شعب البحرين الطيب
 تاريخ النشر : الأربعاء ١٨ أبريل ٢٠١٢
كانت البحرين في الماضي ملتقى للحضارات والأديان، فمن دلمون مروراً بتايلوس إلى أوال ظلت هذه الجزيرة مركزاً وممرا لتجارة العالم، تستقطب مختلف الأجناس والألوان على تعدد الأطياف بمشاربهم ومواردهم، تحتضنهم وتجمع بينهم، ويجدون فيها القلب النابض بالألفة والحيوية، وهذا هو السر الكامن وراء ارتقاء لؤلؤة الخليج من بين شقيقاتها في المنطقة، حيث استوعبت مزيج الحضارات وصار لشعبها المتحضر نكهة ميزته بالعديد من الصفات المحببة التي منحته الشهرة والسمعة المرموقة بين شعوب الأرض. فعرف بحسن ضيافته وكرمه، ودماثة أخلاق أهله، وإجادة اللغات فتقبل الآخرين برحابة صدر، واعتاد التعامل مع مختلف الأجناس والأعراق ولم يفرق لجنس أودين أو لون، وبات كل من مر بجزيرتنا وعرف أهلها يتوق ويحبذ العودة إليهم أو زيارتهم والتعرف إلى طباعهم وخصالهم الحميدة ويكسب من تجارته فوق أرضهم.
وقد ورثنا عنهم هذه الخصال جيلا بعد جيل وصارت الضيافة والحفاوة بالقادمين جزءا من تقاليدنا وعرفنا، بالأمس قال لي أحد السياح العرب وكان يتحدث بلذة وإعجاب، قال هذه المرة الأولى التي أزور فيها البحرين، وكنت اسمع عن بعض أسواقها ومناطقها من أصدقائي، فإذا صدف أن سألت احد المارة من أهل البحرين عن موضع ما، قال لي اتبعني، وغير مساره حتى يوصلني إلى المكان الذي سألت عنه، وقد تكرر لي هذا المشهد، وهو يعبر عن الطيبة والأصالة بمنتهى العفوية المتأصلة في النفوس ويدل على مدى رحابة الصدر والاحتفاء بالزائرين، وهو ما لم أجده في مكان آخر.
وأضاف من السمات المميزة لأهل البحرين، أنه ما يكاد يتعرف إليك إلا ويسألك بلطف من أين أنت؟ وكم قضيت في البحرين؟ وتجده بسرعة تآلف معك، وانفتح عليك وبادلك الحديث وأذهب عنك الإحساس بالغربة لطيبة حديثه وحسن معشره، بأخلاقه الحميدة وانفتاحه الذي يرجع لثقافته العالية، ومما ذكر لي إعجابه بان البحرينيين يجيدون عدة لغات فيتكلمون العربية والإنكليزية والأوردية ولغات آسيوية متعددة ما يدل على حيوية هذا الشعب ومرونته، ولم ينس أن يفجعني بسؤال أحرجني فيه كثيرا، قال سمعت عما يقال عن أزمة بلادكم وأنها تعيش حالياً أجواءً مؤسفة نتيجة للتوترات السياسية، ووجود فتنة طائفية يتحدث عنها الإعلام والصحف، ومازلت مستغربا كيف تقبلتم كل هذا الاختلاف مع الآخرين وهو آتٍ من الخارج وصهرتموه، وعجزتم عن التآلف بينكم؟ فكاد أن يبكيني حقا ولملمت شفاهي فاعتذر حينما شاهد تلكؤي وعفاني من الإحراج، وأردت أن انقل إلى أبناء شعبي هذه التجربة رغم مرارتها لعل هناك من يجيب بما لم استطع الإجابة عنه. فهل من محتسب؟
علي جعفر محمد
.