الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٤٩ - الاثنين ٢٣ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٢ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عالم يتغير




انقلاب الصورة: متى كان التخريب والإرهاب من الحقوق في الوطن؟





} غالبية المسيرات سواء المرخصة أو غير المرخصة، هي من النساء أو الأطفال والمراهقين، في أبشع صورة من الاستغلال والتشويه، والاعتداء السياسي والحقوقي على الطفل والمرأة، فيما يتحصن رجالهم في الخلف عادة، أو لا يظهرون الا أفرادا قلائل، ثم يتباكون على الحرائر وانتهاك حرمتهن، مثلما يتباكون على الأطفال والمراهقين ويتجاهلون انهم يستخدمون الفئتين بشكل مخالف لكل الحرمات وكل القوانين وعلى الحقوق، وأنهما الجسد الأساس لكل المسيرات غير المرخصة (النساء مادتها الأولى) ولكل أعمال العنف والإرهاب (الأطفال والمراهقون لبنتها الأساس).

} بعدها ما إن تتاح الفرصة للحوار مع هؤلاء، أو ما ان يتصدى اي رجل أمن لعنفهم وتخريبهم أو لمنعهم من مسيرات غير مرخصة سرعان ما تتحول بدورها إلى أعمال عنفية وتخريبية، حتى يأتي الرد الببغائي جاهزا بأثر التلقين التخريبي للوعي:

هذه بلادنا ونحن أحرار أن نفعل ما نريد، ذات الإجابة يحصل عليها أي أو أي كان حين يتصدى للحوار معهم، كما حدث مع الإعلامي المعروف، «محمد العرب» في فيلمه الوثائقي الأول، وسط المخربين والإرهابيين في جزيرة سترة حيث قالوا: هذه أرضنا ونحن أحرار أن نفعل ما نريد.

هم إذاً قد تم غسل أدمغتهم من القادة المحرضين بأمرين ونحن نكتب في هذا المجال فقط عن غسل الأدمغة:

الأول: ان هذه بلادهم وحدهم وهذا أمر غريب بالفعل.

الثاني: ان التعبير عن الانتماء إلى هذا البلد هو بجواز التخريب والعنف والإرهاب بل اعتبارها (حقوقا) وهذا أمر أكثر غرابة وبكل المقاييس.

وكلا الأمرين يحمل الكثير مما لا يوصف من المنطق المنقلب والمعوج، ومعاني الإقصاء والاستبداد والعلاقة المرضية بالوطن وبالمكونات المجتمعية الاخرى، وهي التي للغرابة المكونات التي ترتبط بعلاقة حب حقيقية مع الوطن، واثبتت ذلك إبان الأزمة وتكالب المخططات وافشلتها، مثلما أثبتت حرصها على النأي به عن كل أذى وعنف أو تخريب وإرهاب، ومارست الكثير من ضبط النفس لعدم الانجرار وراء ردات الفعل المنفلتة، الا باستثناءات نادرة جراء انسياق هؤلاء وراء ممارساتهم اللاقانونية.

} هذا (المفهوم الاحتكاري) للوطن ومن ثم اعتبار التخريب والارهاب او اختراق القوانين، أو نشر الفوضى، حقوقا في الوطن من دون أن يرافقها أي واجبات أو مسؤولية تعتبر تعبيرا عن الحرية المغلوطة في (توطين الإرهاب) وهو في حد ذاته من الأمور، التي يتم عبرها الاعتداء على الوطن ومفهوم الوطنية ومفهوم الانتماء، مثلما هو تعبير عن اختلال في عقل القادة المحرضين والملقنين وانقلاب للصورة، وبما يفيدنا جميعا اننا هنا لا نتعامل مع عقول سياسية لدى قادتهم وانما نتعامل مع عقول غوغائية مريضة تضرب في صميم الوطنية ومعنى الانتماء، مثلما تضرب في العلاقة بين مكونات هذا الشعب، على أرضية (الذهنية الاحتكارية) للوطن المشترك، فمتى كان وفي العالم كله، أي بلد أو أي وطن حكرا على فئة واحدة؟ وللطرافة هي الفئة العابثة به وبمصالحه الحقيقية، ومتى كان أي بلد أو وطن حكرا على طائفة، وخاصة انها لم تستطع حتى الآن لجم العابثين بالبلاد والعباد باسمها، أو لجم المتحدثين عن مصالحها في ظل نأيهم بتلك المصالح عن مصالح بقية المكونات، بل المصالح العليا للوطن نفسه؟

} متى كان معنى الانتماء للبلاد أو للأرض هو عبر اغتصاب حق ممارسة التخريب والإرهاب بل اعتبارهما (حرية تعبير)؟

أي درجة من (الغوغائية الفكرية والنفسية) فيما سبق ولن نقول السياسية، بعد أن انعدمت في أوساط هؤلاء الكثير من المواصفات السياسية والقيم الأخلاقية والوطنية والحقوقية تجاه المكونات الأخرى وتجاه قادة البلاد الشرعيين وعلى رأسهم جلالة الملك، بل غرق زعماؤهم ومحرضوهم في مستنقعات لا صلة لها بهذه الأرض، ولا بأخلاق أهل هذه الأرض عبر التاريخ، مثلما لا صلة لها بمفاهيم الوطنية والديمقراطية والحقوق، التي يتشدقون بها خلف ميكروفوناتهم وفي الفضائيات بشكل دائم حتى أصبح المراقب العارف بحقيقة الأوضاع وحجم ممارساتهم في الكذب والتلفيق، يصاب بالغثيان ما ان يسمع لواحد منهم مصادفة؟

} إن كان هؤلاء قد تدربوا على أيدي المخططين في الخارج إقليميا ودوليا، في كيفية سوق الأكاذيب، واختراق كل الأخلاقيات وكيفية تفتيت الوطن وزرع الكراهية في النفوس واختلاق الفوضى عبر كل الطرائق، فان ذلك بعد الوعي الرسمي والشعبي به، لا يعطيهم ولو بأدنى الدرجات حق العبث بهذا الوطن وشعبه ومستقبله ومستقبل أجياله بحجة مضحكة (هذه بلادنا ونحن أحرار أن نفعل فيها ما نشاء)، مثل هذه الحجة من الممكن أن يقولها مجنون أما أن يقولها عاقل فذلك سبب للضحك فعلا. (لا) هذه ليست بلادكم وحدكم، ففيها غالبية ترفض منطقكم الاحتكاري، مثلما ترفض منهجكم وأساليبكم الإرهابية، للإضرار بهذا الوطن وشعبه وترفض أجندتكم المرتبطة بالخارج.

} وهذه الغالبية، حتى من المكون الذي تنتمون إليه، ترفض بناء على ما سبق خيانتكم للوطن باسمهم، وترفض بيع هويته وانتمائه وبيع جذوره العروبية، مثلما ترفض حراككم الانقلابي الطائفي، وبالتالي فلستم أبدا أحرارا فيما تفعلون، فالسفينة الواحدة على سطحها الجميع، ولهؤلاء حريات أيضا، وحقوق، وللبلاد قوانين ومؤسسات وانجازات وإصلاح وديمقراطية، وليس من حقكم العبث بكل ذلك، ولا إدخال (بلادنا وأرضنا) ايضا في الفوضى والإرهاب، أو تعميم العبودية لمرجعيات ومخططات خارجية على بلادنا وعلى الأحرار الحقيقيين في هذا الوطن الذين دافعوا بشراسة عن وطنهم في وجه كل ذلك، وفي وجه الغوغائية واللاأخلاقية، والاحتكار والفكر الاقصائي والخلفيات العنصرية، مثلما دافعوا بشراسة ضد العنف والتخريب والإرهاب والتحريض المنبري، وكل تلك الأمور وغيرها لا يقوم بها من يحب هذه الأرض أو من يدعي الانتماء إليها أو يدعي رغبة الإصلاح فيها. هذه جميعها أمراض تدربتم عليها خارج هذا الوطن ودفعتكم إليها أياد من خارج هذا الوطن أيضا، ولمصالح لا تنتمي قيد أنملة لهذا الوطن فلا تزايدوا على الآخرين بما تدربتم عليه من مفاهيم ومصطلحات، أصبحت مكشوفة تماما لكل الجهات هنا، وهذه بلادنا جميعا وأرضنا جميعا ووطننا جميعا، ومن يستحق الانتماء إلى كل ذلك هو فقط من يحافظ عليها وليس من يمارس التخريب والإرهاب فيها ثم يدعي انه يريد إصلاحها بعد إفسادها.

كفى تعني كفى.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة