الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٤٤ - الأربعاء ١٨ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٢٦ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

الرأي الثالث


بريطانيا والسفارة.. السؤال والجواب





مفارقة عجيبة غريبة.. ورسالة دبلوماسية بريطانية مثيرة للدهشة.. ففي الوقت الذي مارست فيه مملكة البحرين حماية السفارة البريطانية من تجاوزات بعض الأشخاص المتظاهرين في المنامة منذ أيام، وحافظت على سلامة البعثة الدبلوماسية البريطانية تنفيذا لبنود اتفاقية فيينا، وتأكيدا لعادات وتقاليد بحرينية وعربية وإسلامية، راسخة وثابتة، في حماية أرواح الأجانب وصون كرامتهم والحفاظ على مصالح بلادهم، في هذا التوقيت بالذات سمحت السلطات البريطانية باحتلال سطح مبنى السفارة البحرينية في لندن، إما تهاونا وتراخيا وغيابا لليقظة الأمنية فيها، وهو الاحتمال الأول، ولكنه بالتأكيد احتمال مستبعد لمعرفتنا بالجوانب الأمنية البريطانية المشددة، وإما أن السلطات البريطانية علمت بالحادثة الإرهابية وغضت النظر عنها لاعتبارات سياسية، وهو الاحتمال الثاني وأتصور أنه الأرجح.

هذا الاحتمال الأرجح يقودنا إلى التصريح الذي أدلى به منذ أيام المسئول الأمني البريطاني بأنه يجد أن المنامة آمنة أكثر من لندن، وما هي إلا ساعات قليلة حتى تبين للجميع صدق التصريح وواقعيته..!!

من الطبيعي جدا أن يتساءل المواطن البحريني اليوم: ماذا لو أن ما وقع لسفارة البحرين في لندن قد حصل مع سفارة أمريكا أو روسيا أو حتى فرنسا في لندن، هل كانت السلطات البريطانية ستتعامل مع تلك الحادثة بنفس النهج والأسلوب، البطيء والمتأخر، تحت دعاوى وتبريرات التعامل القانوني، أم انها ستنهي الأمر في دقائق معدودة..؟؟ ثم ماذا لو ان ما حصل لسفارة البحرين في لندن قد وقع لسفارة بريطانيا في المنامة، لا سمح الله، هل ستكتفي السلطات البريطانية بالانصياع لمطالب المخربين وتتفاوض معهم وتدعو البحرين الى التعامل القانوني معهم؟ أم إنها سترسل فرقا أمنية ومسئولين من الخارجية البريطانية للوقوف على الحادثة وضمان عدم تكرارها حرصا وحفاظا على سلامة أرواح أعضاء البعثة الدبلوماسية..؟؟

أين ذهبت اتفاقية فيينا؟ وأين هي لندن الآمنة والأمينة؟ أسئلة لن تجيب عنها السلطة البريطانية لأنها تركت الحادثة تأخذ المزيد من الوقت حتى يتم تسليط الضوء الإعلامي والسياسي الدولي عليها، ويبدأ الحديث عن الأوضاع في البحرين، وخاصة أن الحادثة تتزامن مع استعداد البحرين لسباق الفورمولا، وبالتالي يتم ممارسة الضغوط السياسية والإعلامية على البحرين.

العمل الإرهابي على سفارة البحرين في لندن تتحمل مسئوليته السلطات البريطانية وحدها، لأنها ضالعة فيه وعن جدارة، إما بالتهاون والتراخي وإما عبر الموافقة الضمنية لأسباب سياسية وممارسة لضغوط باتت معروفة بالاتفاق مع جهات معلومة أجنبية، لعل من أبرزها تخفيف حدة الضغط الخليجي الحاصل ضد إيران حول زيارة نجاد والتصعيد الإيراني مع الجزر الإماراتية المحتلة.. وقديما قيل «إذا عرف السبب بطل العجب».

اعتذار سفير بريطانيا في البحرين الذي أدلى به بالأمس خلال مناسبة عامة أمام كبار المسئولين لا يفيد، والحديث عن أن العمل الإرهابي لن يؤثر على طبيعة العلاقات البحرينية البريطانية غير سليم، بل ان هذه الحادثة تستوجب أن تعيد بريطانيا النظر في تعاملها مع حق اللجوء ومنح الجنسية للإرهابيين الذين وفرت لهم الحماية والغطاء.. لاحظ هنا أنه حتى اللحظة لم تقم الدولة باستدعاء سفير بريطانيا لمناقشة الموضوع والوقوف على تطوراته..!!

أمر أخير جدير بالتوقف والمراجعة.. هو تصريح مسئول الخارجية البحرينية في المؤتمر الصحفي لمتابعة الحادثة بالأمس حينما قال: ان السلطات البريطانية تتفاوض مع «الجماعة»..!!، ولا ندري أي جماعة يقصد، وهل هؤلاء من جماعة مواطني البحرين الشرفاء؟ لأن لفظ «الجماعة» هكذا من دون تحديد هو تصريح غير حصيف ولا دبلوماسي، الأمر الذي يدعونا أن نطالب الوزارة بأن تسارع بتعيين ناطق رسمي عنها يمتلك من الدبلوماسية والحس السياسي والإعلامي الكثير وهو الأمر الذي فقد في المؤتمر الصحفي..!!

عموما بالأمس تم انهاء الحادثة والقبض على الإرهابيين، ولكن يبقى السؤال: من يضمن عدم تكرارها..؟ وما هي الحادثة القادمة..؟؟



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة