الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥١ - الأربعاء ٢٥ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٤ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عالم يتغير


للسفير الأمريكي: ما لا تقبله في بلدك لن نقبله في بلدنا





} حين أكد سمو ولي العهد أثناء لقائه السفير الأمريكي في الثامن من هذا الشهر (ثقافة الحوار باعتباره مفهوما متأصلا في المجتمع البحريني، وأنه لن تستطيع فئة أو جهة الاستفراد بوجهة نظرها أو قناعاتها على حساب جهة أخرى، وأن الحوار هو الطريق الأنسب إلى الوصول إلى الغايات المطلوبة، مثلما أكد أن المجتمع البحريني بكل مكوناته يدين العنف كونه سلوكا دخيلا ولا يمت إلى طبيعة الإنسان البحريني بأي صلة، وأن المجتمع الدولي والقيم الإنسانية ترفض العنف والتخريب الذي يمس الإنسان والمكتسبات)، فإن سمو ولي العهد وقبله جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وضعوا النقاط على الحروف وخاصة في حديث ولي العهد مع من يراه البحرينيون الشرفاء أنه «مهندس الفتنة في البحرين» مع اختلاف واحد لدى الشرفاء في وجهة النظر (ان أي حوار لا يمكن أن ينجح قبل أن يتخلى التخريبيون عن تخريبهم، والإرهابيون عن إرهابهم، والانقلابيون عن أجندتهم وارتباطهم أو ولائهم للخارج)، و«الوفاق» التي لها علاقة مباشرة ومشبوهة سواء مع السفارة الأمريكية أو غيرها ومع المنظمات الدولية المسيسة والأحزاب الطائفية الموالية لولي الفقيه في طهران أثبتت أنها لا تريد الحوار أو الحل السياسي رغم طنطنتها اليومية عنهما، وانما هي تريد ممارسة دورها المرسوم لها في تخريب هذا البلد، وإذكاء نار الفتنة والأزمات فيه حتى تصل إلى ما يفعله (المالكي) اليوم في العراق الذي يجسد ما أرادته أمريكا للمصير العراقي.

} اليوم دور السفارة الأمريكية ودور من يعمل سفيرا فيها بات من الانكشاف والانفضاح إلى الحدود التي لا يمكن تسميتها إلا بالتدخل المباشر في الشئون الداخلية للبحرين، التي هي دولة مستقلة وذات سيادة وتنهج النهج الديمقراطي على خلفية ترسيخ القانون والمؤسسات وتتطور في أساليبها الديمقراطية والإصلاحية بشكل تدرجي بل متسارع وبما يتناسب مع التوافق الوطني والمصالح العليا للبحرين ولشعبها، الذي طالما أشادت به أمريكا، ولكن هذا تحديدا ما لا تريده اليوم الولايات المتحدة وفق مشروعها الفوضوي أو الشرق الأوسط الجديد أو ما سمته مؤخرا الربيع العربي، ولذلك هي تتلاعب بكل الطوائف في الوقت الراهن، ويلعب سفيرها (دورا منافقا) من حيث عدم تطابق الخطاب الدبلوماسي مع التحرك الميداني والعلاقات المريبة سواء مع جمعية الولي الفقيه أو مع بعض أهل السنة، والهدف غير المعلن هو تغيير النظام في البحرين كبوابة لتغيير أنظمة الخليج العربي كلها، وما كانت إشادة الولايات المتحدة السابقة بالإصلاح في البحرين إلا لتشجيع بلدنا على فتح الأبواب للاختراق اللاحق داخليا وخارجيا باستغلال الحريات.

} إن السفير الأمريكي ودور سفارته والعاملين مزدوجي الجنسية فيها يلعبون معا اليوم أخبث الأدوار الداعمة لعناصر الحراك الانقلابي الطائفي في البحرين وان وجهي ذاك الحراك سواء الوجه الذي يدعي المعارضة السلمية (الوفاق وأتباعها)، أو الوجه الذي يقوم ميدانيا بالعنف والتخريب والإرهاب والسفير يدرك تماما كل التفاصيل الحادثة في البحرين، مثلما يدرك أنه وسفارته يخرجان عن الخط الدبلوماسي المتعارف عليه في الدبلوماسية الدولية من حيث نشاط ودور السفارات الأجنبية في بلدان العالم، ويعرف جيدا حجم الازدواجية في المعايير التي يمارسها وتمارسها دولته من حيث الحرب على الإرهاب التي دوخت دولته العالم بها عقدا كاملا، وأن من حق البحرين الدفاع عن نفسها وعن مصالحها في وجه تبدل سياسة ومشاريع أي حليف لها حسب الادعاء، وبالتالي من حقها ألا يتم ابتزازها عبر الحريات والحقوق وغيرهما التي تنتهكها الولايات المتحدة بشكل دائم، وأكبر مثال سجن أبوغريب، وجوانتنامو وكيفية مواجهة أي احتجاجات في داخلها، بل إنها منذ أحداث سبتمبر وبحجة الدفاع عن أمنها القومي ضيقت على الحريات والحقوق في داخلها وشنت حروبا واحتلت دولا (العراق وأفغانستان) بكُلفة باهظة الثمن من حيث انتهاك الحقوق الإنسانية والحقوق الوطنية للبلدين، وقامت وتقوم حتى اليوم بكل الإجراءات التي ترتئيها سواء داخل أمريكا أو خارجها للحفاظ على أمنها القومي، فلماذا هي تعتبر وبناء على مقاييسها ونظمها وآليات عملها أن ما يحدث في البحرين من عنف وتخريب اتجها ليكونا إرهابا منظما وممنهجا أنه تعبير عن حريات وحقوق ومطالب سياسية؟ كم هو حجم التدليس وازدواجية المعايير هنا؟

} لماذا تعتبر استهداف رجال الأمن والأفراد والممتلكات والمنجزات الإصلاحية والمشاريع الاقتصادية واستهداف الأملاك العامة والخاصة أنه حراك سياسي وتعبير عن مطالب إصلاحية؟ ثم لماذا كل هذه الازدواجية أولا بين الوجه الدبلوماسي وبعض مفردات في خطاب سياسي أو تصريح صحفي وبين آليات الدعم المتخفية أو العلنية لعناصر الحراك الانقلابي العنفي؟

هل هو حراك سلمي فعلا؟ هل هو حراك إصلاحي فعلا؟ أم أنه حراك للانقلاب على الدستور والعقد الاجتماعي عبر العنف والإرهاب؟ حتى ان تستر خلف رداء جمعية شرعية يختلف فقط دورها عن بقية الجمعيات غير المرخصة وشباب ١٤ فبراير، اختلافا مرحليا وليس جوهريا، أو زمنيا وأداء، فجميعها في النهاية تلبس ذات الرداء الفكري والعقدي الموالي لتيار الولي الفقيه ولن نستغرب طبعا دعم الولايات المتحدة لأصحاب هذا التيار لأنهم أدواتها المرحلية في إحداث التغيير الذي تريده في البحرين والخليج العربي، حتى إن تناقض دعمهم واستخدامهم مع كل ما تعلنه من مبادئ ليبرالية ومدنية وديمقراطية وغير ذلك من المصطلحات التي لا نراها إلا للاستهلاك الإعلامي والخداع السياسي اللذين بالمناسبة دربت أدواتها البحرينية عليهما أيضا.

} للسفير الأمريكي وللولايات المتحدة نقول:

اعتقدتما أن البحرين لقمة سائغة، وتصورتما أن الذكاء الخبيث سينطلي على أهل هذا البلد الصغير، ثم اكتشفتما ما صدمكما ولذلك اليوم تلعبان على أهل السنة الذين وقفوا في وجه مخططكما التدميري الذي لعبتما من أجل إنجاحه مع إيران التي تدعيان أنها أم الشرور، فيما زواج متعة مصلحي يجمعكما معها كما جمعكم في العراق، وهذا حديث آخر.

تأكد أيها السفير غير المرغوب فيه من كل الشرفاء في البحرين، أن هذه البلاد الصغيرة قد استوعبت كل ألاعيبكم ونفاقكم ودعمكم لمن يقود عناصر العنف والتخريب والإرهاب، ونعرف جيدا أن كل ما تقومون به في العالم وفي بلدنا لا تقبلون به في بلدكم، ولا تقبلون أن يقوم ببعضه أي سفير أجنبي في عاصمتكم أو أي سفارة أو أي جهة سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها، فلماذا إذاً تعملون عبر كل الضغوط والدبلوماسية المخادعة واستغلال استبداد القوة لديكم بأن نقبل في بلدنا ما لا تقبلون بجزء ولو صغير منه في بلدكم؟

وجوابنا الذي هو جواب كل الشرفاء في البحرين أننا لن نقبل وسندنا في ذلك هو اعتمادنا على الله وحده، الذي هو أكبر من كل كبير في هذا العالم ووحده الذي حفظ البحرين ويحفظها من كل الشرور.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة