2012)
- هل الرئيس الإيراني نجاد رئيس بلا سلطة فعلية؟ - (1 أبريل 2012)
- الثورات العربية.. هل تبشر بقدوم دولة الخلافة الإسلامية؟ - (1 أبريل 2012)