مهمــة فاشلــة
 تاريخ النشر : الجمعة ٢٠ أبريل ٢٠١٢
حامد عزت الصياد
إسرائيل والغرب والأمريكان أصل المشكلة..
لم يعد ينطلي على السوريين الامتعاضات الأمريكية والغربية من تصاعد أعمال العنف في سوريا، فلو أرادت أمريكا وحدها أن تسقط الأسد لفعلت منذ زمن، ولكن الحليف الصهيوني يلقي بظلال من الشك على جدوى الثورة السورية وما ستسفر عنه من صعود لتيار الإسلام السياسي الذي سيهدد أمنها القومي وان أزهقت شبيحة الأسد في سبيل ذلك، عشرات الآلاف من الأرواح في سوريا.
كعقدة لا يوجد لها سبب، لم أكن أتوقع أن تأتي ردود الأفعال على خروقات شبيحة الأسد لمهمة «عنان» بالأسف الأمريكي المعلن على لسان «سوزان رايس» المندوبة الدائمة للأمم المتحدة وقلقها بشأن استمرار العنف في سوريا، حيث تشكك والحال هكذا، في مدى صواب إرسال فوق ما أرسل من فريق القبعات الزرقاء، كامل بعثة المراقبة الدولية البالغ عددهم ٢٥٠ مراقبا..
بعض الخبراء يقدرون عدد أفراد البعثة أكبر من ذلك بكثير لو استمر الأسد باحترام وقف إطلاق النار، وسحب الآليات الثقيلة والدبابات خارج المدن، وإطلاق سراح الثوار، والكشف عن المفقودين، والسماح بإيصال المساعدات العاجلة للمهجرين..
لكن بما أن خطة عنان تقوم في الأساس على مشروع هش لرغبة دولية في جلوس شبيحة الأسد مع الثوار حول طاولة الحوار وهو ما يرفضه المجلس الانتقالي والجيش الحر جملة وتفصيلا، فإن هذا التحمس الدولي له ما يبرره من أسباب، كونه السبيل الوحيد المدعوم بقرار دولي يلزم كتائب الأسد من عدم التمادي في القتل، علما أن بنود هذه الخطة قد أثارت ضجة لحلفاء الأسد في موسكو وبيجين وطهران وبغداد وتل أبيب، وقد أحيطت بكثير التلاسن الأمريكي والتلاعب الصهيوني والالتفاف الغربي.
تأسيسا على ما تقدم، لم يكن الموقف الغربي قلقا من سياسة الالتفاف حول عنق الضحية طالما أن ذلك يرضي إسرائيل، إلا أن حجم الانفعال الذي أصاب الجميع خوفا من إفشال مهمة فاشلة من الأساس، هو عندما غادر فجأة الجنرال النرويجي «روبرت مود» رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا فور وصوله العاصمة السورية دمشق، وكأن الرجل يعلن سلفا رفضه للآلية التي ترغب فيها شبيحة الأسد بالتجول مع فريق البعثة في انحاء سوريا وفرض املاءاتها على رئيس البعثة، تماما كما فعل مع رئيس بعثة المراقبين العرب منذ ثلاثة أشهر.
اعتماد مفاهيم جديدة للشرعية الدولية هو اعتبار الجانب الأخلاقي سائدا على تبادل المصالح والمنافع في السياسة الدولية، وهو بلا شك جانب مفقود في الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن، ومن ثم لا اعتبار مطلقا للأخلاق والمعاناة الإنسانية في عرف روسيا والصين، إلا أن الواقع الذي نشأ على الأرض السورية كان مسخا لخطة «كوفي عنان» بما جعل مهمة البعثة الدولية مستحيلة التنفيذ، فقرر الجنرال النرويجي الانسحاب من رئاسة البعثة والعودة إلى بلاده على الطائرة نفسها التي أقلته إلى دمشق.
هذا الموقف المشرف للجنرال النرويجي لا يوازيه شيء سوى موقف أعادني للعاشر من يناير الماضي، عندما انسحب الصحفي الجزائري «أنور مالك» عضو بعثة المراقبين العرب اعتراضا على تغطية جرائم الأسد وكشف الغطاء عن مدى سلبية رئيس بعثة مراقبي الجامعة العربية واعتبر كثير من السوريين الشرفاء موقف «أنور مالك» لا يقدر بثمن.
.