الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٤٢ - الاثنين ١٦ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٢٤ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عالم يتغير


للمندفعين من أهل الفاتح نقول: لا تتطبعوا بطباعهم





} ليس من شيم أهل الفاتح، وغالبيتهم العظمى من أهل السنة، التشبه ولو بشيء ضئيل من أخلاقيات المخربين والانقلابيين، أو التشبه بسلوكاتهم، فكلتاهما معا مرفوضة، لأنها أخلاقيات وسلوكات لا تنتمي إلى ثقافة هذا البلد، ولا إلى حضارته وتاريخه، ولا إلى الطباع الأصيلة لأهله، التي هي مضرب الأمثال في كل الأزمنة والأمكنة.

هي أخلاقيات وسلوكات تنتمي إلى ثقافة أخرى، وإلى طباع بلد غير عربي آخر، شاء القدر ان يلعب ساسته ومرجعياته بعقول التابعين لهم من خلال ثقافة طارئة على بلادنا، جدد أصحابها أساليب الاستحواذ فيها على بعض الشيعة في البحرين والخليج، لتصدير «ثورة التشيع الصفوي» من خلالهم وملء النفوس بأحقاد وضغائن تاريخية ومعاصرة دفعت إلى عدم موالاة للوطن أو للهوية الأم، وعدم انتماء للعمق الاستراتيجي الذي هو الخليج العربي، وعلى رأس دوله السعودية، وانما الانحياز إلى تيار في المذهب، تم وضعه فوق الوطن، واستمد أصوله من عنصرية قميئة ضد العرب، متسترة برداء حب اهل البيت، لتدخل «السياسة الصفوية» من مدخل الوجدانيات الدينية الخادعة، وليصبح هؤلاء مدخلا لشيء أخطر، هو محاولة إلحاق الوطن او البحرين وإلحاق دول الخليج العربي لبلد مصدر «الصفوية» ومحاولة جعلها نسخا من الوضع السياسي والعقدي في العراق، الذي يعربد فيه الصفويون اليوم كما لم يحلموا طوال تاريخهم.

} لهذا فاتباع تيار ولاية الفقيه لا يعبأون ولو قليلا بالمصلحتين الوطنية والشعبية، ولذلك هم يمارسون العنف والتخريب، ولهذا تدرجوا حتى وصلوا إلى الارهاب وتهديد الأرواح والممتلكات.

ولهذا هم يعبثون بأمن واستقرار هذا البلد، ولذلك هم يمارسون الاخلاقيات الدخيلة على شعبنا من احتراف السباب والشتائم، وتوجيه الاهانات للقيادة ولأهل الفاتح، وصولا إلى الكذب المنهجي والفبركة وتزوير الحقائق، تحت غطاء مشروع لديهم هو (التقية) التي تمثل لدى المتطرفين هؤلاء كل مذهبهم.

} تلك الاخلاقيات وتلك السلوكات التي تدور في إطار استهداف الممتلكات العامة والخاصة أو الافراد، ليست من طباع أهل السنة، وليست من سلوكاتهم، ولا يبررها أخلاقيا أي غضب او استياء أو تذمر ضد التخريبيين والارهابيين الذين احترفوا التخريب والعنف طوال سنوات بل عقود عديدة، مثلما لا يبررها نفاد الصبر من اسلوب الدولة في التعامل مع هؤلاء، وليتذكر هؤلاء ان حكمة القيادة هي التي حافظت على بلدنا أيضا حتى الآن.

فما هو مرفوض من اولئك الانقلابيين والتخريبيين هو مرفوض، حتى في ادنى درجاته وبشكل مطلق، بالنسبة إلى أهل الفاتح.. لماذا؟

لسبب أولي بسيط هو ان اي تطبع بطباعهم أو اخلاقياتهم أو سلوكهم، هو انتصار لهم على الاخلاق البحرينية والاسلامية الصحيحة وعلى الأخلاق الانسانية الصحيحة.

والسبب الثاني ان ممارسة التخريب ونموذجه ما حدث من الاعتداء على محلات ٢٤ ساعة هو انسياق وراء سلوك التخريب المرفوض بغض النظر عن الموقف من صاحب تلك المحلات وهو اسهام في اشعال الفتنة الطائفية التي عجزوا عن تحويلها إلى اقتتال طائفي حتى الآن، وفي ذات الوقت ضرب في اختصاص الاجهزة الأمنية، وتطاول على مهماتها، لتصبح الفوضى هي سيدة الموقف. كل ذلك وغيره هو تحديدا ما يريده المخططون الداخليون والخارجيون لاشعال نار الحرب الاهلية والفوضى وضرب سيادة القانون من كل الجهات أو المكونات.

} أهل الفاتح مطالبون اليوم بتحديد الهدف والأولويات ووضع خريطة طريق، و(خريطة وعي) بما يحدث لهم وحولهم، وعدم الانجرار إلى المخططات الخبيثة التي تستهدف عقولهم وارادتهم وموقفهم، وعدم الانسياق وراء الانفعالات والعواطف وردود الفعل غير المدروسة، وخاصة تقليد عناصر التخريب والعنف، ففي ذلك خسران للنفس ودفع للوطن إلى طريق الانفلات و(اظهار لهم بمظهر المعتدى عليهم والمظلومين مع انهم الظالمون) كما قال الدكتور عبداللطيف المحمود.

} هؤلاء الشباب المندفعون من اهل الفاتح، لا يهمنا في هذا الموقف وهذا الظرف الوطني من اي تيار سياسي او ايديولوجي هم، أو لأي جمعية ينتمون، أو ما هو حجم خلافاتهم الفكرية ومآخذهم على ما يحدث أو على اسلوب الدولة في المعالجة، الذي يهمنا: هل هم واعون فعلا بالطريق الذي بدأ بعضهم الخطوَ فيه؟ هل هناك من يلعب بعقول بعضهم، ويدفعهم عبر زيادة وتيرة التذمر بزيادة وتيرة الغضب أيضا وردات الفعل وعدم القدرة على التحكم في النفس، لتنفلت بعدها النتائج السلبية على الوطن؟

× الذي يهمنا انهم ينتمون إلى شرفاء هذا الوطن، الذي حافظوا عليه حتى الآن، في وجه اعتى المخططات واكبرها، يوم خرجوا جميعا إلى الفاتح ليعلنوا صرختهم المدوية، وموقفهم الوطني، ورأيهم في السلوكات المنفلتة اثناء الأزمة، وليقفوا سدا منيعا في وجه الانقلابيين آنذاك ولاحقا، اي ليكرروا وقفتهم وموقفهم فيما جاء من تبعات لاحقة للأزمة مستمرة حتى اليوم، والذي ميزهم في كل ذلك هو (وعيهم وحدسهم بالمخاطر والتهديدات التي تهدد وطنهم) فهل تراجعت تلك المخاطر او التهديدات ام زادت بعد ان اتضحت وانكشفت؟ هل هم اليوم في موقف آمن حتى يفلتوا طاقة ردود الافعال غير المحسوبة، ومنها الاعتداء على فروع محلات تجارية لتاجر لهم موقف مضاد منه، رغم انهم يعرفون ان هناك مخططا لاستهدافهم بمثل تلك السلوكات وغيرها من ردود الافعال لانجاح الحراك الانقلابي الذي فشل بسبب وعيهم؟

} الذي يهمنا اليوم أكثر من أي يوم مضى ان تتوحد ارادة أهل الفاتح وارادة قياداتهم وأن تتوحد الرؤية الوطنية، فلا يتخلوا تحت أي ظرف أو مبرر عن الدفاع أولا وأخيرا عن وطنهم، وخاصة مع وصول الانقلابيين إلى مرحلة التطرف الاخير والارهاب المتصاعد، فلا يسعفوا هؤلاء في خلط الأوراق وتعمية الاعلام بأن التخريب يمارسه اليوم أهل السنة أيضا، أو أن يقولوا بسبب عمل تخريبي واحد أو أكثر انه يتم الاعتداء عليهم، فيلبسوا لباس المظلومية الجديدة إلى جانب القديمة، رغم ان لا نسبة ولا تناسب بين عنفهم وأعمالهم التخريبية والارهابية وبين بعض ردود أفعال الشرفاء. ولكن لأنهم يتصيدون والدعم الاعلامي الطائفي وغيره يدعمهم، فإنه بامكانهم ان يساووا بين تخريب واجهة او محل او رمي حجر بممارسات التخريب والعنف والحرق وغيرها التي يمارسونها ليل نهار ومنذ سنوات طويلة، وتصاعدت حتى دخلت مرحلة الارهاب الممنهج، لا تعطوهم هذه الفرصة للمزايدة وللمتاجرة ولخلط الأوراق، ولا تهدوهم مثل هذه الهدية، وتكونوا كمن يريد ان يكحلها فعماها، فلا أخلاقياتكم تشبه أخلاقيات الغوغاء المتطرفين، ولا سلوكاتهم محل التقليد ولو في أدنى الصور.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة