الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٣٧ - الأربعاء ١١ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ١٩ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عالم يتغير


من واجب الدولة أن تتخذ كل الإجراءات





} إذا كنا نعيش في كنف دولة يحكمها القانون وتحكمها المؤسسات، في ظل الإصلاح والديمقراطية اللذين هما لجميع مكونات وفئات الشعب، فإن من حق الدولة أن تقف بصرامة في وجه أي جهة تريد القفز على كل ذلك، بل تتطرف لتعتقد ان لا مصالح في البلد إلا مصالحها وحدها، كما تراها هي من نظرة انقلابية طائفية، مقرونة باستبداد عقدي، وبروح اقصائية عنصرية، وبما يتناقض مع كل منجزات الدولة المدنية، التي تسير البحرين على طريقها بخطى ثابتة وواثقة.

} هؤلاء المتطرفون الولائيون، الذين تدربوا في مدرستين احداهما ولائية اقصائية قائمة على روح الكراهية والأحقاد الماضوية، وثانيتهما غربية تعرف دولها حقيقة هؤلاء وانتماءاتهم العقدية، وتريد تلميعهم في الظاهر (مدنيا) ليجمعوا في تعاليم المدرستين بين المتناقضات كلها. هؤلاء الذين تدربوا في الغرب وفي مؤسساته المشبوهة، على الكلام وترويج المصطلحات والمفاهيم الخادعة، مثلما تدربوا في تلك المنظمات الدولية وغيرها على فبركة الحقائق وقلبها، وبما يتناغم مع معتقدهم في (التقية)، يعتقدون انهم بذلك وبدفع عناصر التخريب في الداخل للتصعيد في الحرق واستهداف المركبات العامة والخاصة وواجهات البنوك واستهداف الفعاليات الكبيرة كل مرة، وبتحويل من ثبت عليهم الجرم وهم قيد الاعتقال، إلى أبطال ورموز ومناضلين، يعتقدون انهم بذلك وبغيره من البروبجندا والمسرحيات والعنف أن بإمكانهم ان ينتصروا على الوطن وعلى الدولة وعلى المكونات الرافضة لهم، بل ان يسلبوا النظام من شرعيته، وان يسلبوا الوطنيين والشرفاء حقوقهم في وطنهم من حيث الأمن والسلامة، وان يخلقوا بألاعيبهم المكشوفة (وعيا بديلا) للجميع، وهو الوعي الذي يجرهم نحو ردود الافعال تجاه ممارساتهم اللاأخلاقية واللادينية واللاسياسية، فتشب معها نيران الفتنة والفوضى.

} هؤلاء يعتقدون ان الناصية بيدهم حين هم يصعدون الإرهاب في الشارع، وبالتالي عبر ذلك التصعيد، وعبر الإعلام الخارجي الذي روجوا له حول إضراب «الخواجة» باعتباره قضية إنسانية، لكي يتهرب من القانون والعقاب، وبابتزاز الدولة من خلال ازدواج الجنسية، وطلب وزير الخارجية الدنماركي الإفراج عنه، اعتقدوا ان إرهابهم هذا سيلقى عمل القانون والمؤسسات، فبدأوا التحضير لملفات المعتقلين الآخرين ليبتزوا الدولة بها ككل مرة وإلى ما لا نهاية، وبدأت الوفاق «وهي تعتقد ان الحديد ساخن فلتبدأ بالطرق»، تدعو إلى الإفراج عن «مشيمع» وإرساله إلى لندن، مادام «الخواجة» مرشحا للذهاب إلى «الدنمارك». فجاءهم رد القضاء ليسكب على رؤوسهم الساخنة والمبخرة ماء باردا، علهم يفطنون هذه المرة، ان لعبة ابتزاز الدولة عبر العنف والتخريب وعبر الضغوط الأخرى الداخلية والخارجية، لم تعد مجدية، وانها ابتزاز استنفد صلاحياته، وان دولة ما بعد أزمة فبراير، ليست هي كما قبلها.

} اليوم القضية المثارة في التصعيد الإرهابي ليست «الخواجة» الذي يبدو انه فك اضرابه بعد ان فشلت المسرحية، وانما هي قضية كل من ثبت بالقانون جرمهم ضد الوطن ومواطنيه، سواء كانوا داخل السجن أو خارجه، وخاصة من الذين حضروا أنفسهم بالجنسية المزدوجة، حتى يجدوا لهم مخرجا لجرائمهم، وهم الذين يمارسون انقلابهم وإرهابهم وتخريبهم في الوطن، وتمزيق لحمته، ثم يعتمدون على دولة الجنسية الأخرى، لتتدخل بالضغط على دولتنا وعلى سيادتها وعلى قوانينها لإطلاق سراحهم كمعتقلين، أو عدم المساس بهم ان كانوا خارج السجن، فهذا إلى جانب الجنسية البحرينية لديه جنسية دنماركية، وذاك بريطانية، والثالث أمريكية، وغيره سويدية، وهلم جرا، ليكون غطاء لهم حين تتم المحاسبة أو المعاقبة، كأننا في مسرحية هزلية وليس في كنف وطن ودولة وقانون.

} المسألة اليوم هي الحفاظ على كيان الدولة وقوامها الدستوري في وجه هؤلاء، والحفاظ على سلامة الوطن وشعبه، من «فئة» كانت تعمل تحت الأرض للاستحواذ على السلطة، فباتت تعمل فوقه مع المشروع الإصلاحي، ولم تدخر أي وسيلة لتنفيذ رغباتها (الفئوية)، حتى يصل أحدهم إلى محاولة «الانتحار التدريجي» الموقوت في لحظة معينة، متزامنة مع سباق الفورمولا، لتتدخل الدولة البديلة للهوية ولتضغط المنظمات الدولية اياها، وليعج الإعلام الطائفي والدولي المخادع بمرثيات البكاء على الحالة الإنسانية، وليتم توظيف كل ذلك بشكل منظم لإعادة الوهج المفقود لحراك إرهابي في البحرين تحت المسمى الزائف: الثورة، وهذا هو الهدف الأصلي والتأثير في ذات الوقت في «الفورمولا». ونحن نقول حتى لو تم إلغاء هذه الفاعلية لأي سبب كان، فهذا لا يعني ان تستسلم الدولة للابتزاز أيا كان مصدره داخليا أو خارجيا، لأن أمن الوطن أهم من أي شيء آخر، والاستسلام للابتزاز أقرب طريق للفوضى.

} الدولة البحرينية في مواجهة هذا الإرهاب المنظم، المتعدد الأشكال والوجوه، ولا يغيب عنه الإرهاب الفكري والسياسي والعقدي والمظلومية الأزلية المدعاة، من حقها وفي كل وقت، ان تتخذ كل الإجراءات المكفولة لها حسب القانون الداخلي، وحسب القوانين الدولية بعد سحب رداء ازدواجية المعايير عنها، لكي تحافظ على سيادتها وشرائعها، وأمنها، ولكي تنقذ البلاد من دنس وخداع جمعيات منافقة، تدعي الإصلاح والديمقراطية، فيما هي تدافع عن الإرهاب وقيادات الانقلاب والشبكات التخريبية في البحرين، وتحمل أجندة هي مكشوفة للجميع.

} من حق الدولة اليوم ان تمارس (المكاشفة) وان تضع الأطراف الداخلية والخارجية أمام استحقاقاتها المختلفة، وأمام استحقاقات الجرائم المكشوفة والمبطنة التي يتم ارتكابها في حق البحرين ودعمها لإشاعة الفوضى فيها، بل هي مطالبة من شرفاء هذا الوطن، بتسليح رجال الأمن الذين يتم استهدافهم كل يوم ليتحولوا إلى أكثر ضحايا هذا الإرهاب المنظم والممنهج، فيما الانقلابيون الإرهابيون يروجون كل يوم عن إرهاب الدولة، وفي طريقهم لإثبات ذلك يحولون حتى الموتى والوفيات الطبيعية من العجزة وكبار السن وغيرهم إلى قائمة الشهداء.

ولذلك، فإن قرار الدولة بعدم الرضوخ للابتزاز وبعدم ترحيل (الخواجة) نراه قرارا صائبا، ينتظر شعبنا إجراءات أخرى تتسم بالقوة والحسم والقانونية لانقاذ بلادنا من وباء الإرهابيين في كل المجالات.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة